المشهد فى مصر مريب جداً، ورغم أن المشهد صورته الظاهرة تتحدث عن فتنة طائفية، لكنى أعتقد أن الحقيقة لما يحدث تحاول أن تتستر بأشكال كثيرة منها الفتنة الطائفية.
فمن المعلوم أن الكنيسة المصرية تأثرت برحيل نظام مبارك كثيرا وبل بكت عليه وهى تشعر بالخوف من مناخ الحرية الذى سوف يجعل لجميع المصريين المقهورين رأياً وتواجداً سياسياً، لذلك كان التعنت واضحا فى طلب إخراج المواطنات المصريات المحتجزات للعلانية، ورغم أن من يطالبون بإخراجهم بذلوا كل الطرق السلمية والقانونية، وتم وعدهم من المجلس الأعلى للتدخل وحسم الأمر إلا أن دفع الأمر فى اتجاه التعنت برفض طلب النيابة كان مقصودا واستغاثة تليفون 7 مايو كانت مقصودة والتصعيد بإطلاق النار فى إمبابة كان مقصوداً، لتحتل الفتنة المشهد (ومع إدانتى لكل العنف الذى خرج فى امبابة) ، لكن كان المقصود أن ينشغل الناس بمظلومية كاذبة للمسيحيين، وطالب بالتدخل الأجنبى وفى ظل ذلك كله يتم الابتزاز بتعطيل القانون أمام ماسبيرو ومصالح الناس والتجمهر والإتلاف للمبانى العامة والضغط لإحراج السلطة أمام العالم، ثم يخرج من خلف المشهد قوانين عديدة، منها دور العبادة وعدم التمييز.. الخ الخ، والأدهى هو تأجيل الانتخابات البرلمانية، وهو مطلب لشرذمة متغربة والأشد خطراً ومصيبة، وهو المراد من مؤامرة الفتنة، هو الخروج بمشروع دستور جديد وقد سبق أن مهد لذلك يحيى الجمل وتبعه فريق ليبرالى وشرذمة متأمركة بمؤتمر لذلك.
وكأن الجمل ومن تبعه يقولون لـ77% من الشعب المصرى وافقوا على التعديلات الدستورية باللغة العامية (طز فيكم وفى الاستفتاء وفى الحرية).
نعم يقولون للشعب (طز) فى حريتكم التى وافقت على التعديلات فقد جاء فى 189 التى وافق عليها الشعب الآتى (لكل من رئيس الجمهورية، وبعد موافقة مجلس الوزراء، ولنصف أعضاء مجلسى الشعب والشورى، طلب إصدار دستور جديد. وتتولى جمعية تأسيسية من مائة عضو، ينتخبهم أغلبية أعضاء المجلسين غير المعينين فى اجتماع مشترك، إعداد مشروع الدستور فى موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض رئيس الجمهورية المشروع، خلال خمس عشرة يومًا من إعداده، على الشعب لاستفتائه فى شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء)
ومن وراء ذلك وأمامه وعن يساره ويمينه حرب إعلامية خبيثة ضد التيار الإسلامى عنونت بتشويه السلفيين وكل ذلك لايحمل إلا قدرا كبيرا من الاستبداد والديكتاتورية، وقد صرح قائدهم الجمل بكل الألفاظ أنه ضد التيار الإسلامى الظلامى وهو تصريح يناقض ما يدعيه من ليبرالية وتضامنت معه جرذان فى الإعلام تخلت عن كل مهنية مقابل إخراج عداء متمكن فى قلوبهم وكراهية لانظير لها لإخوانهم من المصريين قبل أن يكونوا إسلاميين أو سلفيين كما يدّعون.
وقد وقع البعض من السلفيين فى الفخ وخرجوا يدافعون عن السلفية فقط، ولايدرى إخوانى أنها حرب ضد الحرية والعدالة التى يستنشق هواءها الآن المسلمون وهى حرب على كل ما هو إسلامى.
الشاهد أن كل من يتكلم عن الفتنة أو عن الديمقراطية والحرية يتحدث عن قبول الآخر وعدم كراهية الآخر، وهم فى نفس الوقت يعلنون كره الآخر من الإسلاميين وإقصائه بكل الطرق وتأليب السلطة ضده لتتخذ إجراءات عنيفة خارج القانون ضده.
حقاً إن المشهد فى مصر ينطق بالكراهية للإسلاميين وحرب إقصائية لا حدود لها يستخدم فيها القانون والمال لخدمة تلك الحرب.
الحقيقة أننى توقفت أمام ما يحدث وقلت فى نفسى ما الفرق بين ما كان يفعله نظام المجرم مبارك ومباحث أمن الدولة وما يفعله هذا اللوبى المتكون من مجموعة من المسيحيين والمتأمركين والتغريبيين ومّدعى زوراً الديمقراطية والليبرالية؟، لقد اتحدوا جميعاً رغم اختلاف الأسماء والأشكال على نفس منهج نظام مبارك وهو الإقصاء للإسلاميين وممارسة القهر عليهم بالقوانين الاستثنائية.
لقد حذرت بفضل الله تعالى من قبل من يحيى الجمل ودوره فى مجلس الوزراء، فالرجل كان وكيلاً للقذافى المجرم السفاح وتاريخه معروف فى جامعة القاهرة، حيث انتقد علانية المحجبات والمنتقبات وقال لهم فى المحاضرة "كل من على رأسها قرطاس ترجع للوراء"، مما تسبب فى مشكلة كبيرة وهو لا يخفى عداءه للإسلاميين بكل الطرق وأنا أشكره على صراحته ولقد تجمع حوله تيار لايستهان به وضعوه على رأسهم واليوم نقول، إن هؤلاء الأقلية يريدون أن يحكموا مصر بما يريدون رغم أنف أغلبية الشعب المصرى وهم يريدون تضييع هوية مصر الإسلامية ومحوها.
وللأسف بعض إخوانى انشغلوا بالفرعيات والقضية أخطر وأكبر تستدعى توحيد جهود كل المسلمين الشرفاء للحفاظ على هوية مصر الإسلامية، وهنا لايفوتنى شكر جماعة الإخوان التى انتبهت للمؤامرة ونددت فى ميدان التحرير 13 مايو بما يحدث فى مصر من مؤامرة على الحرية وعلى هوية مصر.
ولاتفوتنى الإشارة إلى أن ما حدث فى إمبابة فتنة لعن الله من أيقظها ويحاول نشرها فى محافظات أخرى (والشكر هنا لإخواننا السلفيين فى الإسكندرية لوأدهم فتنة هناك كانت تطل برأسها).
ويعلم جميع الشرفاء والمنصفين فى العالم أننا نحن المسلمين لايوجد عندنا أدنى مشكلة مع المسيحيين، سواء اجتماعية أو سياسية فديننا واضح لا لبس فيه مثقال ذرة ولكن المشكلة فى من له تطلعات خارج القانون وخارج قواعد العدالة والديمقراطية التى تعطى الحكم للأغلبية.
وحقيقة المشهد فى الواقع أنه تستغل أحداث لصنع مشاكل مقصود منها مخالفة القانون وعودة دولة داخل الدولة، ولكننا رغم كل المخططات سنحافظ على مصر وطنا لجميع سكانه، مسلمين ومسيحيين، يعيشون فى أمن وسلام.
وكما قلت وأكرر، ما يحدث فى مصر أكبر من إمبابة وأكبر من فتنة طائفية.
ما يحدث مؤامرة خطيرة وكبيرة تدار من خارج مصر وتنفذ فى مصر لعدم وصول الإسلاميين إلى أى مكان سياسى يسمح لهم بالمشاركة فى حكم مصر، أو فى أى قرار يصدر فى مصر، وراجعوا تشكيل مجلس الوزراء والمحافظين ومجلس حقوق الإنسان واتحاد أمناء الاذاعة والتليفزيون لايوجد إسلامى واحد، كأنهم غير مصريين لهم جنسية أجنبية لاتسمح لهم بتولى أى وظيفة فى الدولة، وغير ذلك الكثير من القوانين والتشريعات التى يتم سلقها على عجل قبل انتخابات البرلمان المنوط به التشريع، وراجعوا خبر الخمسين مليون دولار الأمريكية لدعم الليبراليين وأشكالهم، هذا المعلن والخفى يعلمه الله.
ويبقى أنه من الطريف أن الاسلاميين جميعاً سارعوا بتشكيل أحزاب للمشاركة فى العمل العام وانخرطوا فى العمل بآليات الديمقراطية ولكن من يدّعون الديمقراطية والليبرالية يكفرون بها إن كان فيها إسلاميون.
وهنا أقول إنه كما سقط نظام المجرم حسنى مبارك الظالم سيسقط كل ظالم فى أى مكان تعدّى على المسلمين، ولكن على المسلمين أن يبذلوا الأسباب فى دفع الظلم ليس بالشعارات ولا البكاء على المظلومية ولكن ببذل كل أنواع المدافعة العملية العاقلة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
محام وكاتب عضو مجلس نقابة المحامين
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود زيدان
اسلامية اسلامية
عدد الردود 0
بواسطة:
Memo
المسيحيين اول من قالوا لا لنظام مبارك ايها المتعصب الاعمي...!