بقدر ما ساهمت أمريكا فى صنع أسطورة عدوها "أسامة بن لادن" وأسطورة اغتياله صباح اليوم، بقدر ما ساهمت كتابات الكثيرين من الصحفيين، والمؤلفين والكتاب فى صنع "بن لادن" الذى قاربت أسطورته، أسطورة "على الزيبق" الشهيرة.
اجتمعت عشرات الكتب التى صدرت عن "أسامة بن لادن" على حقيقة واحدة، رغم تنوع أهواء وأفئدة مؤلفيها، وهى أن بن لادن، هو خطيئة أمريكا الكبرى، وأنها تحصد ما زرعته، من نبتة سوداء شريرة، هكذا ذهب الدكتور سيد قمنى فى كتابه "شكرا بن لادن" الصادر عام 2004 عن دار مصر المحروسة للنشر، يقول القمنى فى الكتاب: "ضمن حملتها على الإرهاب الدولى، اكتشفت أمريكا فوادح سياستها الخارجية التى أفرزت لها هذا الإرهاب، بعد أن أسهمت بباع وافر فى تنشئته، وتربيته وتدريبه، وتطويره، منذ دعمها بالمال والسلاح، وخبرات المخابرات الأمريكية، لمقاتلى الحرية، أيام كانت تسميهم بهذا الأسم فى حربهم ضد الوجود السوفياتى فى أفغانستان، إلى بذل الأموال السخية، لدعم الصحوة الإسلامية، وتحالفها مع أشد الأنظمة رجعية فى العالم، واكثرها فسادا واستبدادا فى البلاد الإسلامية، بغرض تحقيق أسرع وأقل كلفة للأهداف الأمريكية فى الخارج".
ويؤكد القمنى فى الكتاب أن عام 2001 الذى يصفه بالمهول، جعل أمريكا تكتشف أى مارد ربته، وغذته، وسمنته، يقول القمنى: "وجدت أمريكا نفسها فى مواجهة خطر عظيم، يصعب تحديده، أو الإمساك به، للقضاء عليه، منتشر عبر أكثر من سبعين دولة، يتناسخ ويتكاثر حشريا، حتى فى بلاد الغرب ، تغذيه وتقف من ورائه أيدولوجيا عقيدية متكاملة، تضمن لمقاتليها الخلود فى جنات النعيم".
أما الكاتب الأمريكى: "لورانس رايت" فأجرى عشرات اللقاءات الصحفية، مع عدد كبير من الشخصيات فى مصر والسعودية وباكستان وأفغانستا والسودان وإنجلترا وفرنسا وألمانيا وأسبانيا والولايات المتحدة، قبل أن يضع كتابه "البروج المشيدة القاعدة والطريق إلى 11 سيبتمبر، والذى ترجمته دار كلمات عربية عام 2009، وأصدرت طبعة ثانية منه عام 2010، وعبر 531 صفحة، حاول لورانس رايت، أن يطلع نفسه، ثم قراءه الأمريكيين، على التفكير، والأحداث التى أدت إلى هجمات 11 سيبتمبر، وصنع من أسامة بن لادن، رواية مشوقة، بدأها بمشاهد متعددة من حياته، عبر مراحلها المختلفة، بدأها بصباه حيث عمل لورانس رايت فى مدينة جدة السعودية، مسقط رأس بن لادن، ليتعرف على ظروف نشأته، وفى هذا الجزء من الكتاب، يورد رايت كيف اعترض بن لادن مبكرا على أغنيات لأم كلثوم، حاول سائق الأسرة تشغيلها فى "كاسيت السيارة"، وتفاصيل أخرى كثيرة، منها نشأة أيمن الظواهرى، وعلاقته المبكرة بأسامة بن لادن، ورحلة بن لادن إلى السودان، كما يتناول رأيت تفاصيل سوء العلاقة بين بن لادن وأمريكا، والتى بدأت بفشل مشاريع بن لادن فى السودان.
ولا يهمل رايت أن يروى سيرة حياة رجلين خطيرين، هما رئيس إدارة مكافحة الإرهاب فى الإف بى آى جون أونيل، والمدير السابق للمخابرات السعودية الأمير تركى الفيصل. ويكشف عبر قصصهما، تفاصيل عن تيارات الإسلام الحديث التى ساعدت على اعتناق كل من الظواهرى وبن لادن للأصولية، ومولد القاعدة وتطورها المتقطع حتى أصبحت منظمة قادرة على تفجير سفارتى الولايات المتحدة فى كل من كينيا وتنزانيا، والهجوم على المدمرة البحرية الأمريكية يو إس إس كول ، والجهود البطولية التى قام بها أونيل لتتبع القاعدة قبل ١١ سبتمبر/أيلول، وموته المأساوى فى برجى التجارة، وتحول الأمير تركى من حليف لبن لادن إلى عدو له، وفشل مكتب التحقيقات الفيدرالى والمخابرات المركزية الأمريكية والأمن القومى فى منع وقوع هجمات ١١ سبتمبر.
وفى كتاب ثالث صدر عن دار "النهار "بعنوان" أسامة" للصحفى جوناثان راندل، تتسبب لغته العاطفية، فى التأكيد على أن بن لادن صناعة أمريكية صرف، ويرجع راندل نشأة ظاهرة بن لادن، إلى إحباطات متعددة يتعرض لها فى وطنه، حيث ينشغل راندل بالتنقيب فى تاريخ أسرة بن لادن، وعمل والده فى اليمن، ويحكى راندل أساطير، عن صعود ثروة والده "محمد بن لادن" حينما أقنع الملك، ببناء قصر بممر خاص إلى الطابق الأول يوصله مباشرة إلى حجرة نومه، وهذا القصر، كان طريق الأب إلى عقد إنشائى كبير، حيث كلفه الملك عبد العزيز ببناء أكبر الطرق بين جدة والمدينة، ثم طريق آخر بين جدة والطائف، يختصر الرحلة من ثلاثة أيام بالجمال، إلى ثلاث ساعات.
وفى الكتاب الذى أصدره الفرنسى "رولان جاكار" عام 2001 بعنوان "باسم أسامة بن لادن" حاول "جاكار" مدير المرصد الدولى للإرهاب فى باريس، والخبير فى الإرهاب لدى مجلس الأمن، أن يقدم محاولة لفهم 11 سيبتمبر، متطرقا عبر كتابه إلى مختلف جوانب حياة أسامة بن لادن، معطيا صورا عن شخصيته، وكيفية استخدامه وسائل الإعلام، وحذره الشديد عند استقباله للصحفيين، ولا ينسى جاكار أن يشير كما فعل رولان رايت، إلى العلاقة بين الأمير تركى الفيصل، وأسامة بن لادن، حيث كلف تركى الفيصل مدير المخابرات السعودية، بن لادن بتنظيم مهمات " الأفغان العرب" وتجنيدهم، وتدريبهم.
كما يشير "جاكار" إلى أن أمريكا طلبت من السعودية عام 1990 وقف دعمها للأفغان العرب وبن لادن على الأخص، وهو ما شكل نهاية لمهمة أسامة بن لادن الرسمية الذى حاول فى الرياض إقناع العائلة الملكية، بضرورة مواصلة مساعدة المجاهدين، فى أفغانستان، لكن مطالباته، اصطدمت بحائط سد، وهو ما جعله يشعر بالخيانة، وبدأ يعارض السعودية، ويتحالف مع معارضيها، وينشق عليها، وندد علانية بوجود قوات غربية فى الأراضى المقدسة أثناء حرب الكويت، وهو ما جعله يغادر السعودية إلى السودان عام 1991.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة