لعلها المرة الأولى، منذ أن بدأت الكتابة العامة عام 1966 التى «يضطبنى» فيها القارئ، مرحبا بتعيين إنسان لموقع تنفيذى كبير، وقد تعود منى أن أكون ناقدا دائما، أكشف عن الخلل، وأحارب كل «وسواس خناس» يشيع فى الأرض فسادا.
والأمر هنا كان لابد أن يختلف، فنحن أمام قضية ذات شقين: أولهما، أنها تتعلق بمسألة تدخل فى باب «العار القومى»، حيث يصل عدد من لا يعرفون القراءة والكتابة فى مصر إلى ما لا يقل عن خمسة وعشرين مليونا، فى عصر يوصف بأنه «عصر التفجر المعرفى»، الأمر الثانى، أن الهيئة المسؤولة عن هذه القضية، منذ أن أنشئت منذ عدة عقود، وهى تكاد تكون حكرا على العسكريين، دون أن ندرى العلاقة بين قضية الأمية وبين أن يكون المسؤول لواء سابقا فى الجيش، دون أن يتضمن هذا تقليلا لقيمة ضباطنا، إذ إن ما كان يحدث عبر عقود كان يكشف عن «هزل» الدولة فى مواجهة هذا العار القومى«الأمية»، حيث تجد الهيئة التى أنشئت بغرض القضاء عليها، وكأنها تحولت إلى «مقهى معاشات» للعسكريين. وأن «يجرؤ» وزير التربية على ترشيح أستاذ جامعى متخصص، بدلا من قائد عسكرى، فتلك خطوة شجاعة حقا، لكن الحق الذى يجب أن يشار إليه أيضا، أن هذا يتم فى فترة يسيطر فيها على البلاد «مجلس عسكرى»، فهذه شهادة بموضوعية هؤلاء القادة، وعدم تعصبهم المهنى.
والدكتور مصطفى رجب، العميد الأسبق لتربية سوهاج، رجل ينفرد بين أساتذة التربية بحصوله على درجتى دكتوراه، أولاهما فى التربية، وثانيتهما فى الدراسات الإسلامية، وفضلا عن هذا وذاك، فهو «أديب» من طراز متميز، يبدع شعرا، وخاصة فيما عرف بين الأدباء بالشعر «الحلمنتيشى» الذى تتوافر فيها القواعد الفنية للشعر، لكنه يستخدم بعض الكلمات العامية، وينزع إلى الفكاهة وخفة الظل. حتى فى المقالات المفروض أنها جادة، تجد نزعة الفكاهة والسخرية، مما يذكرنا بعدد من أدبائنا ممن عرفوا بمثل هذه النزعة مثل عبدالعزيز البشرى ومحمود السعدنى، فهذا، على سبيل المثال، كتاب جمع فيه عددا من مقالاته فى الصحف، فيسميه «فى بلاد همبكستان»، فتجد عناوين بعض المقالات: «هيئة «النشل» العام»، و«اشتر صحتك، وودع تليفزيون الحكومة»، و«إيضاح العلل للهلال والجمل» - وزيرا التعليم السابقين- وهكذا!
وإلى جانب هذه الروح الساخرة، نجد الدكتور مصطفى يثرى الفكر فى مصر بعدد من الدراسات الجادة عن بعض مفكرى التربية فى موروثنا الثقافى، مثل « فكر ابن الأكفانى التربوى»، و«الفكر التربوى عند الشيخ الجيطالى»، وكذلك عند «السمعانى» فى كتابه «أدب الإملاء والاستملاء».. وهكذا.. لكن المسألة الأكثر أهمية، هى أننا نعلق على دكتورنا الهمام مهمة تكاد أن تدخل ضمن الفئة التى أشار إليها سبحانه وتعالى بأنها «أمانة» عُرضت على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، خاصة عندما يعلم الدكتور مصطفى أن مسيرة محو الأمية فى مصر بدأت منذ عام 1866، أى منذ مائة وخمسة وأربعين عاما!، إلى الدرجة التى يمكن أن تدفع بعض خائرى العزم أن يتساءلوا فى سخرية: وهل يستطيع صاحبك هذا أن ينجح فى ما فشل فيه طابور طويل من المسؤولين عبر هذا التاريخ؟
وأنا أؤكد لدكتورنا الهمام أن تصور أن يقضى على هذا العار القومى، فهذا من الأحلام، ذلك أننا بذلك نظلمه، كما ظلمنا بعض من قبله، لأن القضية مفروض أن تكون «قومية» لا تتحملها هيئة بمفردها تحت مظلة وزارة التربية، بل يتحملها المجتمع كله، من خلال وزاراته وهيئاته، وإذا استطاع دكتورنا أن يحاكى مشروع القراءة للجميع، من حيث السعى لمشاركة عدة وزارات وهيئات، حكومية وأهلية، فلربما يكون قد وضع قدميه على أولى درجات سلم التوفيق الذى نتمناه له، ولمصر أولا وأخيرا. فتحية، لا نقول لمصطفى بموقعه على رأس الهيئة، بل تحية للهيئة، فى تبوؤ هذا العالم الأديب موقع القيادة لها.
د. سعيد إسماعيل على
د. مصطفى رجب.. قائدًا لمعركة الأمية وتعليم الكبار!
الأربعاء، 27 يوليو 2011 04:03 م
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Dr Mahmoud
البطالة و الأمية
عدد الردود 0
بواسطة:
اكاديمى تربوى
هل نظم الشعر والروح الساخرة مقياسا لتولى المناصب؟؟؟!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
mard
ارحمنا يادكتورنا من ظلم حاتم عبدرالرحيم
عدد الردود 0
بواسطة:
العاملين بفرع الهيئة العامة لتعليم الكبار بالشرقية
ارحمنا يادكتور مصطفى من حاتم رفعت
عدد الردود 0
بواسطة:
العاملين بفرع الهيئة العامة لتعليم الكبار بالشرقية
ارحمنا يادكتور مصطفى من حاتم رفعت
عدد الردود 0
بواسطة:
طبيب وشاعر مصري بباريس
إدارة المبدعين تختلف
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد عبد الآخر
ملحوظة غريبة
عدد الردود 0
بواسطة:
osama
ربنا يعينك
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عباس عرابي-باحث تربوي
سُتحل يادكتور سعيدوابشر بالخير مفكرنا العظيم
عدد الردود 0
بواسطة:
باحث تربوي مقيم بالخارج
فعلا هذا هوالحل السليم كلام الدكتور سعيد