داخل عيادته التى اختير شارع فيصل مقرا لها وسط شريحة من فقراء مصر كان الدكتور إسماعيل أحمد شفيق أستاذ الجراحة على موعد مع حالة الصبى إبراهيم الذى جاء به والده من إحدى محافظات الوجه البحرى يحمله على ظهره . ورغم نحافة الأب كانت ضخامة جسد الابن القعيد الذى يعانى من عدم التحكم فى عمليه الإخراج, بالإضافة إلى ارتخاء عضلات الساقين وإصابتهما بليونة وتهتك فى الجلد جعل انفلاتهما من الأربطة يعرضهما لنزيف مستمر وهى حالة مرضية نادرة ..
كانت موازنة وزارة صحة مصر منذ حاتم الجبلى وحتى الآن قد أعلنت عجزها عن تحمل علاج الصبى الذى تردد به والده لسنوات على أبواب كل وزراء صحة مصر منذ حاتم الجبلى حتى الآن والتى كان الرفض ردها الوحيد فى كل مرة .. وحالة الصبى تحتاج لعدد من الجراحات داخل مصر لتعيده إلى أن يمارس حياته دونما الاعتماد على والديه تحديدا فيما يخص التحكم فى عملية الإخراج، كان لقائى مرافقا للصبى بالدكتور إسماعيل هو الأول .. فأنا أعرف أنه ابنا للعالم الجليل صاحب البصمات فى جراحات القولون وغيرها المرحوم الدكتور أحمد شفيق, وله انجازات علمية ينفرد بها فى علم الطب بالإضافة إلى بصمات لا حصر لها . كنت أيضا أعرف أن والدة الدكتور إسماعيل هى الدكتورة الفاضلة الفت السباعى أول سيدة مصرية تحصل على الدكتوراه فى الجراحة العامة فى مصر .. وأعرف أن والده كان يختار المناطق الشعبية لإنشاء عياداته ليكون قريبا من الفقراء والمعدمين خادما لهم .. وعلى الدرب يسير الابن ..
تأكدت من صدق إحساسى وهو أن إسماعيل أحمد شفيق لم يرث عن والده النبوغ العلمى الذى جعله صاحب انفراد ويسجل باسمه أول جراحة من نوعها لزرع عصب الشرج .. لكنه ورث نبل الأخلاق والحنو على الفقراء ..
وهو ما جعله يقرر دونما أى تردد أن يتحمل كل تكاليف الجراحة المطلوبة للصبى إبراهيم وأن يجرى الجراحة بنفسه, ليحيل شحوب وجه الأب إلى فرحة بددت الحسرة التى سكنت قلب أسرة الصبى لأكثر من 10 سنوات .. لقد ارتوى الصائم المحنى ظهره تحت جسد ابنه القعيد الفاقد لكل ما يمتلكه أى طفل أو صبى. بينما كان تفوق الصبى فى كل شىء بداية من الصبر على الابتلاء فلم يعرف اللعب واللهو وهو عشق الطفولة الأول .. وصولا إلى تفوقه فى دراسته الأزهرية..
كنت أثق أن الخير الذى احترق على يد وزراء البيزنس فى وزارة الصحة لابد أن الله استعاض لنا عنه بقلوب مازالت تملك الحب والرحمة والتسامح.
كان اهتمامى بالعالم الجليل احمد شفيق "رحمة الله" يأتى من متابعتى لحديث جاء مرات على لسان أستاذى جمال سليم نائب رئيس تحرير "جريدة العربى" فى التسعينيات، بالإضافة إلى متابعتى لأبحاثه صحفيا - كان حديثة - عن الدكتور أحمد شفيق يكشف من خلاله العديد من مزايا الرجل المفعم بالإنسانية ليتأكد لى من خلال نجله الذى صار عالما أن للعلماء تواضع ونبل وقلوب تمتلك كل ما هو جميل وأن فقراء مصر لن يضيعوا أبدا. حتى ولو استنسخت روح "فرعون" فى كل حاكم مصرى طالما مازال يعيش بيننا من تحمل نفوسهم روح الرحمة , والإنسانية , والقدرة على العطاء .. فتحية إلى العالم الدكتور إسماعيل أحمد شفيق الذى أنقذ الصبى بعدما ضنت وزارة الصحة أن تعيد له أدميته باعتبار أن نماذج الفنانين والراقصات وعمليات شد الوجه وتجميل صدور زوجات المسئولين وكبار القوم تمول من بند علاج الفقراء فى مصر بينما الغلابة يمتنعون !
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس احمد عبدالدايم
الخير فى وفى امتى الى يوم الدين
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmadhassan@hotmail.com
انا مريض من سوريا