اللحظة الحقيقية لانتصار الثورة المصرية، هى مثول مبارك أمام محكمة الجنايات ومشاهدة المصريين والعالم له على شاشات التليفزيون خلف القضبان لحسابه ونظامه على اعتدائه على المتظاهرين وإطلاق الرصاص بدم بارد عليهم، ورغم أننى أعتقد أن التهم التى يجب أن يحاسب عليها أكبر من ذلك بكثير، وكنت أتمنى أن تكون مرافعة الادعاء متضمنة إشارات واضحة لهذه الجرائم المتعددة التى ارتكبها ضد مواطنيه ووطنه وأمته، افساد الحياة السياسية والتنكيل بكل معارضيه والاستخدام المفرط لقانون الطوارئ ضد المصريين والسياسيين فى المحاكمات الاستثنائية، والأخطر هو تحويل النظام الجمهورى إلى نظام ملكى عبر العمل بشكل دؤوب لمدة عشر سنوات لتوريث الحكم فى مصر لابنه. الجرائم كثيرة ومتعددة ويجب أن تكون هذه المحاكمة هى محاكمة نظام بأكمله لسياسات أضاعت هيبة مصر والمصريين، سياسات مكنت لعصابات أن تنهب المال العام وتستبيح أراضى ومصانع مصر وتنتهك حقوق الإنسان وتستخدم التعذيب كسياسة منهجية.
وقرار البث المباشر للمحاكمة كان حكيماً مدركاً لقيمة هذه المحاكمة للمواطن المصرى الذى يريد أن يتأكد من حقيقة انتصار الثورة بالحكم على رموز النظام الفاسد وعلى رأسهم الرئيس المخلوع، ورغم ثقة المصريين فى قضائهم إلا أنه يطمئن أكثر وتزداد الثقة إذا تابع بعينيه إجراءات المحاكمة، ويشعر بالقلق كثيراً إذا تمت هذه الإجراءات دون أن يتمكن من متابعتها وقد تساوره الشكوك فى الإجراءات وتزايد الشائعات التى يمكن أن تعصف بالمحكمة وسمعتها لديه وبالطبع تؤثر على قبوله الحكم.
الأصل أن المحكمة صاحبة الكلمة الفصل فى إدارة الجلسات وتنظيم المحاكمة بما يحقق شروط المحاكمة العادلة والمنصفة وكذلك الحفاظ على الصالح العام، إلا أن قرار المحكمة بوقف البث لم يأت مشفوعاً بالأسباب التى يمكن أن تقنعنا بقرار العدول عن البث المباشر للجلسات، وبالتالى فإذا كانت هناك مخاوف من المحكمة فى حالة سماع الشهود أو دفاع المتهمين ما قد يؤثر على الصالح العام أو النظام العام فإننا نقترح أن تصرح المحكمة بتصوير الجلسات وأن يتم البث بعد انتهاء المحكمة، على أن تقوم الهيئة الموقرة بتحديد المقاطع التى يحظر بثها ويتم عمل مونتاج لهذه المقاطع ويصرح بالبث بعد ذلك، وهذا اتبع من قبل فى محاكمة الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين، وكان البث مباشرًا والقطع أيضا، حيث كان يأمر القاضى بمنع البث وكان هناك فارق زمنى بين المحاكمة والبث يمكن القاضى من حذف المشاهد والمقاطع التى يرى أن بثها يمكن أن يشكل انتهاكاً أو اعتداء على الصالح العام.
أعتقد أن الاستمرار فى البث مع وضع الضمانات للمحكمة للتحكم فيه يعد أفضل لتحقيق هذه المعادلة: أن تؤكد على حق المواطنين فى متابعة المحاكمة والتأكد من صحة الإجراءات وشفافية المحاكمة، وفى نفس الوقت تتحقق المحكمة من أنه لا يساء استخدام البث المباشر من قبل أى طرف من الأطراف بالإخلال بالنظام العام أو تهديد الشهود أو التحريض ضد أى سلطة قائمة. وأعتقد أن قرار المحكمة يحتمل تفسيره أن الممنوع هو البث المباشر فقط، وإنما يمكن أن يتم بث الأشرطة بعد تصوير الجلسات، وبعد تنفيذ قرار المحكمة بحجب ما ترى حجبه من مقاطع لأسباب محددة تتعلق بالآداب العامة أو النظام العام أو الصالح العام، وهى معايير محددة تعرفها المحاكم وطبقتها كثيراً. إلا أن استمرار المنع وحجب الصورة عن المواطنين المصريين يفتح الباب للإشاعات والقيل والقال ويمكن أن يؤدى إلى تعبئة الرأى العام، بأن هناك سيناريوهات أخرى يجرى تنفيذها فى الظلام لإفلات المتهمين من العقاب.
لاسيما أن هناك ثغرات كثيرة فى ملفات القضايا وغياب أدلة كثيرة كان من المفترض أن تكون ضمن الملف، فإذا كانت علانية المحاكمة هى ضمانة من ضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين فإن بث المحاكمة ونقلها للملايين من المواطنين المصريين ضمانة لأن يطمئن الشعب المصرى من أنهم بالفعل قد حاكموا رئيسهم السابق على جرائمه فى محاكمة عادلة وعلنية وشفافة، وهو حق للمصريين اكتسبوه بثورتهم لا يجب أن يصادر منهم مع الاحترام والتقدير لهيئة المحكمة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد هيكل
لا للبث التلفزيونى لمحاكمة مبارك
عدد الردود 0
بواسطة:
المصرى الاصيل
الشعب يريد اذاعة الجلسات
عدد الردود 0
بواسطة:
د0محمد
الذين تلاعبوا بالأدله ومحوا أو أتلفوا شرائط التسجيل والفيديوا واتحقيقات القاصره أليس لها
عدد الردود 0
بواسطة:
سيد بدوي
من حقنا متابعة الجلسات
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عادل الجندى
لآ للايقاف
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد البديع زهران
سؤالين الى الاخحافظ ابو سعدة
عدد الردود 0
بواسطة:
هبة
لا للتشفى و قلة الأصل
عدد الردود 0
بواسطة:
شريف ابو شهد وعلى حلوان
لكل ظالم نهايه
عدد الردود 0
بواسطة:
arafa milano
حل كويس جداااااا