انطلقت التفسيرات والتحليلات السياسية بعد غزوة الجمعة الماضية والتى وصفها البعض بـ«جمعة الخيانة» إيماء إلى الإحساس الذى تولد لدى النخبة من أن تيار الإسلام السياسى خان حلفاء من أحزاب الكارتون الذى تحالفت معه من البداية، ونقض اتفاقه مع تحالفات وائتلافات شباب الثورة بشأن وحدة الصف. وقد جاء انسحاب معظم ممثلى التيارات المدنية من الميدان بعد قيام أصحاب الفكر المتشدد بإطلاق الشعارات المطالبة بالدولة الدينية وتكفير المدنيين ودعاة الديمقراطية، والهجوم على كل أفكار وأحلام وتطلعات الثورة، ورفع علم السعودية للمرة الثانية داخل التحرير، وغيره من مظاهر الفرقة ونبذ الآخر مسيحيا كان أو مسلما، مادام لم يتفق مع حكام الغد. وقد بدا كأن شركاء الإسلاميين من التيارات غير الدينية المختلفة صدموا فى حلفائهم الجدد، وكأنهم توقعوا أن يحترم من حمل السلاح فى وجه الشعب المصرى ومزق أشلاءه فى غارات إرهابية وقطع عيشهم لسنوات بعد ضرب السياحة أية اتفاقيات تبرم معهم. ونسى هؤلاء أن حلفاءهم الجدد قادرون على استدعاء فتاوى دينية لتبرير أى خطط ماكرة يلجأون إليها، وهو ما حدث بالفعل وسمعنا شعارات «خدعة الحرب» وغيرها من التبريرات لموقفهم الذى لا يخدم إلا مصالح من يدفع لهم ليحملوا أعلامهم على أرض الوطن، وهو فى حد ذاته عمل أتخيل يرفضه كل المصريين الشرفاء. ولكن إذا أردنا أن ننظر إلى ما حدث يوم الجمعة الماضى بشىء من الموضوعية، فعلينا أن نشكر الله الذى كشف هوية واهتمامات هذا التيار قبل فوات الأوان. وبدلا من السخط على التيار الإسلامى لأنه منظم عن باقى التيارات، وجب الآن التفكير فى الوحدة والعمل الجماعى إذا أردنا أن نخرج بدرس مما حدث يوم الجمعة الماضى. فليس لدى التيارات غير الدينية إلا نفسها لتلوم على تردى الأوضاع وضياع الثورة، لأن هذه التيارات تشرذمت وراحت تبحث عن مصالحها الخاصة بعد نجاح الثورة وتفتتها فى اتجاهات مختلفة وغير متحدة بل حارب بعضها البعض فى الوقت الذى تقارب فيه التيار الدينى ونزل الشارع وعقد الصفقات السياسية، وحاز أكبر مكاسب من الثورة التى رفضوا المشاركة فيها من يومها الأول، بل خرج بعضهم بفتاوى عدم إجازة الخروج على الحاكم قبلها بأيام.
أعتقد أن الذى حدث يوم الجمعة سوف يدق ناقوس الخطر عند كل مصرى يحب ويعشق حريته لأن هذا التيار الدينى لا يسعى إلى شىء أكثر من الحصول على حق الحلال والحرام فى مصر. وقد أثبتوا قطعيا أنهم فى حال الوصول للحكم فسوف يحجرون على الجميع. وهذا هو الخطر الذى وجب التوحد ضده. الغريب أن شباب الثورة هم من أخرج معظم هؤلاء من السجون وأعطاهم الحرية الذى يتمتعون بها الآن بل وقبل الجميع التيار الدينى كشريك سياسى فى الشارع المصرى، لكن التيار الدينى هو من يرفض الجميع، فشباب الثورة فى وجهة نظرهم مع شخصيات عامة أدت لنجاح الثورة والليبراليون واليساريون والأقباط والصوفيون وغيرهم هم من العلمانيين الكفار. وجاءت عمليات إقصاء كل هذه التيارات من الميدان يوم الجمعة وخصوصا رفض دخول ائتلاف الطرق الصوفية واتهامه بالشرك من قبل السلفيين كأكبر دليل على أنه فى حالة تولى هؤلاء الحكم وان يبقى معارض لهذا التيار. لقد حان موعد القائمة الموحدة للتيارات غير الدينية سواء كانت يسارية أو ليبرالية أو حركات شبابية لم تصبح أحزابا بعد ولكن لها وجودًا فى الشارع. لقد آن الأوان للنزول إلى الشارع والتفاعل مع الجماهير بعيدا عن العصبية الحزبية ولكن فى شكل أجندة مصرية تتحد عليها الأحزاب والحركات اللادينية لربما نستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. أما فى حالة استمرار التناحر الحزبى للقوى غير الدينية فمرحبا بالدولة الدينية ولن نلوم إلا أنفسنا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
تامر عناني
غير مقتنع بكلامك بالمره
غير مقتنع بكلامك بالمره.............من انت
عدد الردود 0
بواسطة:
ك.م. سعيد عبد الرسول
ميخائيل منير
عدد الردود 0
بواسطة:
esmat
كراهية بدون عقل
عدد الردود 0
بواسطة:
اسلام منصور
من اين اتيت
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed
على فكرة!
عدد الردود 0
بواسطة:
منصور لاسناوى
إسقاط
عدد الردود 0
بواسطة:
رضا
يمكن يفهم
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد على
انا بتفق معاك فى كل الى قولتة
ولكن الجهل والتخلف فى مصر هو سيد الموقف
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد القادر
عيب عليك يامايكل تقف مع امريكا ضد بلدك
عدد الردود 0
بواسطة:
abdelhalim
اطلع منها انت