فى الأسبوع الماضى، كتبت فى المكان الحالى نفسه، مقالا بعنوان «موت يا حمار، إلى أن يتحرك وزير الصحة»، حيث أشرت إلى محاولتى الفاشلة فى أن أحظى بموعد عاجل لمقابلة وزير الصحة، دفعتنى إلى طلبها استغاثة زوجة مصرية، كانت تبكى بكاء حارا حيث كان زوجها، الطبيب بوزارة الصحة المصرية، الذى كان معارا لإحدى الدول العربية، فى حالة صحية يصحبها الاحتمال الأقوى للموت، رغم تنفيذى تعليمات مكتبه بأن أقدم طلبا مكتوبا، فى 17/8 الماضى، فى الوقت الذى رأيت فيه هذا نهجا متخلفا، ويخلو من الذوق ومن اللياقة، مع أستاذ أفنى من عمره، فى الجامعة ما يقرب من نصف قرن.
ولما لم أجد أحدا «يُعَبّرنى»، كان أن كتبت المقال المشار إليه.. وانتظرت أيضا أن «يُعَبّرنى» أحد، خاصة أننا نرى رئيس الوزراء يقابل «طوب الأرض» فى أى وقت، فضلا عن تعودنا أن نرى شكاوى قراء تنشرها الصحف، فيسرع المختصون، التابعون لكل مسؤول، بمتابعة ما تنشره الصحف عن وزارتهم، والرد عليهم، لكن أيضا، وفى حالتنا، لا حياة لمن تنادى!!
لقد فهمت الآن مغزى ما كان يرد به البعض على استنكارى الدائم لسياسة الاعتصامات والإضرابات الحالية، التى كنت أرى أنها تعطل عجلة العمل والإنتاج، حيث كانوا يقولون إن هذه هى الطريقة الوحيدة التى تجبر الحكومة على التصرف بإيجابية وبسرعة، لأنها – معذرة – «تخاف ولا تختشيش» !! ويا ليتنى أملك من العافية والصحة ما يساعدنى على أن أفترش الأرض معتصما «متسولا» مقابلة معالى الوزير، كبير أطباء مصر المحروسة، وحامى حمى الصحة الوطنية فى عهد الثورة، والمحافظ الأمين على عهد «أبقراط»، الشهير، حتى يستجيب لأستاذ جامعى مسكين مثلى، لا يملك سلطة ونفوذا، إلا سلطة «العلم» التى قال عنها «نجيب الريحانى» فى فيلم غزل البنات،، مصورا رأى السلطة التنفيذية: «طز»!!
وبعد منتصف ليلة الجمعة، 26/8، وبعد أن تناولت سحورى، مخلدا رأسى للنوم، إذا بى أستيقظ مذعورا على رنين جرس هاتفى فى الساعة الثالثة والنصف صباحا، لأسمع صوت الزوجة المسكينة تنتحب بشدة، انتحابا تصحبه شهقات متسارعة، متقطعة، ولم أتبين من كلامها إلا جملة واحدة «على مات يا دكتور سعيد»!!
صحيح أننا نؤمن بالقضاء والقدر، وأن الله سبحانه وتعالى قد «قدّر» لأخينا الوفاة فى توقيت حدده هو جل شأنه، لكننى لم أستطع أن أمنع مشاعر عارمة بالسخط والغضب على وزيرنا المؤسف، الذى نعوذ بالله أن نتهمه بأنه «مسؤول» عما حدث، ولكننا نعلم فى الوقت نفسه أن علينا أن نأخذ بالأسباب أولا، وبعد ذلك يفعل الله ما يريد، فى الوقت الذى يحدده، فى المكان الذى يعينه، ووزير الصحة لم يبذل جهدا فى اتخاذ الأسباب، بل أهمل وفرّط فى الإهمال، وضرب بأبسط قواعد الإنسانية عرض الحائط!!
ربما يقول قائل: وما أدراك أن الوزير قد علم بما تريد؟ أو بالموضوع كله أصلا؟ وهنا يقفز إلى الذهن القول الشهير «إن كنت لا تدرى فتلك مصيبة، وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظم»، فلا ينبغى أن نلقى التبعة والمسؤولية على كاهل «المساعدين» و«المعاونين»، كما هى عادتنا، فالمسؤول الأكبر- الوزير- هو الذى اختار الأشخاص، وهو الذى حدد قواعد التعامل، أو وجد هذا وذاك قائما، فأقره، فيصبح هو المسؤول، إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر!
لقد أرسل شارلمان، الإمبراطور الرومانى الشهير، يسأل هارون الرشيد: كيف يتمكن من أن يحكم هذه الإمبراطورية الإسلامية المترامية الأطراف؟ فكان رد الرشيد: لأنى أُحسن اختيار الرجال!!
لقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن ندعو «على» أحد، لكننا لا نستطيع أن نمنع أنفسنا من إبداء مشاعر عدم التقدير لهذا الوزير، والذى من حسن الحظ أن ذاكرتى العتيدة رفضت أن تحتفظ باسمه!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
دكتور : ناصر علي
البقاء لله
عدد الردود 0
بواسطة:
truepharmacist
معك كل الحق
عدد الردود 0
بواسطة:
د.احمد سعيد
اسوا وزير صحه
عدد الردود 0
بواسطة:
د - طارق محمود
وزير صحه ميدان التحرير فى ثورستان
عدد الردود 0
بواسطة:
د مازن
احنا مش عاوزين وزير صحه احنا عاوزين معجزه
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
كفاية بقي
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى
نداء الى وزير الصحة
عدد الردود 0
بواسطة:
سلبم
ميدان التحرير هو الحل
عدد الردود 0
بواسطة:
د.رشا
نأسف يا مريضنا العزيز ولكن وزيرنا جعل الاضراب هو الحل
عدد الردود 0
بواسطة:
د.رامي سري الدين
وزير لم يهتم بالمرضى ....لم يهتم بتطوير امكانيات مستشفياته و اهتم زي اللي قبله بالرخام الج