فوجئنا، أثناء متابعة محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك ونجليه ووزير الداخلية السابق حبيب العادلى ومعاونيه، بوجود شاهد ضمن شهود الإثبات، وهو المسؤول عن التسجيلات الصوتية فى غرفة العمليات خلال فترة الثورة، وأثناء معاينة النيابة للتسجيلات تم الاستعانة بالمذكور لتشغيل التسجيلات الخاصة بغرفة العمليات، إلا أنه قام أثناء معاينة النيابة بالضغط على زر المسح بدلاً من زر التشغيل، لينتهى بذلك أهم الأدلة المادية القائمة عليها جريمة قتل الثوار، وهو نص المحادثات بين رموز وزارة الداخلية إبان فترة الثورة.
وذات الأمر بالنسبة لقضية قتل وإصابة المتظاهرين سلميّا فى أحداث موقعة الجمل التى قام بها أعضاء النظام السابق من خلال حشد عدد كبير من البلطجية والمجرمين وأصحاب السوابق بالجمال، وإطلاقهم على المتظاهرين سلميّا فى ميدان التحرير فى معركة غير متكافئة راح ضحيتها العديد من شباب الثورة، حيث استخدمت فى هذه المعركة أنواع مختلفة من الأسلحة، واستمرت المعركة أكثر من عشر ساعات فى الوقت الذى كان فيه القناصة بأسلحتهم المميزة، التى يصل مداها لأكثر من ألف متر، يعتلون المبانى فى الميدان، ويقومون بقتل المتظاهرين بدم بارد، مستهدفين إشاعة أكبر قدر من الرعب بين جموع الثوار من أجل القضاء على الثورة فى مهدها، والحفاظ على استقرار النظام السابق على دماء شهداء الثورة.
الغريب أن قضايا بهذا الحجم تضم أدلة مادية بالغة الخطورة والأهمية على حد سواء، انطلاقًا من كون القانون بشكل عام لا يتعامل مع أقوال بقدر ما يتعامل مع أوراق ومستندات ودلائل وشهود.
ولكن على العكس فما حدث على أرض الواقع يتناقض مع هذه الحقوق، فقد تعرض العديد من الأدلة الجنائية للعبث من قبل ضباط الشرطة، حيث لم يتم جمع تلك الأدلة إلا فى وقت متأخر، فمثلاً تسجيلات الشرطة تم العبث بها، ولم تستطع لجنة تقصى الحقائق فى قتل المتظاهرين تفريغها، كما أن ترك الضباط فى مناصبهم رغم أنهم يحاكمون فى قضايا قتل مكنهم من العبث فى أدلة إدانتهم وممارسة ضغوط قوية على أسر الشهداء والشهود.
حيث إن الأدلة المادية فى ملفات هذه القضايا تم العبث بها بإصرار لإخفاء معالم الجريمة، فأشرطة الفيديو التى تم تصويرها بكاميرات كانت مزروعة فى ميدان التحرير وعلى المتحف فجأة أصبحت فارغة، ذلك أن الفنى المسؤول قد ضغط على زر المسح بدل زر التشغيل، كما أن البنادق التى تم تحريزها فى قضية قتل المتظاهرين لا تتناسب أبدًا مع قتل أكثر من ٨٠٠ شهيد، ونوعية الفوارغ للذخيرة أيضًا تثير الشك والريبة، وكأن الذى قدمهم للنيابة يريد أن يزرع أسباب البراءة فى ملف القضية، أى إذا كانت الأحراز تضم بنادق غير التى استخدمت فى أعمال القتل لاختلاف العيار أو النوع الخاص بالسلاح فضلاً على تعديل الشهود لأقوالهم.
وهنا فإنى أعتقد أن هذا عبث بالأدلة، الهدف منه تضليل العدالة وضمان الخروج من القضايا كما يقول المثل الشهير: «زى الشعرة من العجين»، وترسيخًا لمقولات فترة الثورة بأن هناك أجانب بولنديين أو من إيران أو حركة حماس كل هؤلاء اجتمعوا على القيام بأعمال عدائية، وهى قتل المتظاهرين، وهم ذاتهم قاموا بحرق أقسام الشرطة المصرية، وقاموا فى ذات الوقت بتهريب السجناء من السجون لبث الرعب والفزع فى نفوس المصريين، لكن فى الحقيقة هذه نظرية لا تملك القوة الكافية على أرض الواقع، وهنا نبقى أمام سؤال خطير، وهو إذا ثبت أن هناك عبثا بالأدلة فى قضايا قتل الثوار، فمن المستفيد منه سوى رموز النظام السابق الذين يحاكمون الآن أمام المحاكم؟ أم أن هناك شخصًا آخر مستفيدًا من العبث بهذه الأدلة؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed hassan
دم الشهداء وغير الشهداء
عدد الردود 0
بواسطة:
السيد سرحان
بورسعيد