عقد جمعية عمومية طارئة للصحفيين يمثل خطوة ليُثبت الصحفيون من خلالها أن لديهم القدرة على حماية حقوقهم وفرض احترام مهنتهم، مهنة القلم، فمبنى نقابة الصحفيين تحول إلى مقر للاعتصامات والإضرابات بسبب الظلم الذى يتعرضون له كل يوم بسبب الأجور المتدنية والصحف المغلقة والهجوم على الحريات لتبديدها وإسقاط سلطة الصحافة بسيف الدستورية ووضع ألغام داخل مواد الدستور قابلة للانفجار فى صورة قوانين على شاكلة القانون 93 لسنة 1995 والذى لو كان قد طبق لضاقت كل السجون بالصحفيين المحكوم عليهم فى قضايا النشر.
والجمعية العمومية هى طوق النجاة إذا وجدت الرغبة لدى الجماعة الصحفية على تحديد وتعبيد طريقهم إلى المستقبل من خلالها لتحقيق عدة أمور، أولها لائحة أجور تضمن الحد الأدنى لأجر يحقق الحياة الكريمة لكل الصحفيين وإزالة الألغام الدستورية والقانونية التى يتعمد النظام الحالى زرعها فى طريق الصحافة وحرية النشر، فى إطار الحريات العامة المنصوص عليها فى ميثاق الأمم المتحدة، بالإضافة لمواجهة الهجمة الشرسة ضد الصحافة من خلال فتاوى تكفير الصحفيين وإهدار دمائهم.
ولدينا العديد من المفارقات الغريبة فى تصرف رموز النظام الحالى ضد الصحفيين، فجاء قرار استبعاد جمال عبدالرحيم من رئاسة تحرير جريدة الجمهورية بمثابة تعسف ضد كل القوانين والأعراف لمجرد أن الجريدة نشرت خبرا لم يكن على هوى رموز النظام، فجاء القرار بالإقالة والتحقيق معه، وبعد صدور حكم نافذ من محكمة القضاء الإدارى بإلغاء القرار وعودة عبد الرحيم فورا جاء رفض رئيس مجلس الشورى والذى يمثل السلطة التشريعية اليوم بعد حل مجلس الشعب برفض تنفيذ الحكم، وبمعنى أدق رفضه الاعتراف بالسلطة القضائية، مما ينذر بخطورة ما تمر بها مصر الآن والتى تحولت من دولة مؤسسات إلى دولة جماعات وتنظيمات.. وبالتالى فلن يكون القضاء هو السلطة التى يلجأ إليها المجتمع خاصة بعد أن أهدرت أحكامه لتسقط دولة العدل فى مصر، وهنا فقط يجب أن أذكّر الدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (مَنْ سَنَّ فِى الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. وَمَنْ سَنَّ فِى الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ) ورفض تنفيذ أحكام القضاء من جانب أولى الأمر هو سنة سيئة تندفع خلفه العامة لانتهاج نفس المسلك فى امتهان العدالة ووبالتالى تسود شريعة الغاب.
وإن كان تجاوز رئيس مجلس الشورى ضد حكم قضائى فلكونه حكما يخص صحفيا وأشك فى أن يصدر مثل ذلك القرار من رئيس الشوري لو كان المعني بالأمر يتبع أى من الهيئات القضائية وإلا كان الرد عليه عنيفا.. ولكون ردود الصحفيين تتسم بالمرونة الآن لكن على الدكتور فهمى أن يقرأ تاريخ صدام الأنظمة مع الصحافة فليس بعيدا موقف السادات مع نقابة الصحفيين عندما أراد أن يحولها إلى مجرد ناد لتقديم الشاى والقهوة، ولكن نقابة الصحفيين انتصرت وانكسر السادات أمام إرادتهم وعادت نقابة الصحفيين أقوى مما سبق، ويجب ألا ينسى أحمد فهمى موقف مبارك من نقابة الصحفيين عندما أراد أن يكبل الصحفيين فى أغلال قانون تم تفصيله بين ليلة وضحاها يحمل رقم القانون 39 لسنة 1995 لكن الصحفيين خرجوا ليمزقوا القانون ومعه هيبة النظام المتغطرس وليجبروه على إلغائه فورا بعد أن عقد الصحفيون جمعية عمومية بهرت العالم فلم يتخلف عنها حتى الصحفيون المقعدون بسبب المرض أو العجز، وأرى أن يوم 25 نوفمبر سوف يكون يوما تاريخيا وميلادا جديدا لمهنة الصحافة لتزيل بتلاحم أبنائها من يجترئ عليها وتجبر النظام على احترامهم فى الدستور، وتحرير حقوقهم المهدرة وعلى رأسها لائحة الأجور.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
درويش المعتزل
أشك في ولاء النقيب