بعد سباق طويل استمر خلال الشهور الماضية فى حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية اقتربت ساعة الحسم ليعرف العالم اسم رئيس أمريكا القادم خلال ساعات ولا يقتصر السباق الانتخابى على منصب الرئيس بل تتم عملية الانتخابات الآن على منصب الرئيس ونائبه وجميع أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435 وثلث أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100 ويخدم الشيوخ 6 سنوات كاملة مع تجديد انتخاب نسبة الثلث كل عامين.
النظام الانتخابى فى أمريكا معقد ويشمل نوعين أساسيين للانتخابات وهما الانتخابات التمهيدية والانتخابات العامة وتتم الانتخابات التمهيدية لتحديد مرشحى الحزب للانتخابات العامة، ومن الجدير بالذكر أن من يختارون مرشحى الأحزاب للانتخابات العامة هم المواطنون بشكل عام وليس إدارة الحزب وفى بعض الولايات اختار المواطنون مرشحين من حزب واحد سيتنافسون معا على نفس الدائرة، رغم أنهما من حزب واحد والسبب فى ذلك أن النظام الانتخابى يعطى المواطن فقط عبر الانتخابات التمهيدية الفرصة لفرز المرشحين مبكرا للوصول إلى أقوى اثنين أو ثلاثة من المرشحين عن الدائرة، وإن كان هناك بعض الاستثناءات القليلة فى ذلك. وتبدأ الانتخابات العامة عقب التمهيدية وتحتوى أوراق الاقتراع أسماء مرشحى الأحزاب الذين فازوا فى الانتخابات التمهيدية وقد تتضمن مرشحين غير حزبيين استطاعوا الحصول على عدد معين من توقيعات المواطنين لانتخابهم وكثيرا ما تشمل أوراق الاقتراع أخذ رأى المواطنين وتصويتهم على مواد دستورية أو قانونية أو قرارات تخص السياسة العامة خاصة بكل ولاية ليكون المواطن شريكا فى عملية اتخاذ القرار.
ولكل منصب فى أمريكا شروط مختلفة، فالمرشح لمنصب الرئيس يجب أن يكون مواطنا أمريكيا ولد فى أمريكا ولا يقل عمره عن 35 عاما، وأن يكون مقيما فى أمريكا لمدة 14 عاما على الأقل ونفس الشروط تنطبق على نائبه. أما المرشحون لمجلس النواب الأمريكى يجب ألا يقل عمرهم عن 25 عاما وأن يكونوا مواطنين أمريكيين لمدة 7 أعوام على الأقل من حصولهم على الجنسية، وأن يكونوا مقيمين فى الولاية التى يسعون لتمثيلها، أما مجلس الشيوخ فلا يقل عمر المرشح عن 30 عاما، وأن يكون أمريكيا لمدة 9 سنوات على الأقل من حصوله على الجنسية إن كان متجنسا. من المعلومات الغريبة التى عرفتها هنا أنه خلال الأيام الأولى للجمهورية فى أمريكا لم يكن يسمح بالتصويت إلا لأصحاب الأملاك فقط من الأثرياء، وقد تغير هذا بالطبع مع تطور العملية السياسية فى أمريكا على مدى قرنين هما عمر الدولة ويهيمن على العملية السياسية حزبان هما الجمهورى والديموقراطى وهما وريثان لعدة أحزاب مختلفة تم تأسيسها فى القرن التاسع عشر، وتضاءلت وتوحد بعضها ليخرج المشهد الحزبى الحالى، ونادرا ما يتم انتخاب أى شخص خارج الحزبين من أحزاب أخرى موجودة، ولكنها صغيرة وكذلك المستقلين. من يفوز يفوز بكل شىء، هذه هى القاعدة الأساسية للنظام الأمريكى الذى يعتمد الأغلبية البسيطة للفوز فى الانتخابات والمرشح الرئاسى الذى يفوز بنسبة خمسين فى المائة زائد واحد فى أى ولاية يحصد أصوات المجمع الانتخابى للولاية كلها ويخسر المرشح المنافس أصوات الولاية كلها.
المجمع الانتخابى لكل ولاية ليس أصوات أشخاص معينين بل هو إجمالى أصوات الناخبين فى الولاية فإذا صوت – على سبيل المثال – 51% من سكان ولاية معينة لأوباما حصل أوباما على عدد أصوات الولاية كاملة بالنسبة التى تمثلها هذه الولاية طبقا لعدد سكانها وهذا هو السبب فى أن مرشح من الممكن أن يحصل على نسبة أصوات إجمالية أعلى فى النهاية، ولكنه لا يخسر لأن مجموع النقاط فى المجمع الانتخابى لكل ولاية يذهب لصالح منافسه. من الناحية العملية الأمريكيون لا يصوتون مباشرة لانتخاب الرئيس ونائبه بل يصوتون ضمن كل ولاية لمجموعة (أعضاء الهيئة الانتخابية) الذين يلتزمون باختيار المرشح الرئاسى الذى يريده من انتخبونهم ويتطلب الفوز بالرئاسة الحصول على أغلبية من إجمالى أعضاء الهيئة الانتخابية البالغ عددهم 538 عضوا للولايات الخمسين. الأوزان النسبية لعدد الأصوات الممثلة لكل ولاية يتم تحديدها طبقا لعدد سكانها ويعاد النظر فيها كل 10 أعوام، وهناك ولايات مثل كاليفورنيا ذات تعداد سكانى كبير يجعل كتلتها التصويتية مؤثرة للغاية فى أية انتخابات. طريقة الاقتراع تتم فى بعض الولايات عبر الأوراق العادية وفى بعض الولايات من خلال شاشات إلكترونية تشبه شاشات ماكينات صرف النقود. وتم استحداث نظام التصويت المبكر لأن كل مواطن يجب أن يصوت فى ولايته ولا يجوز له التصويت فى أى مكان آخر، ولذلك توضع أجهزة التصويت فى الأماكن العامة لمدة تصل إلى 3 أسابيع قبل يوم الانتخابات ويتوقف المواطنون حسب الوقت المناسب لهم للإدلاء بأصواتهم.
مع اقتراب ساعة الحسم تركز كل حملة الآن فى عمل أكبر عدد من الاتصالات الهاتفية للتأكيد على المواطنين للنزول للتصويت وضمان نزول الأصوات التى ستؤيد كل مرشح، كما يتحرك آلاف المتطوعين من مختلف الأعمار للقيام بحملات طرق الأبواب على المنازل داخل كل ولاية. الحملات الأشد صعوبة هى حملات مرشحى الكونجرس التى تبذل جهدها الآن أيضا للتربيط على كتلها التصويتية المحلية وما يشغل الجميع هنا هو القضايا الداخلية بشكل عام سواء القضايا الاقتصادية والاجتماعية وملفات التأمين الصحى والتعليم والنظام الضريبى.
ترى ما الذى ينتظره العالم خلال ساعات، هل سيتقدم الجمهوريون بتطرفهم ويقودون أمريكا ليعيدوا مشاهد التدخل الأمريكى فى الخارج وإشعال الصراعات العسكرية أم سيفضل الأمريكيون أوباما والديمقراطيين بحثا عن الاستقرار، كل استطلاعات الرأى العام لم تحسم تقدم أى من المرشحين لذا سيحبس العالم أنفاسه حتى انتهاء الانتخابات وإعلان النتائج
د.مصطفى النجار يكتب من واشنطن: أمريكا تنتخب.. يوم الحسم
الثلاثاء، 06 نوفمبر 2012 05:13 م
د.مصطفى النجار
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة