الرسالة التى حملها السيد عصام الحداد إلى الإدارة الأمريكية فى زيارته المستمرة منذ أسبوع تقريبا، هى السعى لإبرام اتفاقات استراتيجية بين البلدين، على مستوى الإقليم، استنادا إلى نجاح الدور المصرى فى الحرب على غزة، والانتهاء بإبرام اتفاق هدنة بين حركة حماس والحكومة الإسرائيلية، السؤال الآن: هل تقوم هذه العلاقة على حساب الديمقراطية فى مصر، وهل تعيد الإدارة الأمريكية الكرة مرة أخرى، بأن تعلى من مصالحها الاقتصادية والسياسية على حساب قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان؟
قبل الدخول فى تحليل العلاقات التى يتم نسجها الآن بين حكم الرئيس مرسى والإخوان من جانب، والإدارة الامريكية من جانب آخر، لا بد أن نعرف أن تفاصيل الزيارة التى قام بها السيد عصام الحداد لم يتم الإعلان عنها من جانب مصر. ورغم أن السيد حداد عضو فى الهيئة الاستشارية للرئيس فإن ملف العلاقات المصرية الأمريكية كان دائمًا ملفا لدى وزارة الخارجية، والرئيس شخصيا فى النظام السابق، لكن الوضع الآن يتغير، حيث الملف تقريبا بأكمله فى يد الرئيس الذى فوض فيه فيما يبدو السيد عصام حداد.
وكان الواجب أن يعلن مكتب الرئيس عن الزيارة وأهدافها للرأى العام المصرى، لاسيما أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تخفى مثل هذه المعلومات، وأذكر أن مبارك أثناء الحرب الأمريكية على العراق قد أرسل جمال مبارك برسالة للرئيس بوش بشأن رسالة تلقتها مصر من الرئيس السابق صدام حسين للسماح لأفراد من أسرته باللجوء إلى مصر، مع إرسال مبلغ 2 مليار دولار لمصر، والتقى الرئيس بوش فى «هول» البيت الأبيض جمال، وأبلغه بأنه لا حصانة لصدام حسين وأسرته عنده. هذه الزيارة لم تعلن عنها مصر، ولكن جاءت فى كتاب للكاتب الأمريكى الشهير بوب وودورد بعنوان «ضد كل إعدائى»، فلا شىء يختفى فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضح أن الزيارة استهدفت بالأساس تأسيس العلاقات المصرية الأمريكية، كما أفاد السيد حداد لمحرر «الواشنطن بوست» على «القيم المشتركة والأمل الجديد فى المنطقة وما هو أبعد»، ومكونات الوفد تضع علامات استفهام حول التمثيل، فقد تم تشكيل الوفد من السيدين عصام الحداد ويحيى القزاز، ورغم وجودهما فى الهيئة الاستشارية لمؤسسة الرئاسة فإنه يلاحظ عدم اصطحاب ممثل لوزارة الخارجية، الأمر الذى يضع العديد من علامات الاستفهام: هل هو ممثل للدولة المصرية، أم جماعة الإخوان المسلمين؟
الحقيقة أن الأوضاع فى مصر تسير بعيدا عن مفهوم القيم المشتركة التى تعنى الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان. فمسودة الدستور التى انتهت منها الجمعية تنتهج منهجا ينتهى بمصر دولة دينية يسيطر الأزهر على وظيفة التشريع فيها، ويكون فوق مجلس الشعب الذى يلتزم بموجب المادة الرابعة بعرض مشاريع القوانين عليه أولا لأخذ الرأى فيما يخص الشريعة. كما أن الحريات الأساسية يمكن تقييدها بموجب مواد الدستور، لا سيما المادة 76 التى تنص على أن الجرائم والعقوبات تتم بقانون أو دستور، الأمر الذى يفتح الباب إلى تقييد كل الحقوق والحريات بل تجريمها، والأخطر هو حذف المادة الخاصة بحقوق المرأة وحقها فى المساواة، وإزالة جميع أشكال التميز التى كانت تعد ترجمة لاتفاقية مكافحة كل أشكال التميز ضد المرأة، فضلا على مخالفة المادة الخاصة بالأطفال اتفاقية حقوق الطفل.
هناك العديد من القصور فى الدستور فيما يتعلق بالحقوق والحريات، فضلا على أن صلاحيات رئيس الجمهورية اتسعت فى الدستور دون توازن حقوقى مع السلطات، فى الوقت الذى همشت السلطة القضائية إلى حد بعيد. فالدستور يؤسس لاستمرار تيار الإخوان فى الحكم دون اعتبار قيم الديمقراطية، لاسيما أن الدستور يمدد لمجلس الشورى ذى الأغلبية الإخوانية، مع إحالة السلطة التشريعية إليه، بما يجعل الإخوان وحدهم من يضع القوانين المكملة للدستور.
السؤال: هل تستمر العلاقات المصرية الأمريكية كما كانت أيام مبارك، تركز إلى الأبعاد الاقتصادية والعسكرية مع تجاهل الديمقراطية والحقوق والحريات، أم أن موضوع التحول الديمقراطى سيكون هو الموضوع الأهم؟.. هذا ما سوف تكشفه الأيام المقبلة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
اخيرا اكتشفتم
لقد كنتم ادوات للامريكان لتنفيذ مشروع الفوضي
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد عبد العاطى المحامى
دعوة الرئيس للحوار بدون أسس هو فرض لأمر واقع و إستهلاك للوقت و ضحك على الدقون
أرحل يا مستبد
عدد الردود 0
بواسطة:
جرجس فريد
خلاصة المقال