د. محمد صلاح أبو رجب

نحو انتخاب جمعية تأسيسية نموذجية

الثلاثاء، 21 فبراير 2012 09:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تشهد المرحلة المقبلة فى تاريخ مصر حدثا مهما وهو انتخاب الجمعية التأسيسية التى ستتولى وضع دستور مصر الجديد المبشر والممهد لعهد سيادة الدستور واحترام حقوق الإنسان فى النظر والتطبيق، ونتمنى أن يكون هذا الدستور تنظيما لحاضر يتيح انطلاقاً لمستقبل وطن ينعم فيه المواطن بسيادة القانون وحمايته، ويسهم بإيجابية فى إدارة شئونه.

وقد يواجه تشكيل الجمعية التأسيسية بعض المشاكل، لأنه قد تكون هناك تيارات سياسية لها مصالح خاصة فى الدستور المقبل، وبالتالى قد لا تقبل هذه التيارات وجود أشخاص معينة فى الجمعية تهدد تلك المصالح، كما أن هناك تخوفات من وجود تيارات معينة لها رؤى مختلفة فى قضايا السياحة والبنوك والفن وغيرها عما كان عليه الأمر من قبل.

وفى البداية لابد أن نتفق أنه يجب أن يكون الدستور الجديد معبرا عن آمال وطموحات الشعب المصرى بكافة طوائفه وفئاته، وهذا لن يتأتى إذا سيطر فصيل أو تيار معين على الجمعية التأسيسية، فحيئنذ سيأتى الدستور معبرا عن هذا الفصيل أو ذلك التيار، لذا، لابد حتى يخرج لنا الدستور الذى يريده المصريون أن تتشكل الجمعية التأسيسية التى ستضع الدستور من كافة التيارات الوطنية والقوى السياسية، لا من تيار وحيد حتى لو كانت له الأغلبية، فالدستور هو دستور الشعب وليس دستور الأغلبية.
وحتى يكون هناك جمعية تأسيسية قادرة على وضع دستور يلبى طموحات الشعب المصرى نرى ضرورة انتخاب أعضاء الجمعية من خارج أعضاء المجلسين، على أن تتوافر فيه ذات شروط الترشح لمجلس الشعب فيما عدا الاستقالة من الوظيفة، فضلا عن توافر شروط الحيدة والنزاهة والخبرة والكفاءة، ويلزم عدم تعيين أى من أعضاء هذا الجمعية فى أى منصب قيادى فى الجهاز الإدارى للدولة لمدة سنتين أو ثلاثة سنوات من تاريخ انتهاء الجمعية من وضع الدستور، وأخيرا يلزم أن تكون كافة طوائف الشعب ممثلة فى هذه الجمعية فيجب أن يمثل بنسب الطوائف الآتية: الشباب، المرأة، الهيئات القضائية، القوات المسلحة والشرطة، الجامعات، والأحزاب السياسية، النقابات المهنية، الاتحادات العمالية، الفلاحين، المصريون بالخارج، الجمعيات الأهلية والاجتماعية، الجمعيات العلمية، والجمعيات المنظمات الحقوقية، الاتحادات النوعية والمؤسسات الدينية، المناطق الجغرافية النوعية ذات الخصوصية الثقافية، الفقهاء الدستوريون ذوو الاتجاهات المختلفة، الشخصيات السياسية العامة، ورموز الفكر والفن والعلم.

ويجب أن تثير الجمعية فكرة النقاش والجدل المجتمعى حول الدستور وأن تقوم بعقد جلسات استماع ونقاشات مع طوائف مختلفة من المجتمع قبل أن تشرع فى وضع الدستور حتى يتوافر لديها كافة رؤى وتطلعات الشعب المصرى، كما أنه يجب أن تراعى الجمعية أن تكون اجتماعات علنية وليست سرية حتى يتابع الشعب المصرى مناقشات الجمعية ويستطيع تكوين رأى حول الدستور الجديدة خاصة وأن الشعب هو المرجعية الوحيدة للدستور، كما أن المدة المتاحة له لدراسة الدستور قبل التصويت عليه هى خمسة عشر يوما فقط.

وللجمعية التأسيسية طريقة عمل قانونية يمكن من خلالها الوصول لدستور مثالى، فيتم تكوين لجان من داخل الجمعية التأسيسية، أولى هذه اللجان تكون علمية مكونة من نخبة من فقهاء القانون الدستورى، والعلوم السياسية والعلاقات الدولية، والإعلام، والتاريخ، والشريعة، والاقتصاد، وتنجز كل لجنة أطروحة فيها مقترحاتها للخروج بدستور للجمهورية، وتقدم هذه الأطروحات إلى اللجنة الثانية وهى لجنة الصياغة الأولية المشكلة من رؤساء اللجان العلمية، وهذه اللجنة تقوم بصياغة النص الأولى للدستور على ضوء الأطروحات المقدمة، ثم ترفعها إلى اللجنة الثالثة وهى لجنة مناقشة الدستور، وتتكون من ممثلى الطوائف والفئات المذكورة سلفاً.

وتجتمع بعد ذلك لجنة مناقشة الدستور ولجنة الصياغة الأولية فى اجتماع موسع، يتم فيه مناقشة الدستور المقترح ويعطى لكل عضو حيز زمنى بالتساوى لإلقاء كلمة واقتراح تعديلات، وتقوم لجنة الصياغة الأولية بتسجيل كل الاقتراحات والتعديلات، ثم تجتمع فى اجتماع مغلق بعد نهاية المناقشة، وتقوم بإجراء التعديلات المقترحة، ويتم تعديل المواد التى شهدت أكبر عدد من الاعتراضات أو التحفظات، ثم يرفع الدستور للشعب سيد الكلمة فى الاستفتاء عليه.

وقد أخذت الجمعية التأسيسية المشكلة لوضع دستور 1954 بهذا التشكيل، حيث كانت هناك ثلاث لجان أولهما لجان علمية وثانيهما لجان صياغة كانت مشكلة من خمسة أعضاء، وثالثهما لجنة اتخاذ القرار النهائى بشأن الدستور وكانت مشكلة من خمسة عشر عضوا.

وفى نهاية الأمر نقول إن الواقع السياسى لمصر بعد الثورة يحتم علينا حفاظاً على البلد الانتقال إلى الحكم المؤسسى الذى يعتمد على دستور يحترمه الجميع، وأن يقوم البرلمان بمجلسيه باختيار ممثلى الجمعية التأسيسية التى ستقوم بهذه المهمة استكمالاً وترسيخاً لقواعد الديمقراطية مع اعتبار معايير اختيار أعضاء هذه اللجنة ركنا أساسيا من أركان نجاحها، ويجب عدم انفراد أى قوة سياسية أو اجتماعية مهما كانت أغلبيتها بصياغته أو فرض إرادة جزء من المجتمع على باقى فئاته، خاصة وأن هذا الأغلبية قد لا تكون كذلك فى مرحلة أخرى، والدستور لا يضع لمرحلة معينة بل هو يوضع لكافة المراحل فقد يستمر الدستور لقرن من الزمان، لذا، يجب أن يشارك الكل حتى يكون الدستور معبرا عن كافة طوائف الشعب حتى الأقلية منهم.

الخبير فى مجال القانون الجنائى الدولى





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

eman kamel

اؤيدك يادكتور

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة