لكل مرحلة طريقة النضال والتعامل التى تناسبها وتتفق مع طبيعتها وملامحها، حتى لا يؤدى استخدامنا للطريقة الخطأ فى وقت ما إلى عواقب وخيمة وإلى تداعيات تضر بالأهداف التى نسعى إليها، ومن الضرورى أن نحدد وفقًا لظروف كل مرحلة متى يجب أن يكون النضال فى البرلمان هو الأصلح والأفضل؟ ومتى يكون النزول إلى الميدان هو الحل؟.
بادئ ذى بدء، وقبل الإجابة على هذا التساؤل، ينبغى أن ندرك أن تدشين البرلمان، يعد مرحلة فاصلة ومحورية نحو بناء الدولة والتحول نحو الديمقراطية، باعتباره أول مؤسسات الدولة المنتخبة والشرعية بعد الثورة، ولذلك، فإن طريقة النضال من أجل تحقيق أهداف الثورة قبل انتخاب البرلمان، لابد وأن تختلف بعد ظهوره للنور، أما إذا لم يحدث ذلك، فإن هذا معناه أنه لم يكن هناك داع لكل هذه التضحيات من أجل بناء مؤسساتنا المنتخبة!!.
لقد مرت الثورة بعد نجاحها فى إسقاط مبارك بثلاث مراحل من النضال، المرحلة الأولى: قبل البدء فى إجراء الانتخابات البرلمانية، وهى المرحلة التى كان النضال فيها "فى الميدان" هو الخيار الوحيد، لتحقيق أهداف الثورة، ولدفع المجلس العسكرى نحو السير فى طريق تسليم الحكم، لسلطة مدنية منتخبة، وقد حقق النضال فى الميدان الكثير من أهدافه، وهو الذى أعطانا كل ما نملكه الآن من مكتسبات، بدءًا من 25 يناير وإسقاط مبارك، مرورًا بمليونيات التطهير والمحاكمة وغيرها، حتى وصلنا إلى تحديد جدول زمنى لنقل السلطة يشمل الانتخابات البرلمانية والرئاسية وإعداد الدستور.
المرحلة الثانية: أثناء الانتخابات، وفى هذه المرحلة، كان من المهم أن نساعد فى خلق المناخ المناسب، لإجراء الانتخابات البرلمانية (حتى لو كان بعضنا معترضًا على إجرائها قبل إعداد الدستور)، وكان من الفطنة أن نتحاشى الصدام مع المجلس العسكرى فى الميدان، حتى تتكون أولى المؤسسات المنتخبة والشرعية فى الدولة، وحتى لا يتم استغلال الفرصة لإلغاء الانتخابات وعدم تكملتها، فنعود مجددًا إلى نقطة الصفر.
المرحلة الثالثة: بعد الانتخابات، وهى المرحلة التى من المفترض أن ننقل فيها الثورة من الميدان إلى البرلمان، الذى من المفترض أن يُسرع العمل على تشكيل هيئة إعداد الدستور، والتمهيد لإجراء انتخابات الرئاسة، ومن ثم رحيل المجلس العسكرى.
فهل معنى ذلك وبما أننا تعدينا المرحلة الأولى والثانية أن نتوقف تماما عن النضال فى الميدان؟
ليس هذا هو المراد، ولكن ما نريده فى هذه المرحلة هو أن نتيح الفرصة لنواب الشعب، لأداء دورهم فى الرقابة والتشريع وأن ندعمهم ليشتد عودهم فى مواجهة أعداء الثورة، وفى الوقت ذاته، يجب أن نضغط من الميدان، إذا وجدنا أن هناك قوى تسعى لتعطيل عمل البرلمان أو عرقلة تشكيل الهيئة التأسيسية لإعداد الدستور أو تأجيل الانتخابات الرئاسية، أو لإدخالنا فى حالة من الفوضى، كتلك التى يحاول البعض حاليًا جرنا إليها بعد عمليات سرقة البنوك والأموال ومأساة بورسعيد، لأن هذا معناه أن هناك من يسعى لإيقاف تقدمنا نحو الديمقراطية وتحقيق أهداف الثورة ونقل السلطة.
بمعنى آخر، يجب علينا أن ندعم البرلمان ونعطيه الفرصة ونتيح له الفرصة والمجال لإدارة الحياة السياسية، ومن المهم فى الوقت ذاته أن نراقب بفراسة المؤمن ما يحدث، لكى نحدد متى يكون النضال فى الميدان هو الحل.
وفى كل الأحوال، لابد أن نؤمن إيمانًا راسخًا بحق الاعتصام والتظاهر السلمى، فى أى وقت، مادامت الاعتصامات والتظاهرات تتم دون تخريب المنشآت ودون تعطيل مصالح الناس، أما الصدامات والعنف، فإن ذلك سيكون فى صالح القوى الساعية لإدخالنا فى دوامة من الفوضى.
لقد رفعنا فى الستينيات شعار "يد تبنى ويد تحمل السلاح"، وبعد 25 يناير، وتحديدًا خلال هذه المرحلة الدقيقة التى نمر بها الآن، علينا أن نثق فى بعضنا البعض، ونؤمن بأن قوة البرلمان لصالح الميدان، وإضعافه يضيع المكتسبات ويضعف الميدان، وبمعنى آخر، فإن "التعاون والتحالف بين البرلمان والميدان هو الحل"، وليكن شعارنا "برلمان يحمى ويبنى وميدان يضغط بسلام".
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عمار من الشرقية
البرلمان والميدان ايد واحدة
عدد الردود 0
بواسطة:
ثائر
فعلا ده الحل المتاح