أسامة داود

أنياب الحكومة وتهميش البرلمان

الأحد، 29 أبريل 2012 10:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس هناك فى دساتير العالم ما يمنح الحكومة الحصانة ضد سحب الثقة بواسطة البرلمان حتى ولو كان المجلس العسكرى أو الرئيس لأن البرلمان هو سلطة منتخبة يقع عليها عبء إدارة أمور المجتمع من خلال ثقة الشعب لأنها تمثله.. ولم يحدث أن تحصنت الحكومة ضد سحب الثقة إلا فى برلمانات الدول التى تعيش فى ظل نظام دكتاتورى مثلما كانت مصر فى عهد مبارك، والمجلس العسكرى يؤكد استمرارية تهميش دور مجلس الشعب.
وبصرف النظر عما إذا كان قد صدر عن الجنزورى التهديد بحل البرلمان من خلال ما ردده بوجود حكم يقبع بأدراج رئيس المحكمة الدستورية العليا وهو كلام خطير ويفتح الباب إلى تأويلات بأن الثورة تم إخمادها بواسطة رجال مبارك وإنهم يسيطرون على الأمور من أعلى.. وحتى إن لم تصدر تلك التصريحات عن الجنزورى فليس من المقبول شكلا أو موضوعا أن يقول الجنزورى لن أستقيل ولا يتعلل بأنه يخاف على مصر وإنه يرفض أن يتركها فى ظل تلك الظروف !.. كلمات الجنزورى قاسية بالفعل وأعتقد أن لسان حال الجنزورى وهو يتحدث يقول ليس للبرلمان الذى أتى بإرادة شعبية لأول مرة أى قيمة لديه. وإنه تكرم ووافق على إلقاء بيانه ولمدة 50 دقيقة كرما منه، ولم يكن مفروضا عليه، وكان ليس ذلك فرضا عليه كحق للشعب والذى يمثله البرلمان.. والجنزورى حتى ولو كان يتحدث بموجب الإعلان الدستورى فإنه يوجه إهانة لكل المصريين ويؤكد أننا لم نحكم حتى اليوم وبعد ثورة 25 يناير بواسطة إرادة شعبية ولكن بإرادة فرد يتمثل فى المجلس العسكرى الذى عين بواسطة الرئيس المخلوع.. حديث الجنزورى ممزوجا بالإهانات التى لا تـقبل.. لأن تصريحات رئيس الوزراء إن دلت فإنما تدل على أن الشعب المصرى انتقل من بيت طاعة حسنى مبارك إلى بيت طاعة المجلس العسكرى وإن البرلمان وإن كان أداؤه سيئا فدوره محدود ولا يتجاوز حدود قاعته وأن الجنزورى يرفض أن يخضع للإرادة الشعبية من خلال البرلمان حتى فى حق أصيل من حقوق البرلمان وهو أن يلقى بيانه أمامه، وأن يمارس البرلمان حقه فى مناقشته، واستجوابه هو ووزراءه وله الحق فى أن يقبل أو يرفض البيان.. إن الجنزورى والذى يمثل سلطة تنفيذية انفرد بموجبها بإعلانه رفض مجلس الشعب جملة وتفصيلا هو إهانة لكل مواطن مصرى، اشترك فى اختيار ممثليه، وتشعرنا تصريحاته بأنه يتحدث بلسانه إبان عهد مبارك، بل تجاوز ذلك لأن الجنزورى لم يكن يستطيع أن يعلق على قرار لمجلس الشعب معين مثلما كان فى السابق وعندما كان رئيسا لوزراء فى حكومات مبارك بل كان يرضخ لكل قراراته.. وإن كان للجنزورى سلطة فهى تخضع للبرلمان ولابد أن يحترم إرادة الشعب، وأن يكون فى بيت طاعته، لا فى بيت طاعة المجلس العسكرى، والذى تحول من خلال قراراته إلى حاكم مستبد أبشع ألف مرة من حكم حسنى مبارك.. من حق البرلمان أن يتخذ الإجراءات التى تحفظ كرامته وأن يعطى درسا للحكومة من الآن فصاعدا وحتى تعلم أى حكومة بأن الشعب هو السيد، وإننا سئمنا الكلام بأرقام فما أشبه الليلة بالبارحة، نفس كلام حسنى مبارك ونفس كلام الجنزورى فى التسعينيات ونفس كلام أحمد نظيف وبطرس غالى هو ما يردده الجنزورى الآن.. يقول تراجع السحب من الاحتياطى من 1,5 مليار دولار إلى 600 مليون دولار خلال الشهر الماضى ويقول نجحت فى تخفيض الإنفاق بمقدار 25 مليار جنيها خلال الخمسة شهور الماضية، إن كان هذا حدث بالفعل فليس ذلك مبررا بأن تهين إرادة الشعب وعن عمد وتحت حماية من جاءوا بقرار رئيس مخلوع.
إن حديث الجنزورى هو عودة لحكم الفرد ويؤكد أن مصر لم تتغير حتى الآن وإننا نعيش تحت حكم مبارك ولكنه ممزوج بالفوضى.
ليس معنى ذلك أننا نعيش حالة رضا عن البرلمان، ولكن لا أحد يستطيع أن ينكر أنه خيارنا حتى ولو كان سيئا، ولا يمكن أن يدعى أحد أنه مفروض علينا، ولكن مصادرة إرادته سوف تنتهى بانهيار أراده الشعب، لنعود من جديد إلى المربع رقم واحد، وليكون كل حلمنا أن نثور لإسقاط حكومة بعدما كانت ثورتنا لإسقاط نظام.





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

الكردوسى

بارك الله فيك على امانة قول الحق

عدد الردود 0

بواسطة:

حمودة

الحصانة والحصان .....

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة