رشح الإخوان خيرت الشاطر للرئاسة حفاظا على الثورة.. قالوا هذا، بينما صدمت التيارات من غير الإسلاميين والأحزاب.. من طرح الشاطر خوفًا.. على الثورة أيضًا.
طغى الإخوان فى الطريق من الميدان للبرلمان، ثم استقربوا.. واستخاروا الله فى التكويش على ما تبقى.. والليبراليين أيضًا.. لو سنحت الفرصة لتحولوا إلى "إخوان" من نوع آخر.. دون استخارة.
لا فرق بين حزب الحرية والعدالة، وبين بعض رموز الحزب الوطنى.. أيام كان الحزب الوطنى.. التيارات من غير الإسلاميين أيضا هكذا.. نوعا من "الوطنى" لم يتح له الظرف ليظهر.. ويستحوذ.. ويغالب باسم يناير.. وشهداء يناير.
ما المعنى؟
المعنى أن المعادلة لم تتغير.. بأطرافها الثلاثة الإخوان واليسار.. والجيش.
منذ عام ١٩٥٢، للمعادلة حدود.. صحيح تغيرت التفاصيل.. وتغيرت الشخصيات.. لكن المبادئ واحدة.
الآن يمكن أن نضع كل من ليس إسلاميا.. أوعسكريا فى خانة اليسار.. طرف المعادلة الثالث.
يناير قبل الماضى، أخرج الجيش مبارك من التفاعل، بعدما اتحدت عناصر المعادلة الثلاثة على الهدف.. فهدأ التفاعل بعد غليان.
بدأ الإخوان فى تخطى مرحلة الميدان.. فى الطريق إلى البرلمان.. وقتها تحسسوا.. وناوروا.. واتقوا.. بينما عاد الليبراليين إلى الميدان، لإقامة دولة.. رغم أن الدول لا تقام من الميادين.. ولا تبنى من شاشات الفضائيات.
اختفت التيارات، بينما تراوح "الميدان" بين صوت عال، وخلافات.. ومطالبات بلبن العصفور.
طالب الميدان باسم الشعب.. بتسليم السلطة للبرلمان، رغم رفض البرلمان.. ورفض قطاع لا يستهان به من الشعب.. ومن الميدان طلبوا بالاشتراك فى حكومة شرف، ثم خرجوا مطالبين بإقالة الدكتور شرف.. ومن الميدان نادوا بإسقاط حكم العسكر، ثم لجأوا للعسكر فورا طلبا للدعم فى مواجهة الإخوان.
وانفجر الشارع بموجات حقد غريبة، ورغبات فى الانتقام، ونظرة دائمة للوراء.. بمزيد من المزايدات ، فظهر "أغنياء الثورة".. مثل أغنياء الحرب.. من القاع للقمة، بلا مبادئ حقيقية، وبمزيد من تخوين الآخر.. ومزيدا من لعنات سلسفيل اللى خلفوه.
عكس الميدان الواقع.. فلم تعد تعرف من فيه، وفى الوقت نفسه لا تستطيع الاقتراب.. خوفا من اتهامات بالثورة المضادة.. فيعلقوا فى رقبتك دماء الشهداء.
قالوا: الميدان رمز، ثم لم يحولوه من الرمزية للمعنى.. وقتما كان الإخوان قد اعتلوا قمة الشجرة.
أخطأت تيارات الثورة.. ليس لأنهم تركوا الميدان كما قال بعضهم، فهذا لم يحدث.. إنما لأن الميدان لم يكن طريقا بعد يناير.. وإن كان، فإنه لم يكن الطريق الوحيد.
ثم ظهرت آثام الإخوان أيضًا بعدما ارتقوا الشجرة، فالثمار عادة لا تسقط لأعلى.. خالف الإخوان قوانين اللعبة.. ودفعوا بالمعادلة فى اتجاه آخر.. وتتحمل التيارات ذنب إثم الإخوان.. وكبائرهم.
معادلة السياسة فيما بعد ١٩٥٢ مازالت كما هى لم تتغير.. نادى كل طرف بالتغيير، بينما هو نفسه لم يستوعبه، واتضح أنه لا يرضى به لنفسه.. القزة فى أعين الآخرين، لكن لا خشبة فى عينى.
جنوح الإخوان ربما يعيدنا إلى مابعد ١٩٥٢ قليلا.. الصراع الآن على الحافة بين الجيش والإخوان.. الشارع فى صف الأول.. بينما مازالت تيارات الثورة تنادى بإسقاط حكم العسكر!
هتافات بعض تيارات الثورة تدوى فى عالم افتراضى.. بينما استفاق الشارع على كارثة.. اقترب التفاعل مرة أخرى.. من درجة الغليان.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
neo
ملاحظات على مقالك