لم تشغلنى كثيرا متابعة المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات الرئاسية التى جرت يومى الأربعاء والخميس، لأعرف من يتقدم السباق ، ولم أكن من المدققين فى نتائج الفرز فى اللجان الفرعية لأجمع وأطرح وأقسم أرقاما لمعرفة من الأقرب للفوز بمنصب رئيس الجمهورية، ولم يكن ذلك عدم اكتراث منى بالعملية الانتخابية، وإنما لانشغالى بمتابعة الممارسة الانتخابية وعن قرب وذلك إيمانا منى بأن المتابعة الدقيقة لها وعن قرب هو أيسر الطرق للوصول للنتائج الحقيقية والبعيدة عن التخمينات أو النتائج الأولية.
فقد استطعت أن أتوصل إلى نفس نتيجة الفرز الأولى ولكن بشكل أسرع وأدق بعد أن خلصت إليها من خلال متابعتى لسير العملية الانتخابية والساعات السابقة عليها والتى مكنتنى من التوصل إلى نتيجة شبه نهائية للانتخابات الرئاسية ومعرفة من سيحكم مصر خلال السنوات الأربع القادمة.
فالممارسات السابقة على العملية الانتخابية كانت كفيلة بتجاوز النتائج الأولية وصولا إلى النتائج شبه النهائية والتى انحصرت فى إعادة شبه مؤكدة بين مرشح تيار الإسلام السياسى عن حزب الحرية والعدالة محمد مرسى، وأحد رموز نظام مبارك الساقط أحمد شفيق واللذين أعادا الساحة السياسية للمنافسة الأزلية بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام الحاكم – السابق والحالى- ممثلا سابقا فى الحزب الوطنى الديمقراطى وحاليا فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى تنظر الجماعة إلى شفيق على أنه مرشحه.
فطبيعة العلاقة بين الجماعة والنظام الحاكم – أو المجلس الحاكم بلغة العصر– هى المنافسة والندية ونظر كل منهما للآخر على
أنه الأصلح لإدارة شئون الدولة فى حين تغاضى الطرفان عن الإرادة الشعبية التى ظلت حائرة ما بين الترغيب بالدين وهو الأسلوب الذى مارسته جماعة الإخوان المسلمين والترهيب بالقانون وهو الذى يلوح به دائما النظام الحاكم.
ورغم اختلاف الظرف السياسى إلا أن الجماعة ظلت على موقفها من حيث الصراع مستخدمة نفس الآليات رغم أن الطرف المواجه لها لم يعد يستخدم آليات نظام مبارك الساقط وأعلن تخليه عن الصراع لمصلحة الشعب إلا أن الجماعة مازالت على يقين بضرورة الوصول إلى السلطة باعتبارها صاحبة مشروع إسلامى نهضوى قادر على انتشال البلاد من فساد وظلم الأنظمة السابقة.
ومن هذا المنطلق بدت الجماعة فى حالة سعار سياسى تكالبا على السلطة وبعد أن تمكنت من البرلمان نافست على الرئاسة وتحول شعارها من "مشاركة لا مغالبة" إلى "مغالبة بلا مشاركة" ولها الحق فى ذلك باعتبارها أحد التيارات السياسية اللاعبة على الساحة.
إلا أن ممارسات ما قبيل الانتخابات الرئاسية أظهرت حالة من الرغبة الجامحة فى تولى السلطة وبأى طريق ممكن فقدمت الجماعة كل ما من شأنه أن يجذب إليها الناخبين مستخدمة أساليب اقتصادية بحتة كانت سببا فى استقطاب العديد من الأفراد خاصة فى الأوساط التى تعانى فقرا مدقعا فضلا عن ممارساتها قبل العملية الانتخابية بعد أن قام أعضاؤها بالاتصال بالمواطنين على التليفون الثابت والمحمول لحثهم على انتخاب مرشحها محمد مرسى فضلا عن توفير سيارات مجانية لنقل الناخبين من منازلهم الى مقار اللجان والعودة بهم وكذلك توفير وسائل نقل من والى اللجان المختلفة أيضا بالمجان وهذه أمور شاهدتها من خلال متابعتى بشكل شخصى فى بعض دوائر المنصورة ودمياط حيث كنت أتابع الانتخابات هناك.
وظلت الجماعة فى ممارساتها ونسيت أخطاء الماضى وسارت على نفس درب الانتخابات البرلمانية حيث أدت تلك الممارسات المرفوضة إلى ظهور من هم غير مرغوب فيهم للظهور على الساحة فخدمت ممارسات الإخوان ظهور رموز نظام مبارك الساقط ومنهم عمرو موسى وأحمد شفيق الذى خطا خطوات حثيثه نحو كرسى الرئاسة ليس لسياسة تصحيحية من جانبه وإنما لأخطاء مارستها الجماعة ومازالت.
أدى ذلك كله إلى ظهور شفيق الذى لم يكن يحظى باأى قبول شعبى واختراقه للسباق وتحقيقه نتائج غير متوقعة حتى أصبح شفيق هو الممثل للطرف الآخر المواجه للجماعة بعد ان انضم اليه كثير من الفئات التى رأت فى الاخوان غير عون او مساند لهم.
وكانت ممارسات شفيق ايضا مقدمة للنتائج التى حصل عليها حتى اصبح قاب قوسين أو أدنى من كرسى الرئاسة بعد أن خدمته جماعة الإخوان بسلوكياتها الخاطئة واصرارها العنيد على تحقيق أهدافها الخاصة.
النتيجة النهائية أننا أصبحنا أمام منافسة بين جماعة الإخوان المسلمين التى تريد أن تفرض وجودها على رأس السلطة وبين الشعب الذى أراد أن يختار من يعبر عنه فى انتخابات حرة ونزيهة وأصبح لا يحتمل وصول لا الإخوان ولا الفلول إلى رأس السلطة فاتجه إلى التصويت لصالح مرشحين آخرين يرون فيهم الثورية والقدرة على التغيير بعد أن سأم الشعب ممارسات الإخوان وبلطجتها السياسية من ناحية وسلوك النظام الذى يميل إلى القمع من ناحية أخرى.
وأيا كانت النتائج التى تنتهى إليها الانتخابات الرئاسية والتى حصرت المنافسة فى جولة إعادة بين شفيق ومرسى فإن الشعب لايزال هو صاحب القرار فى تولى من يصلح لإدارة شئونه وأن أى ممارسات لم تعد تجدى معه بعد أن أصبحت لديه القدرة على تمييز الطيب من الخبيث ، فالشعب هو صاحب الإرادة والقرار فى الاختيار النهائى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة