جاءت نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المصرية صدمة لقطاعات عريضة من الشعب المصرى الذى عوّل منذ الإطاحة بالرئيس السابق مبارك فى 11 فبراير على وصول رئيس قومى ذى قيادة كاريزمية، ويحظى بدعم قطاعات واسعة من الشعب إلى سدة الحكم، فقد جاءت عكس كل التوقعات التى انتشرت على الساحة منذ غلق باب الترشح، وإعلان القائمة النهائية للمرشحين، بأن تكون جولة الإعادة بنسبة كبيرة بين المرشحين عمرو موسى، وعبدالمنعم أبوالفتوح، بطلى المناظرة الأولى والوحيدة فى تاريخ الانتخابات الرئاسية.
ومن هنا فبقراءة متأنية لنتائج الانتخابات، نلاحظ أمراً فى غاية الأهمية، وهو أن خريطة التصويت قد تغيرت بشكل مفاجئ وسريع، بما يعكس تغير خريطة القوى السياسية، وأوزانها فى المجتمع المصرى، بل نستطيع- وبحق- أن نقول فى هذا السياق شهادة للتاريخ، وهى أنه من خلال تقارير التحالفات المصرية لمراقبة الانتخابات، وكذا تقارير المنظمات الدولية، فهى تؤكد أن هذه الانتخابات أقرب إلى التعبير الحقيقى عن إرادة الناخبين، رغم كل الملاحظات التى تم تدوينها على مجريات العملية الانتخابية، كما يجب فى هذا الوقت أن نقدم شهادة تقدير للجنة العليا للانتخابات التى قامت بدورها على أكمل وجه، ولكن كان يجب عليها أن تقوم بعدد من الأمور الأخرى من أجل إنجاح العملية الانتخابية على الوجه الأكمل، مثل وضع ثلاث علامات فى كشوف الناخبين بألوان ثلاثة متباينة، ولتكن حمراء وزرقاء وخضراء، وليتم التصويب أمام أسماء بعض الناخبين بهذه العلامات، فعلى سبيل المثال لتكن العلامة الحمراء أمام العسكريين الممنوعين مؤقتا من التصويت، والعلامة الخضراء أمام القضاة، والعلامة الزرقاء أمام الممنوعين بموجب أحكام جنائية، لمنع أى من الأشخاص الذين لا يحق لهم التصويت من الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات، وكذلك كان يجب على اللجنة إتاحة مساحة أكبر لمنظمات المجتمع المدنى لتستطيع القيام بدورها كمراقب لمجريات العملية الانتخابية.
وهنا يجب أن نطرح أمراً فى غاية الأهمية، فإنه بعد الخروج من ماراثون الانتخابات الرئاسية، لا بد من تشكيل أمانة عامة دائمة، أو تشكيل اللجنة الدائمة المستقلة للانتخابات، تكون مهمتها الأساسية تطوير النظم الانتخابية للوصول إلى أقرب صورة مثالية، لتسهيل عملية التصويت، والوصول لكل الناخبين مادمنا مقبلين على مرحلة جديدة من الديمقراطية المنشودة.. وأخيراً نعود إلى خريطة الانتخابات التى أدت إلى صعود التيار القومى بقيادة حمدين صباحى ليحتل المرتبة الثانية فى القوى الثورية، وليشكل وزنا مساويا لجبهة الإخوان المسلمين، ولأنصار الحزب الوطنى المنحل بعد الثورة، كما أن المرشح عبدالمنعم أبوالفتوح هو الآخر شكّل وزنا مستقلا عن عباءة الإخوان المسلمين، ويمكن أن يستمر فى الحياة السياسية كحركة أو حزب سياسى منفصل، وبالتالى هذا يستشرف مستقبلا أفضل فى التأثير على الحياة السياسية فى الفترة المقبلة. وبالتالى إذا ترجمنا نتيجة الانتخابات إلى واقع حزبى، فسنجد أنفسنا أمام ثلاث قوى حزبية يمكن أن تشكّل مناخا جديدا للأحزاب المصرية فى الفترة المقبلة.
وهنا فالخيار الآن بين مرشحين لو تركناهما دون رقابة سيأخذان البلد إلى اتجاه لا يدرك عواقبه أحد، خاصة أنهما سيديران دفة البلاد إلى أهداف تتناقض مع أهداف الثورة المصرية، لذلك من المهم أن تكون هناك ضمانات، لكيلا ينفرد الرئيس القادم بجميع الصلاحيات دون قيود، على غرار مرحلة ما قبل الثورة، فالتوازن بين السلطات مهم لكل نظام سياسى، لأنه من خلال وجود نظام سياسى يتحقق الفصل والتوازن، وبالتالى الرقابة الكاملة على كل سلطة، وهنا لن تكون لدينا مشكلة فى فوز مرسى أو شفيق، المهم الرقابة على عمل مؤسسة الرئاسة، والأهم أيضا هو أن يقبل الشارع بشرعية الصندوق، وقبول نتائج الانتخابات كمقدمة لتحقيق الديمقراطية.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل شفيق
شعوب العالم تعرف التفاهمات السياسية .. أما نحن فنعيش على الصراعات العلنية و الصفقات السرية
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
فلوس
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو فريد
من سأنتخب؟ ومتى أبطل صوتي؟
عدد الردود 0
بواسطة:
عربي مسلم شريف
لا للفلول لا لشفيق
عدد الردود 0
بواسطة:
حمادا حمادا
محمد مرسي هو الريس الجديد