مشهور ابراهيم احمد

الطابور الخامس

الجمعة، 15 يونيو 2012 11:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"الطابور الخامس" هو تعبير ظهر للمرة الأولى أثناء الحرب الأهلية الأسبانية عام 1936، إذ كانت القوات الزاحفة على مدريد تتكون من أربعة طوابير، بينما كان هناك طابور خامس يعمل خلف خطوط العدو لأداء مهام بعينها لصالح الطرف الآخر، وترسخ هذا المعنى أثناء الحرب الباردة، حيث أصبح يُطلق على الجواسيس والعملاء، كما توسع ليُطلق على مروجى الإشاعات ومنظمى الحروب النفسية.

ومع اندلاع ثورة 25 يناير، بدأ "طابور خامس" يتشكل فى مصر، درج الحديث عن أفراده، وتسميتهم بـ "الفلول" لانتمائهم للنظام السابق، وبالطبع لا يرقى هؤلاء إلى مستوى الجاسوسية والعمالة، لكنهم للأسف تجاوزوا أيضًا مرحلة الاختلاف فى الرأى، بعد أن مارسوا دورًا دنيئًا وهدامًا لمنع بناء "مصر الجديدة" ولعرقلة مسيرة الإصلاح ومحاولة إعادة إنتاج النظام القديم.

هذا الفريق لم يكن يومًا راغبًا فى حدوث أى تغيير فى الأوضاع ولا راضيًا عن اندلاع ثورة 25 يناير، بل كان رافضًا للثورة ساخطًا عليها، هذا الفريق الذى كان مواليًا لنظام مبارك بكل جرائمه، يمثل فئة مجتمعية استكانت ورتبت حياتها على التعايش مع نظام مبارك، وبنت أحلامها وطموحاتها ومستقبلها على أساس القواعد التى رسمها هذا النظام الفاسد.

وبالتالى، فإن أى خلل فى قواعد اللعبة، كان يعنى حدوث اضطراب فى الخطط المستقبلية لهؤلاء، سواء كانت طموحات مشروعة أو تطلعات مشبوهة، وفى كلتا الحالتين، فإنها كانت أحلام رخيصة، لاعتمادها بالأساس على الأنانية والمصالح الخاصة، دون أى اكتراث بقواعد العدل والمساواة، أو مصلحة المجتمع والوطن، أو مراعاة هموم البسطاء من المواطنين وقسوة الحياة التى يعيشونها من أوضاع اقتصادية مهينة وظروف اجتماعية متردية، ناهيك عن القهر وانتهاك أبسط الحقوق أثناء التعاملات اليومية، وكان الشعار السائد لدى هذا الفريق "أنا ومن بعدى الطوفان".

لم يستسلم أنصار نظام مبارك لثورة 25 يناير، التى جاءت لتنسف مصالحهم نسفًا، فبمجرد أن فاقوا من الصدمة، راحوا يرتبون أنفسهم، وراحوا ينشطون هنا وهناك لملمة ما تبقى من النظام المنهار، وبعد أن نظموا أنفسهم، انطلقوا فى كل الاتجاهات للقضاء على أحلام شعب وجد أغلبه فى 25 يناير حلمًا طال انتظاره.

بدأ هؤلاء "الحرب النفسية" بالتشكيك فى كل ما يتعلق بالثورة، وإطلاق الشائعات المغرضة والدنيئة، وقامت الفئات الفاسدة أو الطفيلية أو الأنانية المتضررة من ثورة 25 يناير بإطلاق نيران غليلها، وبدلا من أن نراجع أنفسنا بعد زلزال الثورة الذى هز مجتمعنا، رحنا نمارس دور "الطابور الخامس" من أجل هدم الثورة.

نشط أفراد "الطابور الخامس" بين الناس فى الشوارع وبين الشباب على الانترنت، ساعدهم على ذلك، حمى الانتقاد لدينا التى باتت تطغى على سعينا فى البناء، وللأسف، فإن بعض البسطاء بعد حملات التشكيك والحرب النفسية التى أدارها فلول نظام مبارك أصبحوا دون أن يدروا تروسا فى عجلة الثورة المضادة.

مارس "الطابور الخامس لنظام مبارك" حربا نفسية قذرة على المواطنين، باللعب على حالة الانفلات الأمنى، لدفع الناس للتفريط فى نسائم الحرية التى بدأوا يستنشقونها، مقابل البحث عن الاستقرار والآمان، حتى لو كان ذلك بالارتماء فى حضن نظام قمعى.

قام هؤلاء بتشويه كل معارضى نظام مبارك، فذلك معارض من أجل الشهرة ومن أجل الظهور، وذلك صنيعة الأجهزة الأمنية، وذلك يقبض الملايين، قاموا بتشويه كل رموز الثورة، لا فرق فى ذلك بين أيقونة الثورة خالد سعيد الذى مازالوا يشوهون صورته حتى فى ذكراه الثانية وبين الدكتور محمد البرادعى الحائز نوبل للسلام والذى بمجرد سماع اسمه ينتفضون "كمن لدغته عقرب"، من جراء رغبتهم فى الثأر منه باعتباره أحد أهم رموز التغيير فى مصر وصاحب الدور البارز فى تحريك المياه الراكدة قبل الثورة.

تجد أفراد "الطابور الخامس" يدسون السم فى العسل بقولهم إن "الثورة ما عملتش حاجة وما غيرتش والبلد هتفضل زى ما هى!"، وينسون أن الثورة لم تحكم بعد!، وربما لن تحكم الآن بفعل ألاعيبهم الشيطانية!!، وبسبب رغبتهم فى هدم كل ما تبنيه الثورة ورسم صورة سوداوية لتشويه كل الأحزاب والجماعات وحركات التغيير المعارضة لمبارك، فالإخوان المسلمون إما يتم اتهامهم بأنهم لم يشاركوا فى الثورة وإما يسعون لسرقتها وإما أنهم تجار دين، وحركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير يدعون أنه ليس لها أى دور فى قيام الثورة، والحركات والتجمعات الثورية الشبابية النبيلة التى دعت للثورة ممولة من الخارج وتثير الفتنة، ومنظمات المجتمع المدنى التى ذاقت الأمرين فى الدفاع عن حقوق البسطاء والمعتقلين يسألون أين كانت قبل الثورة!!؟.

ومع بداية الانتخابات الرئاسية، وعلى الرغم من أن المرشحين للرئاسة كان بينهم شخصيات محترمة تصلح لقيادة البلاد، إلا أن "الطابور الخامس" كان يرغب فى إحباط المجتمع بأكمله، وراح يشكك فى كل المرشحين وإطلاق الشائعات عليهم والتقليل من إمكانياتهم وخبراتهم وتاريخهم لإفقاد المواطنين الثقة فيهم، فأبو الفتوح هو المرشح الخفى للإخوان وصباحى ناصرى ذو فكر قديم ومرسى تابع للجماعة والمرشد، أما العوا وخالد على فـ ....... .
وهكذا حتى يصل الأمر فى النهاية بالبسطاء إلى القول "كلهم ما ينفعوش"، فتسود اللامبلاة بين الناس، ويصبح الدافع للتغيير ضئيلا وتتساوى الخيارات ليكون الطريق ممهدًا أمام مرشحى النظام السابق!!.

لقد أصبحنا الآن، فى مفترق طرق، بعد أن أجهدتنا شهور عجاف، ذاق فيها المواطن المصرى الأمرين ليس بسبب الثورة، ولكن بسبب "الطابور الخامس"، الذى خلق الأزمات، الواحدة تلو الأخرى، والذى نشر أذنابه وفلوله ولجانه الإلكترونية، والذى شوه كل شىء، الشهداء والشرفاء والمناضلين والرموز والقيم.

للأسف، لقد أصبحنا فى مفترق طرق، فى الوقت غير المناسب، ونحن منهكى القوى، مثخنى الجراح، من سهام تنال منا طوال عام ونصف، ومن دق الأسافين بيننا لنكون متفرقين، لندخل الجولة الحاسمة، وقد خسرنا الكثير والكثير، لكن مازال لدينا أيضًا الكثير.. لدينا ثقة فى من أخرج الملايين من بيوتهم يوم 28 يناير وثبت قلوبهم وجعلهم على قلب رجل واحد، ولدينا الإصرار على هزيمة الإحباط ودحر "الطابور الخامس"، وفى كل الأحوال ومهما كانت النتيجة، فإننا مصرون على تحقيق الحلم ولن نيأس ولن ننسى أبدا أن هدفنا هو إقامة دولة العدل حتى لو كان البعض يريدها دولة قائمة على منظومة المصالح والفساد.






مشاركة




التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد

لا تنسى طابور الاغبياء أى النخبة

هم سبب البلاء وأطالب بالتخلص منهم

عدد الردود 0

بواسطة:

nasser elsersy

هذه هي الحقيقة

عدد الردود 0

بواسطة:

عمرو

تحية خاصة من فلول "مستنير"

عدد الردود 0

بواسطة:

سارة

تحليل رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

مرسي رئيسًا ان شاء الله

ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين

ان شاء الله ربنا هيرد كيدهم ..

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة