فى قرية هندية، كانت الشائعة: مصاصو الدماء هم الذين يقتلون الماشية. الخسائر كبيرة، مات معظم البقر فى المزارع، يضعون له الطعام مساء.. فيموت فى الصباح. سرت الشائعة، استعانوا بالجن وحضَّروا العفاريت.. وسألوا الإلهة شيفاراتى، قالوا قالت: مصاصو الدماء السبب.
ما الحل؟ عرض كبار التجار ٢٠٠٠ دولار نقدًا لكل من يأتى بمصاص دماء. ثم رفعوها لثلاثة آلاف. بعد فترة اكتشفوا أنهم دفعوا أكثر من ثمن الماشية. كل رجال القرية نصبوا فخاخًا مبتكرة للإيقاع بمصاصى الدماء، حملوها فى أيديهم، وعلى أكتافهم ليل نهار. دفع التجار مبالغ طائلة، بينما ظلت الماشية تموت.
سنوات ثم اكتشفوا أنه مرض، وأن ما دفعوه للصيادين أضعاف أثمان المصل المضاد، اكتشف الحكماء أن ما تفنن فيه البسطاء من ابتكارات للفخاخ كان جهودًا عقلية، الأسهل منها كان التفكير الواقعى فى أسباب نفوق المواشى!
ارتد أهل القرية إلى بعض "العيّاق"، والعيّاق ترجمة عربية وحيدة للفظ هندى يطلق على هؤلاء. يتحدث العيّاق دومًا "على الفاضية والمليانة"، يقولون رأيًا، يحاولون إثباته باستماتة ساعة، ويقولون آخر مضادًّا، ويحاولون إثباته باستماتة أيضًا.
يظهر العيّاق فى الملمات والمحن، يبنون بيوتهم فى الملمات والمحن، فيصدقهم الناس فى الملمات والمحن أيضًا. أكثرهم يصابون بلوثات عقلية بلا سبب، وضلالات بلا علاج.. فى الهند يقولون: يلمسهم - اللهم احفظنا - الجن.. أو يجذبهم الأولياء.
أصابنا ما أصاب قرية "هارو" الهندية، قال لك "العيّاق": العنف السلفى صنيعة نظام مبارك. عايق كبير، وطبيب وأديب "على ما تفرج" اعتبر أن اللواء عمر سليمان سرح رجال شرطة، بـ "ذقون" مصطنعة، قتلوا ضحية السويس!
دفعنا العيّاق أبعد من سكة الـ "ثلاثة آلاف دولار" تبع الهنود. فى الحلو ثورة، وفى المصايب: النظام السابق السبب. اختلط الحلو بالرضى، كأن مبارك مازال فى قصر الاتحادية، كلام عياق صحيح.
فهمت من كلام للدكتور عصام العريان أن الإعلام يريد إسقاط مرسى. قال الدكتور ياسر برهامى: والعلمانيون يريدون إسقاط الشريعة. مال دا كله بقتيل السويس؟ قتله سلفيون، بينما رصد العريان وبرهامى الدولارات لمصاصى الدماء.
ألف رحمة ونور على شاب السويس.. زى الورد، لكنَّ السلفيين مرض، والذين يروجون لغيبيات الطبيب والأديب وقت اللزوم طاعون أيضًا.
لا مجال للبحث عن مصاص دماء، قالوا: الجمل طلع النخلة. آدى الجمل وآدى النخلة. لن ينتظر النظام السابق حتى يعتلى الدكتور مرسى كرسى الرئاسة ليحاول إسقاطه.
لن يمهل النظام السابق الإخوان للسيطرة على البرلمان، وعلى الميدان، وعلى كل شىء كان، ليبدأ محاولات استعادة نفسه، فيعدل رأسه.. ثم يستقيم.
ليست نكتة.. إنما سخافة.
سمعت أن الطبيب والثائر والأديب "على ما تفرج" يتهم المجلس العسكرى بالضلوع فى حر الصيف، وبرد الشتاء. جاء الدكتور مرسى للرئاسة، بينما العسكرى مازال معه مفاتيح الهواء. ربما مازال لدى الفلول شفرة سد خلاف تأسيسية الدستور. ربما مازال رموز مبارك يتحفظون على أكواد توافق لو سلموها لاتفقت القوى السياسية والأحزاب والإخوان المسلمون!
النظام السابق هو الذى أفشل التأسيسية مرة لسيطرة الإخوان، وهو الذى دفع الإخوان لفرض السيطرة من جديد.. فذهبت الأحزاب مغاضبة مما فعله الإسلاميون.
قال لك: الاعتصامات أمام القصر الجمهورى لعبة. الغرض إظهار عجز الرئيس المنتخب. لماذا لم يذكر أحد أن الرئيس المنتخب هو الذى وعد سائقى التوك توك بنظرة، فذهب إليه أمناء الشرطة المفصولون، وذهب الباعة الجائلون، باعوا عرقسوس وحمص الشام على أبواب قصر الرئاسة. مفترض أن يمنعهم مبارك ورموز نظامه.
ماذا يعنى: الإعلام يريد إسقاط مرسى؟ لا معنى ولا محل من الإعراب، فالإعلام نفسه هو الذى ضرب فى الفريق شفيق، ومنح الدكتور مرسى فرصًا متزايدة خلال الانتخابات. أذكر مذيعًا من النوع الثورى على طريقة أغانى حمادة هلال، وأفلام نبيلة عبيد، ضرب "شقلباظ" على الهوا، واحتجب لترشح الفريق شفيق، ثم عاد اليوم التالى والدكتور مرسى فى يده.
لماذا يدفع الإعلام بالدكتور مرسى، ثم يحاول إسقاطه بعد نجاحه بأيام؟ ما علاقة مؤامرات الإعلام بمقتل شاب على يد ملتحين لسيره مع خطيبته دون محرم فى السويس؟
هل العلمانيون ضربوا رئيس حزب الأصالة السلفى على يده ليطلب نصوصًا "تقيد الحريات" فى الدستور الجديد؟ هل مذيعو التوك شو هم الذين دفعوا رئيس الأصالة لتبرير طلبه بأن "مصر ليست فرنسا يلبس فيها الناس "هدوم" على مزاجهم"؟
فى قرية "هارو" الهندية سألوا عجوزًا: أوصنا. قال: اتقوا الله.. وفارقوا الطبيب والأديب "على ما تفرج"!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصريه
العياق
عدد الردود 0
بواسطة:
ALI HUSSIN
رائع
مقال رائع