التصادم الثانى لليبرالية مع الإسلام هو الانفراد بالرأى وعدم اتباع الجماعة حتى لو كان خطأ من وجه نظر الليبرالى.
إن بناء وحدة الأمم يأتى بتنازل كثير من أبناء المجتمع عن آرائهم وينزلون على رأى الجماعة سواء كانوا مقتنعين بهذا الرأى أو رافضين، فليس هناك شىء اسمه حرية مادام أن الجماعة قد قالت قولها أو ما دام أن كبير الجماعة أو ولى الأمر قد قضى بذلك.
من هنا نعلم أن الحرية أمر نسبى جداً، فليس كل ما يعتقده المرأ يستطيع أن ينفذه، بل يجب عليه أن يكتم فى نفسه كثيراً مما يرغب نزولاً على رأى غيره، فعن أبى موسى الأشعرى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن فقال لهما: "تطاوعا ويسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا"، رواه البخارى.
ومعنى تطاوعا أى ينزل كل منكما عن رأيه الصواب من وجهة نظره إلى رأى أخيه الخطأ من وجهة نظره، بل أكثر من ذلك لو كنت على ثقة من صحة قولك ومن خطأ قول أخوك تنزل أيضاً، كما فعل أعظم البشر فى غزوة أحد فعن جابر بن عبد الله، قال: استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم أحد فقال: "إنى رأيت فيما يرى النائم كأنى لفى درع حصينة وكأن بقرا تنحر وتباع ففسرت الدرع المدينة والبقر نفرا والله خير، فلو قاتلتموهم فى السكك فرماهم النساء من فوق الحيطان"، قالوا: فيدخلون علينا المدينة ما دخلت علينا قط ولكن نخرج إليهم قال: "فشأنكم إذاً"، قال: ثم ندموا فقالوا: رددنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيه فأتوا النبى صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله ، رأيك فقال: ما كان لنبى أن يلبس لأمته ثم يضعها حتى يقاتل".
فنظر فى هذه القصة لم يخالف النبى عليه السلام رأى الجماعة فى أول الأمر، لكنه خالف رجوعهم عن القول لوجود حكم شرعى، وهو "ما كان لنبى أن يلبس لأمته ثم يضعها حتى يقاتل".
فللمسلم العالم أو طالب العلم الذى يعلم أن المجتمع يخالف حكماً شرعياً له أن يخالف ويعلن مخالفته ولكن لابد أن يكون حكيماً يستطيع أن يقدر المصالح والمفاسد فقد يسكت مؤقتاً بعض الوقت عن بعض المخالفات حتى يحين وقت النهى والتغيير.
بخلاف الليبرالى الذى لا يعرف الأحكام الشرعية فلا يحل له مخالفة المجتمع والعرف إذ لا يجوز كما قلنا مخالفة المجتمع، إلا فيما يغضب الله لقوله صلى الله عليه وسلم لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق.
وكذلك من مبادئ الإسلام تحمل الأسرة ثم القبيلة ثم المجتمع أخطاء الأفراد غير المقصودة كالقتل الخطأ أو احداث عاهة بشخص آخر بدون قصد كأن يصدمه أحد بسيارة أو يسقط فوق رأسه شىء أو يكون طبيباً فيعالجه خطأ فيحدث له عاهة أو وفاة.
عن المغيرة بن شعبة قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية على العاقلة"، رواه ابن ماجه، وعلى العاقلة أى على عصبة القاتل.
وروى الإمام مالك فى موطئه فقال: الأمر المجتمع عليه عندنا: أن الطبيب إذا ختن، فقطع الحشفة إن عليه العقل، وأن ذلك من الخطأ الذى تحمله العاقلة، وأن كل ما أخطأ به الطبيب أو تعدى إذا لم يتعمد ذلك، ففيه العقل.
وروى الإمام مالك: عن ابن شهاب أنه قال: مضت السنة فى قتل العمد حين يعفو ولى المقتول، أن الدية تكون على القاتل فى ماله خاصة، إلا أن تعينه العاقلة عن طيب نفس منها.
ففرض الإسلام تحمل بعض النفقات على العصبة، وهم الرجال فى كل عائلة وقبيلة توجد نوع من الترابط فى العلاقات بين أفراد المجتمع تجعل كل فرد لا يستطيع أن ينفرد برأى أو بحكم، سواء كان رجل أو امرأة فلو فرض أمير المؤمنين أو كبير القبيلة أو شيخ العائلة زياً شرعياً على المرأة كالحجاب مثلاً فلا يسعها إلا الطاعة والانصياع للأمر دون مناقشة أو جدال.
إن الليبرالى لا ينصاع لأحد ولا لمجتمع إلا أن يكون العقاب قانوناً، لذا فهو يخشى الدولة ولا يعبء بالمجتمع وربنا تجرأ بعضهم فناقش ثوابت الدين، فلقد شاهدت فى التلفاز حواراً بين الدكتور محمد عمارة والمدعو نصر حامد أبو زيد الذى حكم عليه الأزهر والقضاء بالردة وفرقوا بينه وبين زوجته فهرب خارج مصر ومات بها، قال الدكتور عمارة لنصر حامد: أنت اخترت محامى على شاكلتك ويؤمن بأفكارك حتى إنه يقول إن الإسلام يخلق شخصية تافهة مسلوبة الإرادة، وذلك متمثل فى قول الله تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36] فكيف يسلبه حق الاختيار.
فالليبراليون يناقشون فى قضايا الحلال والحرام بالعقل وليس بالأدلة الشرعية فليس للأحكام قداسة ولا للعلماء قداسة ولا للأعراف قداسة، فالقداسة الوحيدة هى للعقل فأى عقل، عقل كل إنسان أى إنسان يقدم على الدليل الشرعى ليشرع صحابة أنه حر.
أما المسلم فيعلم أنه ليس حراً، بل هو مقيد بالشرع وأحكامة وأوامره يعلم أن ماله ليس من حقه بل هو مستخلف فيه فلا يحق له أن يوصى إلا بثلثه أو أقل ولا يحق له أن يخص أحد ورثته بشىء دون الباقى فيعلم باختصار أنه عبد بكل ما تحمل الكلمة من معنى فلا يفعل شىء إلا بحساب عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر"، رواه مسلم.
وليس له أن يغير أو يبدل دينه كمسلم فقط، لأنه الدين الخاتم الناسخ لما قبله فلا يمكن أن يكون هناك شريعتان أو أكثر ويكون جائز التعبد بأيمنهم، لكن الذى ندين لله به أن الدين عند الله هو الإسلام فقط فيجوز الانتقال من اليهودية أو المسيحية إلى الإسلام ولا يجوز العكس.
من ذلك نعلم أن الليبرالية تتناقض مع الإسلام فى أمور كثيرة، كما أنها تتشابه مع العلمانية فى وجوه وهذا ما سأبينه لاحقاً.
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد عبد الإلاه
أختلف معك
عدد الردود 0
بواسطة:
متولي إبراهيم صالح هاتف 01227972399
أدعوك إلى حوار أخي أمجد تحت رعاية اليوم السابع أو ما أو من تشاء
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد صبحى
بارك الله فيك
عدد الردود 0
بواسطة:
ليبرالي
برضه أنا ليبرالي
مهما قلت أنا ليبرالي وسعيد جداً والحمد لله .
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
مصدوم
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد أحمد
نؤيد التعليق رقم1
عدد الردود 0
بواسطة:
كلام من الاخر
احسنت جزاك الله خيرا
احسنت جزاك الله خيرا