"تذكر...تذكر الخامس من سبتمبر 2005" عبارة صغيرة، إلا أن حروفها تحمل ألماً وحزنًا عميقًا لم يتمكن الزمن بمرور سبعة أعوام أن يمحو أثرها فى نفوس المثقفين والمبدعين، وظلت غصة فى الحلق، لا تذوب مرارتها، حتى بسقوط نظام استشرى الفساد فى عهده حتى وصل إلى انتهاك آدمية المواطنين، وأمام البيروقراطية العقيمة، احترقت الأجساد، ووقفت سيارات الإسعاف، والأطباء فى المستشفيات، يشاهدون ما يحدث، لتنتصر الإجراءات على إرادة البشر فى الحياة، ولقى العديد حتفهم دهسًا بعد أن دب الذعر فى صفوف المشاهدين، فتفحمت الجثث لدرجة منعت الطب الشرعى التعرف عليها.
تلك كانت فاجعة محرقة مسرح بنى سويف، التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، التى نمر اليوم بالذكرى السابعة لها، حينما تصاعدت ألسنة الغدر جراء احتراق المواطن البسيط، والمبدع المناضل، فى نهاية عرض مسرحية «من منا؟»، عن قصة "حديقة الحيوان" لفرقة نادى مسرح طامية بالفيوم، وذلك فى قاعة الفنون التشكيلية الملحقة بمبنى القصر، وخلال تحية الممثلين للجمهور فى نهاية العرض، تصاعدت ألسنة الدخان، فغيبت نيران الحريق فى صعيد مصر، العديد من الشهداء، ومن بينهم اثنين وثلاثين اسمًا لامعًا فى المسرح المصرى والعربى، من بينهم كُتَّاب ونقّاد ومخرجون وأساتذة متميزون قبيل انطلاقة مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى، مثل أستاذ الدراما فى المعهد العالمى للمسرح التابع لأكاديمية الفنون والممثل والمخرج محسن مصيلحى صاحب التأثير الكبير فى الأوساط الطلابية، وكذلك المخرج بهاء الميرغنى الناشط فى الحركة الطلابية فى السبعينيات، وفى عالم النقد والكتابة المسرحية هما أستاذ النقد فى أكاديمية الفنون حازم شحادة وزميله الناقد والأستاذ فى نفس المعهد مدحت أبو بكر، إضافة إلى نزار سمك الذى كان من أبرز مطلقى مهرجان نوادى المسرح قبل خمسة عشر عامًا الذى كانت تعرض ضمنه مسرحية "حديقة الحيوان"، وأستاذ المسرح المتميز صالح سعد.
وبالرغم من قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة، إلا أن تخوفات المثقفين والمبدعين، مازالت باقية، فى ظل استمرار أحداث العنف، والاعتداء على المؤسسات الثقافية، وأحداث الفتن الطائفية، والتى لا تتعامل الدولة معها بجدية وحزم شديد، ووجود متشددين يحسبون على التيار الإسلامى، يلقون بتهم الكفر والزندقة، كمن يلقى ببذور الثمار فى أرض خصبة فتنبت قبل موسمها، وخاصة أن تقرير المعمل الجنائى – بحسب ما ذكرت جماعة الخامس من سبتمبر - فى تلك الواقعة توصل إلى وجود بودرة حارقة فى موقع الحادث مكونة من مادة شديدة الانفجار، وهو ما دفع العديد من المثقفين والمبدعين وأهالى الشهداء إلى التأكيد على أن الحادث كان مدبرًا وبفعل فاعل، ليبقى السؤال الأهم: هل تجدد المأساة فى ظل حالات غياب الأمن؟ واستمرار دعاوى الكفر والزندقة واتهام المبدعين والممثلين بالسفور والفجور وارتكاب الزنا؟ ولا رادع قانونى من الدولة؟
عدد الردود 0
بواسطة:
القطة لالا
هو مين