تعانى مصر أزمة حقيقية فى مجال الطاقة، فالاستهلاك السنوى يتزايد بصورة مذهلة، بينما إنتاج مصر من الغاز الطبيعى والمازوت ثابت أو فى تراجع ولأسباب عديدة، منها انسحاب عدد من الشركات العالمية العاملة فى البحث والاستكشاف عن البترول والغاز من العمل لعدم سداد مستحقاتها، وارتفاع معدلات استهلاك الغاز من خلال محطات توليد الكهرباء وغير الاقتصادية، وتم تركيب بعضها من خلال الخطط الإسعافية لمواجهة استهلاك الكهرباء فى الصيف والذى ارتفعت معدلات استهلاك الكهرباء فيه إلى 15% بدلا من 7% كما كان مخططا له، ومنح رخص لصناعة الأسمنت والصناعات كثيفة استهلاك الطاقة دون الربط بين معدلات الاستهلاك والإنتاج المتاح من الطاقة.
وعلاج الأزمة والذى تسعى الحكومة إليه من خلال فتح باب استيراد الغاز الطبيعى من الخارج لمواجهة الاحتياجات، والاعتماد على استيراد الغاز لا بد أن يكون لمصلحة صناعات محددة مثل الحديد والصلب والأسمنت والأسمدة والسيراميك والبتروكيماويات وغيرها من الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة بشرط ألا تستثنى مصانع من ذلك، وأن يكون الاستهلاك من الغاز المستورد بسعر التكلفة.
ومن الخطير أن تعامل الدولة صناعة واحدة بسعرين سعر للغاز المستورد، وسعر للغاز المحلى، وهو ما يُحدث خللا فى المنظومة الاقتصادية، ويخلق نوعا من المنافسة غير الشريفة لأن الغاز يمثل نسبة كبيرة من التكلفة وبالتالى لا يجوز أن يكون مصنع يستهلك الغاز بسعر يصل إلى 14 دولار للمليون وحدة حرارية من الغاز المستورد، وآخر يستهلك بسعر من 3 إلى 5 دولارات من الغاز المصرى، ولكن توحيد سعر الغاز لكل صناعة، وأن يكون بالأسعار العالمية، لأنه ليس مقبولا أن تدعم الدولة صناعات تبيع منتجاتها فى السوق المحلية بأسعار تتفوق على الأسعار فى السوق العالمى.
أما عن الاقتصاد فى استهلاك الكهرباء والتى تبتلع نحو 60% من إجمالى استهلاك الغاز محليا والنسبة الباقية من المازوت تعادل فيه المليون وحدة حرارية 17 دولارا، بينما تسدد دولارا واحدا فقط عن كل مليون وحدة حرارية، ويصل معدلات استهلاك الكهرباء إلى نسب خرافية تصل إلى 15% بينما المخطط لها 7% فقط، وهو ما لا يتناسب مع معدلات النمو فى مصر والتى لا تزيد على 2%، وهنا يتم الكشف عن حقيقة الاستهلاك المنزلى من الكهرباء، وهو ما يزيد على 42% وهى نسبة عالية جدا بالنسبة للاستهلاك الصناعى الذى لا يتجاوز 32% فقط.
ويؤكد الخبراء أن معدلات استهلاك الكهرباء فى التسخين تصل إلى 25% من الاستهلاك المنزل أى ما يزيد على 10% من استهلاك الكهرباء فى مصر، وبالتالى من الممكن توقف هذه النسبة إذا ما تم إحلال السخانات الشمسية محل السخان الكهربائى، وأن يتم البدء بها فى المدن الجديدة والمبانى الجديدة، ومن خلال ربط دخول المرافق بإنشاء سخانات شمسية على أسطح المنازل وعلى أن يتم تمويل تلك السخانات لارتفاع تكلفتها الإنشائية من خلال البنوك المصرية وأن يتم السداد على أقساط وتحصّل عبر فواتير الكهرباء والتى سوف تقل إلى حد كبير جدا يشعر به المواطن، حيث إن تكلفة التسخين بالطاقة الشمسية تعادل صفرا لأن كل التكلفة هى فى الإنشاء فقط.
وهناك أهمية أيضا لأن تولى وزارة الكهرباء أهمية لتنويع الطاقة المستخدمة فى توليد الكهرباء، وأن تتجه إلى الفحم مثلما يحدث فى الصين والهند وروسيا، وتتجاوز نسبة الاعتماد على الفحم فى توليد الكهرباء فى تلك الدول 75%، خاصة أن التكنولوجيا حاليا تمنع حدوث أى تلوث من استخدام الفحم، ولدى مصر منه حاليا احتياطيات كبيرة يمكن استغلالها أو حتى الاعتماد على الاستيراد لانخفاض أسعاره عالميا، المهم أن تنويع مصادر الطاقة أصبح يمثل أهمية كبرى فى مصر الآن، أم نظل مستنزفين؟!!.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
انا انا
مستقبل مشرق