قصة جدعنة، وضحكة تتقاسمها لنسيان جلسة الرصيف، وساعات طويلة فى انتظار زبون لا يأتى.. أنت الآن فى عالم "السقط"، وبمعنى أدق تجارة الممبار والكرشة والفشة، هنا دونما عن كل حكايات عالم الجزارة تحتل صاحبات الأيدى الناعمة نصيب الأسد.. جردل مياه، ووقت فراغ لا يملكون غيره، ومهنة حفظوها منذ نعومة أظافرهن، هى كل المقومات المطلوبة لتتراص السيدات منذ ساعات الصباح الأولى وحتى آذان المغرب على أرصفة المدبح القديم الذى تحتل مكانة الآن مستشفى 57357 رافعات شعار "الرزق على الله".
بين جرادل المياه ورائحة "السقط" مازال اسمها هو الأهم رغم رحيلها قبل سنوات: "الخرسة ديه كانت أقدم وأهم ست فى المدبح بس الله يرحمها بقى" كلمات يرددها أحد شيوخ المدبح وهو يشير مثل العديدين إلى نفس الشماسى الحمراء التى تظهر إلى جانب طريق المدبح الملتوى حيث تستقر صبيتها وجيرانها، تقطع الطريق لتقابل "سيدة" صاحبة الأربعين عاما أسفل هذه الشماسى تقول: "الخرسة الله يرحمها كانت ذى العسل، كلنا هنا أولادها وأتعلمنا منها، كان ليها طريقتها مع الزباين ولمة الناس حواليها ذى عيلة".
ذكريات المدبح القديم، وسرعة البيع والشراء قبل أعوام، وكلمات "هو اللى بينزل الستات إيه غير لقمة العيش"، أحاديث تدور طالما أنت فى المكان، قبل أن ينبعث صوت "بطة" التى تجلس بجانب "سيدة"، وهى تقول: "أحنا اللى كنا من كام سنة مش عارفين نودى اللحمة فين دلوقتى داخلين على العيد ومش عارفين هنأكل ولادنا لحمة منين".
أما عن جدة تتناقل سيدات المدبح مهنة "السقط".. تتبدل أحوالهن بين قصة زواج وبعد عن العمل، أو مشاركة الزوج فى فرشة، أو مثل أم كريم التى تقول "نزلت أشتغل عشان أجهز بنتى، وتتابع: "من كام سنة نزلت أجهز بنتى الأولنية، والحمد لله قدرت وستتها فى بيتها، بس المرة ديه الحال واقف وملناش غير كرم ربنا".
خارج متاعب العمل تحيط حياتهم هنا حصار مجتمعى من نوع آخر تلخصه سيدة: "بيقولوا طالما ستات المدبح نبقى بلطجية وبتوع خناقات، أو درجة ثانية من الستات" وتتابع: "اللى بيفرق ستات المدبح هو الشقا، الستات فى بيوتها عايشة وإحنا هنا بنشقى فى الشوارع عشان نربى عيالنا، لكن منعرفش نقابل حد غير بضحكة حلوة، وكلمة كويسة".
كرشة وفشة وممبار.. حينما يحصل الجنس الناعم على نصيب الأسد فى الجزارة
الإثنين، 14 أكتوبر 2013 03:41 م
بائعة جائلة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة