عقد مجلس إدارة نادى قضاة مجلس الدولة برئاسة المستشار حمدى ياسين عكاشة نائب رئيس مجلس الدولة، مؤتمرا صحفيا، أمس الخميس، لعرض آخر المستجدات فيما يتعلق بمحاولات سلب اختصاص القضاء التأديبى من مجلس الدولة ومنحه للنيابة الإدارية.
وقال "النادى" فى بيان صحفى، منذ قليل: "إن فكرة إنشاء جهة قضائية جديدة تختص بالتأديب وسلب هذا الاختصاص من مجلس الدولة وإسناده إلى هيئة النيابة الإدارية يخالف النظم العالمية التى لا تعرف سوى القضاء الموحد أو القضاء المزدوج ولا تعرف شيئًا آخر يسند له ولاية القضاء التأديبى فصلا عن القضاء الإدارى".
وأضاف "البيان": "أن هيئة النيابة الإدارية تختص بالتحقيق فى المخالفات المالية والإدارية التى يرتكبها الموظف العام بحيث يتم مواجهة الموظف بما هو مأخوذ عليه وتمكينه من الدفاع عن نفسه، وإذا ارتأت هيئة النيابة الإدارية وجها لإقامة الدعوى التأديبية تقيمها أمام المحكمة التأديبية المختصة بمجلس الدولة، وتباشرها أمام هذه المحكمة، فإذا صدر حكم لم ترتضه هيئة النيابة الإدارية أو الموظف يتم الطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التى أرست مبادئ عظيمة فى مجال التأديب".
وتابع: "نظرا لأن اختصاص هيئة النيابة الإدارية بالتحقيق لا يخل بحق الجهة الإدارية التى ينتمى إليها الموظف العام فى الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق وإصدار قرارات الجزاء فقد أنيط بالمحاكم التأديبية بمجلس الدولة الفصل أيضا فى طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية للسلطات التأديبية".
واستطرد: "لعله من أهم المبادئ الحاكمة المستقرة فى مجال المحاكمات التأديبية، حيدة الهيئة التى تتولى هذه المحاكمة بحيث يمتنع على من أبدى رأيا فى الاتهام أو ساهم أو شارك فى إجراءات التحقيق أن يشترك فى هيئة المحاكمة".
وأوضح "النادى" فى بيانه أن من أهم المبادئ الحاكمة فى مجال المحاكمات التأديبية، حيدة الهيئة التى تتولى هذه المحاكمة بحيث يمتنع على من أبدى رأيا فى الاتهام أو ساهم أو شارك فى إجراءات التحقيق أن يشترك فى هيئة المحاكمة.
وحول المبررات التى يسوقها بعض المنادين بمثل هذا المقترح من أعضاء النيابة الإدارية أمام لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين، أشار بيان "النادى" إلى أن أعضاء النيابة الإدارية يروجون بأن قانون هيئة النيابة الإدارية نظم المحاكمات التأديبية ولم ينظمها فى قانون مجلس الدولة، وهذه مغالطة من أكثر من وجه.. فأولا: كانت المادة 4 من القانون رقم 112 لسنة 1946 قبل إنشاء هيئة النيابة الإدارية تنص على أن: "تختص محكمة القضاء الإدارى دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية، ويكون ولها ولاية القضاء كاملة.... 4- الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون الدائمون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية إذا وقعت مخالفة للقوانين أو اللوائح... ".
وإزاء قصر القانون المشار إليه عن بسط الحماية القانونية لجميع الموظفين العموميين الدائمين، صدر القانون رقم 9 لسنة 1949 معالجة أوجه القصور فى القانون القديم، وما يهمنا هنا هو نص المادة 4 من القانون الجديد (9/ 1949) والتى نصت على أن: "تختص محكمة القضاء الإدارى دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية، ويكون ولها ولاية القضاء كاملة.... 4- الطلبات التى يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية...".
ومن المعلوم أن هيئة النيابة الإدارية أنشأت أصلا بالقانون رقم 480 لسنة 1954 ولم يكن لها من وجود قبل ذلك، فعن أى اختصاصات يتحدثون، ثم عندما جاء القانون رقم 117 لسنة 1958 وتحدث عن المحاكم التأديبية ولم يكن لهيئة النيابة الإدارية أى اختصاص فى مجال المحاكم التأديبية، بل كانت المحاكم التأديبية تتشكل برئاسة أعضاء مجلس الدولة وعضوية عضو آخر من مجلس الدولة أيضا، وعضو من ديوان الموظفين، فأى تزييف للحقيقة هذا الذى يدعون؟! – بحسب البيان.
ثانياً: أن مجلس الدولة يحكم فى الدعاوى التأديبية بمنطق المشروعية! فهل يمكن أن يكون هناك منطق آخر؟.
ثالثاً: قياس حالة النيابة الإدارية على حالة النيابة العامة فى مصر حجة فاسدة، فلم يجرؤ أشد الناس انزلاقاً وعدم روية على اقتراح ضم القضاء الجنائى للنيابة العامة لتحقق وتتهم وتحيل المتهم وتباشر الدعوى وتفصل فيها وتطعن فى الحكم الصادر منها، وأن النيابة العامة فى مصر لها وضع خاص من حيث إنها استثناء على مبدأ مباشرة التحقيق بواسطة قاضى التحقيق ومباشرة الاتهام بواسطة النيابة العامة.
وأكد بيان النادى أن هذا المقترح يهدم العدالة التأديبية بحجة تطويرها، ويكشف العمالة الزائدة بالهيئة والتى عينت ويتم الآن البحث لها عن اختصاصات وليكن مجلس الدولة هو الفريسة والهدف، ولتوجه له سهام النقد التى لا تملكها الهيئة العزيزة، لأن إلقاء الحجارة عمل متهور وغير حصيف لمن أبوابه ونوافذه من زجاج، حتى ولو كان متأكداً- وهى حقيقة- أنه لن يُقذف بتلك الحجارة.
رابعاً: أن الأرقام المعلنة رسميا- والتى تحاول هيئة النيابة الإدارية تشويهها بدعاوى تأخير الفصل فى الدعاوى والطعون وهى دعاوى باطلة وتحمل من اللدد أكثر مما تحمل من اتقاء الله ولديها مثل هذه البيانات- تثبت أن إجمالى الدعاوى والطعون التأديبية المتداولة أمام المحاكم التأديبية بمجلس الدولة خلال العام القضائى 2012 /2013 بلغت (14746)، أُنجز منها- بواسطة عدد يقل عن مائة قاض- (9248) قضية وتبقى للعام القضائى الحالى (5498) دعوى وطعن تأديبى، والدعاوى التى تطلب الهيئة تكوين جهة قضائية مستقلة لا تزيد على ثلث هذا العدد أى حوالى (1833) دعوى تأديبية!! فأى جهة قضاء يحلم بها الحالمون – بحسب البيان.
خامساً: إن ما طالعتنا به بعض الصحف من أن مقرر إحدى لجان لجنة الخمسين من أن المعروض على لجنة الخمسين هو اقتراحات منها ما هو متعلق ببقاء اختصاص مجلس الدولة بقضاء التأديب مع إلغاء الندب، أو منح الاختصاص لهيئة النيابة الإدارية مع بقاء الندب، أو طرح أمور متعلقة بالندب كلياً أو جزئياً، فإنه ولئن نفى مصدر مسئول بلجنة الخمسين صدور مثل هذا التصريح بتلك الكيفية، إلا أننا نرفض بشدة ربط تمسكنا باختصاصاتنا وبين التلويح بالندب فلا علاقة لكليهما ببعضهما، فموقف النادى سبق التعبير عنه رسميا، ونقول: "إنه فليذهب الندب إلى الجحيم فهو مطلب يخص جهات الإدارة والوزارات وهى وشأنها فيما تقترحه، ويبقى الأمر متعلقاً بالتمسك باختصاصاتنا كاملة غير منقوصة ومنها القضاء التأديبى"، وستفشل بإذن الله كل محاولات سلب هذا الاختصاص أو غيره، ولتكف الهيئة العزيزة وغيرها عن خلط الأوراق التى لن تفيد.
سادساً: أن محاولات الهيئة تحويل طلباتها إلى الحصول على اختصاص (توقيع الجزاء) واستخدام تلك العبارة كظهير دستورى اعتقاداً منها أنها بقادرة على خديعة المشرع ليوليها توقيع الجزاءات ولتحاول بذلك المساس باختصاص مجلس الدولة بنظر الدعاوى، هو كذلك من الأوهام، فكيف لها أو كيف لأحد أن يوافقها على سلب اختصاصات الجهات الإدارية التى تتولى تعيين الموظف وترقيته وتسوية حالته وندبه وإعارته وتأديبه وإنهاء خدمته؟.
سابعاً: حين تم منع المقيمين بمجلس الشورى ليل نهار بحثاً عن الاختصاص فى عواطف أعضاء اللجنة حتى تستطيع لجنة الخمسين أداء عملها، وتحول المقر إلى ردهات وغرف القنوات الفضائية وما بيدها تحقيق الأمانى بعد أن شهد القاصى والدانى التجرؤ على عرض المعلومات المغلوطة والألفاظ السيئة التى لا تليق بمقامهم، والمساس بهيبة جهات القضاء، وهم يعلمون أن القاضى لو كان منتمياً حقاً لصرح الهيئات القضائية فلا يليق به أن يكيل التراب على قُضاة الجهات القضائية فقط لكونه ليس منهم.
ثامناً: الانفلات الأخلاقى سمة من سمات التخلف ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة لن يجديا الهيئة وتطاول العديد من الأعضاء على المجلس وقاماته خطأ جسيم، والحقيقة لن تتوه وسط الحملة المحمومة والاعتداءات غير المبررة على قامات مجلس الدولة وقُطع لسان كل من يحاول الوصول لأهدافه تارة بالهجوم على رئيس الجمهورية والإدعاء بتدخله فى الأمر وهو الحريص على الوفاء بوعد الثورة بإتمام خارطة المستقبل فى موعدها، وتارة باتهام أحد الحضور بجمعية نادى قُضاة مجلس الدولة بعدم الحياد بينما من صوت بلجنة نظام الحكم اعتبروه محايداً.
وأوضح النادى فى بيانه أن جميع من يحضرون مؤتمرات نادى قُضاة مجلس الدولة يؤمنون بأن غاصبى الاختصاصات وسالبيها إنما يعتدون على المستقر من المبادئ القانونية وعلى فكرة النظام المزدوج، وتارة أخرى يهاجمون لجنة الخبراء بدعوى أن منها من هو عضو بمجلس الدولة، ومن هو عضو بالمحكمة الدستورية العليا!! ولم لا وهم قمم الجهات القضائية ومعهم رجال القضاء العادي!! لقد طاش صوابهم، وصار العقل فى غيبة عن إدراك الواقع وتحكمت الأحلام والأوهام.
وتابع "البيان": "اتهام مجلس الدولة بممارس ضغطاً على لجنة الخمسين بحجز إحدى الدعاوى غير مسئول ويهين جهة قضاء عريقة يستوجب إبلاغ النائب العام وهو ما لن نتنازل عنه مطلقاً وسنتخذه فى حينه، فجميع من هم بدوائر محكمة القضاء الإدارى والمحكمة الإدارية العليا وأعضاء هيئة مفوضى الدولة لكليهما ممنوعين من حضور جمعيات المجلس والنادى، وليس من شيمة مجلس الدولة الشامخ دوماً بقضائه أن يضغط أو يطلب، فالهيئة المذكورة تعلم أن اختصاصات مجلس الدولة ثابتة ومستقرة منذ 67 عاماً، ولم يكن هو المعتدى أو السالب لاختصاص أحد.
واختتم بيان "النادى" بالقول:"يا من ترون أن الغاية تبرر الوسيلة ولا تحترمون القانون، وترتكبون من الآثام ما يخضع لقانون العقوبات، كفوا عن هذا الهراء فأنتم على شفا حفرة من النار إذ تلهون بها فى مضمار العدل فالنار ستحرق اللاهين بها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة