د. محمد صلاح أبو رجب

حافظوا على مجلس الدولة نصرة للمواطن المصرى

الجمعة، 08 نوفمبر 2013 08:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن مجرد الحديث عن دور مجلس الدولة ومدى اضطلاعه بدوره إنما هو نوع من الجهل بما هو معلوم للكافة، فما بالنا بمن يحاول أن يمس باختصاصات مفجر الثورات وحامى حقوق وحريات مواطنى هذا البلد، بالتأكيد فهو إن دل فإنما يدل على مدى الرده للوراء، التى أصابت القائمين على الأمر.

وهنا لست فى مقام التعريف بمجلس الدولة لأننى اعتقدت بل لدى علم يقينى بوعى المواطن المصرى البسيط لدور وأهمية هذا الكيان القضائى، الذى تقف أمامه الدولة لمحاكمة قراراتها، وتلجأ إليه للحصول على المشورة القانونية السليمة، فمجلس الدولة هو القاضى والمفتى، وحينما نذكر ذلك يذهب بعض المرجفين بمجلس الدولة إلى أنه كيف يمكن أن تجتمع الصفتان فى كيان واحد؟!!


أقول لهؤلاء إنه غنى عن البيان أن صفتى القاضى والمفتى لا تجتمعان أبدا فى شخص واحد لنظر الموضوع ذاته، فمن يجلس للإفتاء فى مسألة قانونية يحظر عليه الجلوس على منصة القضاء طبقا للقواعد العامة، التى يعلمها كل دارس للقانون.


تشعر اليوم بأن البعض يعتبر اختصاصات المجلس غنيمة له ولهيئته، ولكن هيهات هيهات لمن يفكرون فى ذلك، فلن ينالوا أبدا من هذا الصرح الشامخ، ولن تنال جهاتهم التى ينتمون إليها إلا ما تستحق، ولن تحصل إلا على ما هو محدد لها بحكم طبيعتها.


تحاول هيئة النيابة الإدارية بشتى الطرق سلب اختصاص مجلس الدولة بنظر الدعاوى والطعون التأديبية، وهو اختصاص أصيل للمجلس منذ عام 1958 بدعوى أن ذلك يعد من قبيل العدالة الناجزة وفى صالح المواطن باعتبار أنها (أى الهيئة) لديها من الإمكانيات التى لا تتوفر لمجلس الدولة فى تحقيق هذه العدالة، وهو أمر يدعو للدهشة، ويدفعنى لتوجيه تساؤل إلى القائمين على الأمر فى هذه الهيئة كيف يكون هدفكم تحقيق العدالة الناجزة وتتأخرون فى إجراء التحقيقات، التى هى صميم عملكم، وأضرب لكم مثالا واقعيا من أروقة المحكمة التأديبية حيث أحيل لها تحقيق إدارى من هيئة النيابة فى إحدى القضايا وقد بدأ أحد أعضاء الهيئة الموقرة بالتحقيق فى الوقائع المسندة لأحد العاملين بالدولة عام 1998، وقد أحالتها النيابة للمحكمة التأديبية عام 2002 أى بعد أربع سنوات!!!! وكان العضو يقوم بفتح تحقيق فيها كل ستة أشهر حتى لا تسقط المخالفات!!!! أى عدالة ناجزة وأى مصلحة للمواطن تتحدثون عنها فى طرقات الجمعية التأسيسية وأمام لجنة نظام الحكم ووسائل الإعلام.

كما أنه من الناحية القانونية، يعرف العالم نظامين قانونين هما النظام القضائى الموحد والنظام القضائى المزدوج، وقد سارت مصر على النظام المزدوج الذى ينقسم فيه القضاء إلى المحاكم العادية والقضاء الإدارى الذى يشمل المنازعات التأديبية، ولم نعرف فى أى دولة فى العالم النظام الذى تود لجنة الخمسين تصديره للشعب المصرى فى دستور الثورة وهو نظام قضائى ثلاثى يشمل القضاء العادى، والقضاء الإدارى، والقضاء التأديبى، يا سادة لا توجد سابقة فى العالم تفصل بين الاختصاص بالفصل بين المنازعات الإدارية والتأديبية.


ومن ناحية أخرى فإن من شأن إسناد الاختصاص بالتأديب للنيابة الإدارية إهدار العدالة وليس إنجازها، حيث إنه ستتوحد سلطات التحقيق والاتهام والإحالة والمحاكمة والطعن فى جهة واحدة!!! ولا وجه للقياس هنا على وضع النيابة العامة حيث إن هذا الوضع فى الأساس استثنائى؛ لأنه من المعلوم بالضرورة ولا يحتاج إلى مزيد لبيان أن من يباشر التحقيق هو قاضى التحقيق.


وأخيرا لتعلم لجنة الخمسين معلومة مهمة وهى أن عدد قضاة مجلس الدولة الذين يعملون فى حقل المحاكم التأديبية يبلغ عددهم (99) عضوا، وعدد القضايا التى تمثل فيها النيابة الإدارية هذا العام لا تتعدى الـ 2000 دعوى، بالله عليكم هل ما ذكرته من إحصائيات يستأهل إنشاء جهة قضاء تأديبى؟ أم أن الأمر يتعلق بدعاوى فئوية تصدر ممن له مصلحة خاصة.

وعلى جانب آخر تحاول هيئة قضايا الدولة الموقرة سلب الاختصاص الإفتائى من المجلس عن طريق النص على اختصاصها بإعداد العقود، وكذلك سلب اختصاص المجلس بالتسوية بين أطراف الخصومة المنصوص عليها فى المادة (28) من قانون مجلس الدولة، وأى مواطن بسيط سوف يسأل نفسه سؤال غاب عن المثقفين القائمين على وضع دستور مصر وهو أنه كيف يمكن لهيئة نائبة عن الدولة أن تسوى نزاعاً بينها وبين خصمها؟!!! بمعنى أنها ستكون الخضم والحكم فى آن واحد!!! أين العقل يا أولى الألباب.

نرى ودون الدخول فى تفصيلات لا يتسع لها المقام أنه لا يجوز أن يكون أمر التسوية مرهوناً بإرادة هيئة قضايا الدولة، لأنها محامى الدولة ونائبها، ولا يجوز للنائب أن يلغى إرادة الأصيل.

وعن إعداد العقود فإنها منوطة بمجلس الدولة بمراحلها المختلفة، حيث إن إعداد العقد عملية مركبة تمر بمراحل متكاملة لا يمكن فصلها تبدأ بإعداد كراسة الشروط والمواصفات، والطرح والإعلان، وتلقى العطاءات وفحصها، والترسية والإسناد، وهذه المراحل كانت تتم تحت بصر ومراقبة مجلس الدولة وكان يبدى رأيه القانونى بشأنها، وكون تراثا كبيرا من المبادئ بعد عشرات السنين، فهل ستكون لدى هيئة قضايا الدولة مثل هذه الخبرات الموجود فى الأساس لدى مجلس الدولة؟


كما أن تعديل عبارة (إعداد العقود) وجعلها (صياغة العقود) سيؤدى إلى تداخل فى الاختصاص الولائى بين جهتين بشأن موضوع واحد، وهذا فى حد ذاته تعطيل لتعاقدات الدولة وعدم ضمان استقرار بعض مبادئ إعداد وصياغة العقود، أى مصلحة عامة ترمون إليها أيها القائمون على وضع دستور الثورة؟


أوجه حديثى لهيئة قضايا الدولة الموقرة إذا كنتم تريدون بالفعل مصلحة الوطن والمواطن عليكم بالكف عن إطالة أمد النزاع بالطعن على الأحكام التى استقر بشأنها المبدأ القانونى، كما هو الحال فى قضايا رصيد الإجازات الاعتيادية التى هى حق للعامل الذى قد يكون فى أمس الحاجة إلى مثل هذه الأموال، ومع ذلك تطعنون فى الأحكام الصادرة فى هذه القضايا بما من شأنه التعارض مع حقوق الإنسان من خلال إهدار مبدأ إعطائه كل ذى حقا حقه وعدم مماطلته فيه.


كما يجب عليكم أن تكفوا عن إقامة المنازعات أمام محاكم غير مختصة وقد انحسم الأمر بعدم اختصاصها، مثل إشكالات التنفيذ التى كانت تقيمها الهيئة ضد أحكام مجلس الدولة الصادرة ببطلان انتخابات مجلس الشعب عام 2010 وغيرها الكثير الذى لا يتسع له المقام أمام محكمة عابدين على نحو يطيل أمد النزاع فتعلن نتيجة الانتخابات وينحسر اختصاص مجلس الدولة عن نظره (أى النزاع).

وأوجه حديثى أخيرا للجنة الخمسين وأقول: لقد قام الشعب المصرى بثورته رافضا الاعتداء على القضاء الشامخ، وسقط دستور 1971 بثورة 25 يناير، وسقط دستور 2012 بثورة 30 يونيو، وجاء وقت دستور الثورة الحقيقى ضمن مراحل خارطة المستقبل؛ لينبثق فجر جديد نحو العيش والحرية والعدالة الاجتماعية التى يتعين أن يكون رائدها دستور الثورة الجديد، وإذا تطاير إلى ذهنكم مجرد المساس بالقضاء وخاصة مجلس الدولة فسيكون مصير ما تضعونه من نصوص دستورية ذات مصير ما سبقها من دساتير وضعت على عجل لخدمة نظام بائد فأسقطها الشعب.


إن مجلس الدولة كان ومازال وسيظل حصن المواطن فى حقوقه وحرياته، وهو المختص وحده دون غيره بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية والدعاوى والطعون التأديبية، والإفتاء القانونى لجميع الجهات الإدارية، ومراجعة القوانين التى تبرمها الدولة، ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ولن نسمح بالتطاول على المجلس ورجالاته، ولن نسمح بالمساس بحرف واحد من حروف نص مجلس الدولة فى دستور الثورة والذى نراه على النحو الآتى:

(مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية، والدعاوى والطعون التأديبية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بأحكامه، ويتولى الإفتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون، ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة العقود التى تكون الدولة أو إحدى الهيئات العامة طرف فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى).
حافظوا على مجلس الدولة نصرة للمواطن المصرى
اللهم إنى بلغت اللهم فاشهد.

* المستشار بالمكتب الفنى لقسم التشريع بمجلس الدولة.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

القضاء لم ينصر المواطن المصرى وليس هناك دليل اكثر من برأة كل الفاسدين طوال 30 سنه

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

قضاء شامخ ايه - انزل الشارع - نحن نعيش فى دوله بلا قانون - اين العداله يا محترم

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

كفايه تلاعب بالمواطن المصرى - انتم تنشدون التقديس فى ظل الظلم والقهر وسلب الحقوق

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

طه ابراهيم

ليسوا قضاه

عدد الردود 0

بواسطة:

مسعد صبره

مطلوب للمثول امام العدالة

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد فتوح احمد

مجلس الانتدابات

عدد الردود 0

بواسطة:

يسرى احمد

الغاؤه افضل

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى اصيل

مدان بجريمة سب وقذف اعضاء هيئات قضائية ومطلوب امام النائب العام

التعليق فوق

عدد الردود 0

بواسطة:

مواطن غلبان

قضية رقم 5883لسنة48ق عليا

عدد الردود 0

بواسطة:

نعيم بدوى

ونعم القاضى

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة