ليست فقط لأنها مدينتى ومسقط رأسى، ولكن لكونها إحدى علامات الثقافة فى بلادى مصر، ورمز النصر على أعداء الوطن المستعمرين، فقد سطر التاريخ لمدينة المنصورة، عاصمة محافظة الدقهلية، صفحات من النصر المبين على أعداء الدين، الذين أرادوا الاستعمار باسم الدين، أيا كان الدين، ولقن أبناء الدقهلية عدو الخارج دروسا فى معنى الدفاع عن الوطن واستقلاله، وما زال التاريخ محتفظا بدلائل نصرهم على عدوهم، وعدو بلدهم رغم مرور مئات السنوات.
ففى تلك المدينة وعلى مقربة من مكان الحادث الإرهابى الأثيم الذى استهدف أبناء الشرطة فى مديرية أمن المحافظة الأسبوع الماضى، توجد دار ابن لقمان التى ما زالت شاهدا على انتصارات شعب الدقهلية على المستعمر الغازى، ففيها تم أسر القائد الفرنسى لويس التاسع ملك فرنسا الذى جاء إلى مصر غازيا، رافعا راية الدين فى إحدى الحروب الصليبية، فأوقع شعب الدقهلية بجيشه شر هزيمة، وانتصر عليه فى قرية دقهلة فى عام 1250 للميلاد، وتم نقله إلى دار بن لقمان أسيرا حتى تم افتداؤه.
انتصار شعب الدقهلية على الحملة الصليبية قبل أكثر من 760 عاما، فيه كثير من الدروس والعبر لتنظيم جماعة الإخوان المسلحين، الذى تم تصنيفه بالإرهابى مؤخرا، وعليه أن يعى التاريخ وأن يستخدم نعمة التفكير، التى غابت عن سلوكه، وأن يتدبر ويتعقل فيما يمارسه من أعمال، لا تقل تصنيفا عن تلك التى كان يمارسها المستعمر الأجنبى، الذى أبى شعب الدقهلية تحديدا إلا أن يلحق الهزيمة بجيشه بل ويؤسره ويجعله عبرة لكل غاز معتد أثيم.
وثمة تشابه بين ما فعله لويس التاسع ضمن الحملات الصليبية، التى انطلقت من أوربا باتجاه العالم الإسلامى، وبين ما تفعله جماعة الإخوان المسلحين، وهو الدين، فكلاهما رفع راية الدين، ففى الحروب الصليبية لم يكن يعترف قادتها بأنها حروب، وإنما كانوا يطلقون عليها الحج، ويصفون المشاركين فيها بالحجيج، لإضفاء القدسية عليها، ومارس الرهبان والبابوات آنذاك ترويجا لتلك الحروب، واعتبروها مقدسة حتى أنهم وصفوا من يتم قتله فيها بأنه شهيد، كما كانت تروج الكنيسة الغربية فى أوربا للحروب الصليبية.
وفى ممارسات الإخوان فإن المشاركين فى إرهابها يرفعون أيضا راية الدين، ويدعون زورا وبهتانا أن ما يقومون به لنصرة الدين، ولم يختلف توصيف بعض قادتهم وأنصارهم عن توصيف أولئك الذين روجوا للحروب الصليبية، بأن القتل فى اعتصامات الإخوان وتظاهراتهم التخريبية يعد شهادة فى سبيل الله، وأغفلوا ما أكد عليه رسولنا الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه، من أن المسلمين إذا التقيا بسيفيهما فكلاهما فى النار.
نفس الشعارات والآليات إذن تشابهت بين ما كان يحدث فى الماضى، وما تحدثه الآن جماعة الإخوان المسلحين، وهو ما يعنى أن النتيجة سوف تكون واحدة، فحينما نجح أبناء بلادى مصر، وأخص منهم أبناء الدقهلية فى دحر الحروب الصليبية والقضاء عليها، وإعلان مدينة شجرة الدر، وهو المسمى القديم لمدينة المنصورة، مدينة منتصرة على الصليبيين، فسوف يتم الإعلان قريبا عن أن المنصورة تواصل انتصاراتها على الإرهاب الإخوانى، وأنها قادرة بحكم تاريخها وطبيعة شعبها على أن تتطهر من تلك الممارسات التى تتبعها جماعة الإخوان المسلحة، بهدف بث الرعب والفرقة بين أبناء الشعب، وإحداث حالة من الانقسام بينه وبين أجهزته الأمنية والمسلحة.
وكانت ممارسات الإخوان فى تلك المدينة الهادئة والتى يطلق عليها البعض عروس الدلتا، سببا للوصول بأبنائها إلى حالة الرفض التام لتلك الجماعة، فكانت المحاولة الفاشلة لتفجير قسم أول المنصورة قبل شهور، وكان من بعده حادث ذبح سائق التاكسى، أو هكذا تم تصوير الحادث، ثم كانت الفاجعة الكبرى فى حادث تفجير مديرية أمن الدقهلية، وهو الحادث الذى اهتزت له مشاعر الحزن والأسى لدى أبناء الدقهلية ومصر جميعهم، ليكون القول الفصل فى العلاقة بين التنظيم الإرهابى والشعب المسالم والمثقف فى المنصورة، لتبدأ مرحلة جديدة من العلاقة تقوم على أساس الرفض التام لتلك الممارسات والإصرار على القضاء عليها.
فى تاريخ المنصورة إذن الكثير من الدروس والعبر، غير أنها رسالة لمن ألقى السمع وهو شهيد.
* مقرر لجنة دعم استقلال الصحافة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علاء
تحية لكل أبناء المنصورة
تحية حب وتقدير لكل ابناء المنصورة الشرفاء