أكد السفير المصرى فى لبنان أشرف حمدى، أن من أكبر أخطاء حركة جماعة الإخوان خلال فترة تولى الرئيس المعزول محمد مرسى الحكم سعيها لتمكين أعضائها من مؤسسات الدولة بعيداً عن معايير الكفاءة والعدالة، وإنشاء أجهزة بديلة تدين بالولاء الكامل لهم، معتقدين إمكانية اضطلاعهم بدور الشرطى والقاضى والدبلوماسى وغيرها من الاختصاصات وتهميش المؤسسات الوطنية المعنية بهذه الأمور، مشددا على أن "مصر أكبر من أن تحكم بفصيل واحد".
وأكد حمدى، فى مداخلة له، اليوم الخميس، فى مؤتمر حول التغيرات فى الشرق الأوسط بعنوان مؤتمر "خطوط التصدع المستجدة فى الشرق الأوسط نظمته رابطة أصدقاء كمال جنبلاط فى بيروت، أن فترة حكم الإخوان أظهرت عدم قدرتهم على الانتقال من فكر إدارة الجماعة إلى فكر إدارة الدولة، وتغليب مصالح الجماعة على مصالح الدولة.
ولفت كذلك إلى غياب الرؤية أو القدرة لحل تحديات المجتمع رغم الوعود التى أطلقت فى هذا الشأن وإلى الفشل فى الانفتاح على المجتمع بمختلف مكوناته السياسية والثقافية، معربا عن اعتقاده بأنه ليس بالإمكان حكم بلد بحجم مصر وبقدر تحدياتها من خلال مجموعة ضيقة تنتمى لفكر واحد وإقصاء التيارات المخالفة لفكر هذه المجموعات.
وأشار إلى إن من أبرز أخطاء الإخوان استخدام خطاب دعوى ساهم فى وجود حالة استقطاب حادة بين أبناء الشعب الواحد، واستغل الهوية الدينية فى الخلافات السياسية، معتمداً على غيرة المجتمع على دينه فى الحشد من أجل تحقيق أهداف الجماعة، مؤكدا انه "لا شك أن أحد عوامل صعود الإسلام السياسى كان خلو الساحة السياسية من البدائل نتيجة ضرب الحركات السياسية القومية واليسارية من جانب الأنظمة العربية وتفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية فى العالم العربى، إلا أن الحركات الإسلامية عندما وضعت موضع اختبار السلطة يبدو أنها لم تقدر جيداً حجم التحديات وطبيعة الاستحقاقات والقواعد والقيود المرتبطة بقيادة بلادها، أبسطها الإقرار بالديمقراطية والاستماع لمطالب الشارع".
وتابع إنه "عند الحديث عن الحراك الجارى فى مصر أجده حراكاً يهدف بالأساس إلى تحديد الهوية السياسية للمواطن المصرى فى القرن الواحد والعشرين بعد تحرك قطار الحرية والتغيير للأمام بفضل الموجات الثورية فى 25 يناير و30 يونيو، ولا زال هذا الحراك السياسى النشط يبحث عن الاتجاه الصحيح".
ونبه إلى أنه "ليس شرطاً أن تكون الثورة خطاً مستقيماً بلا تذبذب أو تحرك للأمام فقط دون الرجوع إلى الخلف، فجميع الثورات استغرقت وقتاً وارتكبت خلالها وباسمها أخطاء حتى تحققت أهدافها، وبالتالى فإنه من المبكر حالياً الحكم على نتائج الثورة فى مصر أو تحديد الفائز والخاسر من نتائجها".
وعما إذا كان لحركات الإسلام السياسى أمل فى المستقبل، قال "نعم شريطة استفادتها من أخطاء الماضى، وأن تعمل على الحفاظ على مؤسسات الدولة والعمل على تطويرها، والفصل فى خطابها بين ما هو دعوى وما يصلح لإدارة الدولة، ونبذ اللجوء إلى العنف لتحقيق أهداف سياسية، والبعد عن تزكية الصراع المذهبى المتزايد بالمنطقة، والالتزام بقواعد اللعبة الديمقراطية".
ومن أبرز هذه القواعد إتقان إدارة الاختلافات السياسية عبر الإيمان بمبادئ الممارسة الديمقراطية الحقيقية، والتيقن من أن مشاكل المجتمعات الإسلامية لن يعالجها فصيل واحد بمفرده بل تتطلب جهداً مجتمعياً يقوم على إعلاء مصالح الوطن على أى اعتبار آخر.
وأشار إلى أن "الدول الحديثة تبنى وجودها على أساس المواطنة، أى بمشاركة أبناء الوطن جميعاً على اختلاف أصولهم ودياناتهم وطبقاتهم الاجتماعية، وهو ما حاول مشروع الدستور المصرى الجديد ترسيخه من خلال ما استجد به من مواد وتحديث مواد الهوية بما يتفق مع التعددية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة