شهدت مصر على مدار تاريخها المعاصر عددًا من الثورات بدءًا من القرن التاسع عشر مرورًا بالقرن العشرين وصولا إلى القرن الحادى والعشرين، حيث تباين القائمون عليها ما بين الجيش ضد حاكمه، أو التى قام بها الشعب فى مواجهة المستعمر أو الاستبداد والقهر والقمع، ففى 9 سبتمبر عام 1881م اندلعت الثورة العرابية، والتى ضمت بين جنباتها الجيش والشعب المصرى بكامل طوائفه بسبب سوء الأحوال السياسية والاقتصادية والتدخل الأجنبى فى الشأن المصرى وإصرار الخديو توفيق على الحكم المطلق للبلاد، ثم جاءت الثورة الشعبية فى عام 1919م والتى اندلعت فى أعقاب نفى الزعيم سعد زغلول ورفاقه من قبل الاحتلال البريطانى إلى جزيرة مالطا بالبحر المتوسط لمطالبتهم باستقلال مصر، لكن تزايد الاحتجاجات الشعبية وتظاهرات الشعب المصرى أدى إلى اضطرار إنجلترا إلى الإفراج عن سعد زغلول وزملائه وعودتهم من المنفى، وبعد ثلاثة عقود من ثورة 1919م جاءت الثورة الثالثة خلال تاريخ مصر المعاصر، وهى حركة 23 يوليو 1952 والتى قام بها ضباط من الجيش المصرى ضد الحكم الملكى الذى زاد فيه الفساد والمحسوبية، الأمر الذى ساعد فى هزيمة عام 1948م وأدى نجاح هذه الحركة -والتى أطلق عليها فيما بعد ثورة يوليو - إلى إجبار الملك على التنازل عن العرش لولى عهده استتبعه إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية فى 18 يونيو 1953.
هذا الإرث النضالى للشعب المصرى على مدار تاريخه المعاصر يُثبت أن الشعب المصرى بالرغم من أنه يصبر على الظروف المحيطة به من اضطهاد لمستعمر أو استبداد لحاكم، فإنه يثور فى مواجهة الطغيان، وهو ما أدى إلى قيام ثورة 25 يناير التى اتسمت بأنها أكثر ثورات الشعب المصرى شعبية وأنصعها بياضًا، ورفعت الثورة شعار «عيش - حرية - عدالة اجتماعية - كرامة إنسانية»، وهو ما يعنى مطالبة جموع الشعب الذين شاركوا فيها بالمزيد من الإصلاحات السياسية، إضافة إلى احتجاجهم على تردى الأوضاع الاقتصادية والتى تمثلت فى التفاوت الرهيب بين طبقات الشعب المختلفة وانتشار الفقر وتزايد معدلات البطالة علاوة على مطالبتهم بتحقيق العدالة الاجتماعية وإعمال معيار الكفاءة بين المواطنين جميعًا، ومن ثمَّ إذا أردنا أن نبنى ما هدمه النظام السابق، فلابد أن ننظر إلى أهداف ثورة 25 يناير، ونقيس كم من الأهداف تحقق، وكيف يمكن تحقيق باقى الأهداف، وما هى المعوقات التى تحول دون تحقيقها، وليكن شعار هذه المرحلة «من شارك فى الثورة المصرية، فعليه أن يشارك أيضًا فى البناء بعد الثورة»، والأهم هو الحفاظ على القيم التى من أجلها قامت الثورة، وألا نحيد عنها أبدًا، وهى قيم العدل والمساواة والقضاء على الفساد بجميع أشكاله السياسية والاقتصادية والإدارية وتحقيق الحرية للشعب، وعلينا أن نعى أن الأوطان لا تُبنى بعد الثورات بفصيل واحد مهما كبر حجمه، والحل للأزمة الراهنة يكمن فى الإدارة المشتركة للأزمة، وعلى رئاسة الجمهورية أن تحتوى الجميع، وإنهاء كل صور الفوضى فى الشارع، واحترام مؤسسات الدولة المختلفة وعدم الاعتداء عليها، أو محاولة تدميرها، وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة ومؤسسة القضاء، ولا يكفى أن تكون النوايا صادقة، ولكن لابد من العمل فى الاتجاه الصحيح والاستعانة بكل الخبرات المصرية دون النظر إلى خلفياتها السياسية، وكما يقولون ترتيب العمل قبل العمل، حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
عدد الردود 0
بواسطة:
joja
استقيموا او استقيلوا
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام حسن
لا هدوء اسقاط الاخوان او فوضى
لا هدوء اسقاط الاخوان او فوضى
التخريب هو الحل