تأتى زيارة وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى إلى القاهرة فى توقيت حساس جدا، بالتزامن مع إعلان المعارضة مقاطعتها للانتخابات البرلمانية لمحاولة الضغط على المعارضة للمشاركة فى الانتخابات القادمة لتعطى غطاء شرعيا لنظام مرسى الذى تدعمه وبقوة الولايات المتحدة الأمريكية وهو نفس ما كان يتم فى الماضى القريب أثناء حكم مبارك، عندما كانت تأتى هيلارى كلينتون لتجلس مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين وقيادات حزب الوفد لكى تقنعهم بالمشاركة فى انتخابات مبارك حتى يعطوا له غطاء شرعيا وهو ما كان يتم مقابلته بالاستجابة الفورية والمشاركة فى اللعبة غير النزيهة.
الآن وبعد الثورة هل يتغير الوضع وتثبت المعارضة على موقفها من استمرار المقاطعة الجادة للمسرحية الانتخابية التى تغيب عنها الضمانات الكافية للنزاهة والشفافية أم ترضخ المعارضة لمطالبات الغرب فى المشاركة.. هذا ما ستثبته لنا الأيام القادمة وإن كنت أرى أن موقف قيادات المعارضة من رفضها لقاء كيرى هو موقف سياسى محترم يوجه رسائل عديدة لأكثر من جهة سواء داخلية أو خارجية. أتمنى أن تثبت عليه وأن تصل الرسالة إلى الغرب جيدا بأن الموقف السياسى فى مصر تغير وأن المعارضة المصرية لم ولن ترضخ لأى نوع من أنواع الضغوط أو إملاء القرار عليها وأن قرارها ينبع من موقف وطنى حقيقى رافض للسيطرة والهيمنة وفرض أدوات اللعبة بسياسة الأمر الواقع من قبل السلطة.
جميعنا يعلم أن شعارات ثورة يناير العظيمة كانت عيش حرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية، ولكنها كانت تحمل فى طياتها شعارا آخر يسعى إليه كل وطنى حر شريف وهو شعار (الاستقلال الوطنى) الذى يهدف إلى السيادة الكاملة للمواطن على أرض بلاده والمشاركة فى تقرير مصيرها وصناعة قرارها دون أدنى تدخل من أى عنصر أجنبى وهو ما سعينا إليه منذ قيام الثورة وحتى الآن وما كنا نعانى منه السنوات الماضية عندما ارتمى مبارك ونظامه فى حضن الإدارة الأمريكية والتى كانت تتدخل بشكل وقح فى صنع القرار المصرى لامتداد تأثيرها أيضا على المعارضة الوهمية الكرتونية فى هذا الوقت ولكن فاجأها الشعب المصرى الرائع بالثورة التى أطاحت بإمبراطورية مبارك وشلته الحاكمة والتى فشلت كل تقاريرها فى أن تتنبأ بها ولكن للأسف الآن تستمر السلطة الجديدة فى استكمال نفس العلاقة غير الشرعية مع الغرب والعمل من خلالهم بنفس قواعد اللعبة دون أن تتمرد عليها وتسعى لاستقلال وطنى حقيقى.. ارتضت أن تستحوذ على ثقة الأمريكان ودعمهم دون العمل على استقلال قرارها بإرادة وطنية حقيقية يجتمع عليها كل الفصائل الوطنية المصرية.
الاستقلال الوطنى ليس نظرية تدرس فى كليات السياسة ولكن لابد من أن يكون هناك استعداد جدى لتحقيقه.. واعلم جيدا أنه يحتاج إلى إمكانيات وقدرات مختلفة لحماية استقلالية القرار والكيان ولكنى أعلم أن الإرادة المصرية لو اجتمعت لذلك لتغلبت على كل الصعوبات مهما كانت.
إن زيارة جون كيرى فى هذا التوقيت تضعنا جميعا أمام اختبار حقيقى لاستكمال مشروع الاستقلال الوطنى الحقيقى من سيسعى له ومن سيهرول من أجل الحصول على بعض الغنائم.. هذا ما سيتضح لنا خلال الأيام القليلة القادمة.. إن غدا لناظره لقريب.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أمل المهدى
بردعاويه
عدد الردود 0
بواسطة:
نشات زقزوق
الوضع القانونى
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف حسن
مش صحيح