بعد تسعة شهور فى الحكم، تمخضت «الجماعة» فولدت كتابا عن «إنجازات الرئيس»، تضمن مجموعة من الإنجازات التى لم يخطر ببال أى رئيس فى العالم أن يحققها أو يسعى إليها، من بينها – على سبيل المثال - أن الدكتور مرسى أول رئيس يحصل ابنه على أقل من 90% فى امتحان الثانوية العامة. من العبث هنا أن نلفت نظر مؤلف الكتاب المعجزة أن مصر لم تعرف المجاميع الخرافية فى الثانوية العامة إلا فى السنوات العشرين الماضية، وقبلها كان الحاصل على أكثر من 70% يجد له مكانا فيما يسمى الآن بكليات القمة، لكن ربما يكون مفيدا أن نعيد تذكيره - وقد اختار أن ينسب إلى محمد مرسى «إنجازات» أبنائه - أن مرسى هو أول رئيس يسب أبناؤه المصريين «اسمه سيادة الرئيس يا بغل»، و«ها اقلعك البدلة الميرى واقعدك فى بيتكوا»، وفى رواية أخرى «....ها اقعدك جنب أمك»)، وقد كان أولى بابن الرئيس أن يركز قليلا فى دراسته بدلا من سب الناس، حتى يحصل على مجموع مناسب فى الثانوية العامة، بدلا من أن نرى فشله فى الحصول على مجموع وقد أصبح إنجازا لأبيه.
دعك الآن من تلك «الإنجازات» اللوذعية التى تضمنها الكتاب المعجزة والتى تعكس فشل الإخوان الذريع فى إدارة البلاد، ولننتقل إلى إنجازات حقيقية لم يسع الإخوان إليها وقد كانت فى متناول أيديهم.
قامت ثورة يناير ضد الفساد والاستبداد فى الداخل والتبعية والخنوع للخارج، وبعد تسعة شهور من حكم مكتب الإرشاد مازالت كل ملفات الاستبداد والفساد «فى الحفظ والصون» لم يقترب منها أحد.
وعلى سبيل تنشيط الذاكرة، فقد حدث يوم 21 نوفمبر 2012، أن محمد مرسى فاجأ الجميع، بمن فيهم مستشاريه وكبار مساعديه، بإعلان دستورى، لم يخطئ كثيرا – ولا قليلا - من أسموه «إعلان العار»- عزل بموجبه النائب العام الفلول وجاء بنائب عام جديد، قيل إنه سوف يفتح ملفات الفساد، لكن كل الملفات بقيت مغلقة، مختومة بالشمع الأحمر لا يقترب منها أحد، رغم تعيين نائب عام قيل إنه جاء لمحاربة الفساد ومطاردة الفلول.
لو كانت لدى محمد مرسى أية رغبة فى تحقيق إنجازات لكان قد فتح ملف أراضى الدولة المسلوبة، التى حصل عليها نجوم عصابة مبارك «بتراب الفلوس» وأقاموا عليها منتجعات سياحية بدلا من استصلاحها وزراعتها كما هو منصوص عليها فى عقود «البيع»، لكنه لم يفعل.
ولو كان الدكتور محمد مرسى ينظر إلى ما هو أبعد من مصلحة جماعته لكان بوسعه أن يفتح ملف القروض المنهوبة، التى حصل عليها عدد من رجال الأعمال «المتعثرون»، وفر بعضهم خارج البلاد وتلكأ البعض الآخر فى السداد بعد جلسات متعددة ومطولة لجدولة الدين ثم إعادة جدولة الديون المجدولة، ولم نزل حتى الآن لا نعرف مَن مِن هؤلاء سدد ما اقترضه ومَن منهم لم يفعل، فلم يزل هذا الملف مغلقا، ولم يقترب منه أحد.
ولو أن الدكتور محمد مرسى يفكر فى غير مشروع تمكين الجماعة لكان بمقدوره أن يفتح ملف الخصخصة المتخم بالفساد والسرقة، حيث بيعت شركات ومصانع القطاع العام «بتراب الفلوس» وأثرى من ورائها نجوم عصابة مبارك، ولم يزل الملف طى الكتمان ولم يقترب منه أحد.
ولو كان مرسى يدرك هموم ومشاكل فقراء مصر، ويعرف أن «العدالة الاجتماعية» كانت ولم تزل من بين أهم شعارات ومطالب الثورة، لكان قد وضع حكم محكمة القضاء الإدارى الخاص بتحديد الحد الأدنى للأجور موضع التنفيذ، لكن «الرئيس» الذى لا يعرف من مصر وعنها سوى الأهل والعشيرة لم يفعل، ومازال «كبار» الموظفين والمسئولين يحصلون على عشرات الألوف من الجنيهات مرتبات شهرية، ومازال فقراء البلد «يكملون عشاهم نوما».
ولو كان محمد مرسى يسعى لتحقيق إنجازات للوطن وليس فقط لجماعته، لكان بوسعه أن يفتح ملف السكك الحديدية المتخم بالفساد والنهب، لكنه لم يفعل ومازالت دماء المصريين تسيل على القضبان، و«الرئيس» لا ينجز شيئا.
ترك محمد مرسى كل ملفات الفساد وراح يقود معركة جماعته الخارجة على القانون ضد القضاء، فى جولات متلاحقة منذ قرار إعادة مجلس شعب باطل قانونا، وحتى استعادة تراث «ترزية القوانين» لتفصيل قانون للسلطة القضائية على مقاس جماعة لا تعرف القانون ولا تعترف بالقضاء. وقد «أنجز» فى كل جولاتها فشلا ذريعا، اللهم إلا «إنجاز» فرض نائب عام لم يدخر وسعا فى مطاردة الثوار وملاحقة النشطاء، وغض الطرف عن جرائم مليشيات الإخوان منذ مجزرة قصر الاتحادية، وحتى جمعة تطهير القضاء.
وفى السياق تكرم ففتح ملف «هدايا الأهرام» وكأن المصريين قاموا بثورة لأن إبراهيم نافع أهدى حسنى مبارك ساعة قيمتها 2 مليون جنيه، بينما دماء المصريين تلون أسفلت الشوارع والحوارى، ونجوم عصابة مبارك مازالوا ينعمون فى هدوء بما نهبوه وسلبوه.
وكذلك فإن«اللاإنجاز» هو أعظم إنجازات الدكتور مرسى ومكتب إرشاده، ومعهم نائب عام... على عومهم.
أما عن «لا إنجازات» مرسى على الصعيد الخارجى، فهى تستحق حديثا مستقلا، قادما.
عدد الردود 0
بواسطة:
زياد عبد الرحمن
مصر تتحدث عن نفسها