تردد أصداء الانفجارات فى أنحاء واد بجنوب فرنسا مما يؤدى لتصاعد الدخان فى الوقت الذى تطلق فيه مدافع (سيزار) النار على أهداف بعيدة فى تدريبات تحاكى العمليات التى تجرى حاليا فى مالى.
إنه عرض للقوة العسكرية بتنظيم من شركة نكستر للأسلحة لعرض مثل هذه المدافع على الصحافة بشكل يبرز دور الجيش فى صراع عزز من مكانة فرنسا باعتبارها بلدا يمكن أن يقدم القوة العسكرية. لكن الرسالة ربما لا تلقى صدى فى باريس.
فقد جرى خفض ميزانية الانفاق الدفاعى لفرنسا التى تبلغ 31 مليار يورو (40 مليار دولار) بالفعل فى السنوات القليلة الماضية وربما تكون عرضة لمزيد من الخفض فى الوقت الذى يسعى فيه الرئيس الفرنسى فرانسوا هولوند إلى توفير المال لمواجهة العجز وضعف النمو الاقتصادى.
وربما يكون لهذا الخفض أثره ليس فقط على الجيش بل أيضا على الاقتصاد ذاته حيث يعمل فى قطاع الصناعات الحربية 165 ألف شخص ويمثل 2.25 فى المئة من الناتج طبقا لأرقام البنك الدولى مقارنة بنسبة 1.3 فى المئة فى ألمانيا.
وتقدم الحكومة غدا الاثنين خطة خمسية عامة لاستراتيجية عسكرية يخشى الجيش أن تؤدى إلى خفض عدد العاملين والقواعد المنتشرة دوليا وتقوض من قدرات فرنسا فى الصراعات العالمية فى المستقبل.
قال كولونيل فى قاعدة كانجور وهى أكبر قاعدة عسكرية فى غرب أوروبا لرويترز طلب عدم نشر اسمه "نحن على الحافة.. ما من شك أنه لن تكون هناك عمليات أخرى مماثلة لعملية مالى".
وستحدد الوثيقة التى يجرى تقديمها غدا الأمن القومى والاستراتيجية الدفاعية للسنوات القادمة وكذلك الأولويات لكن دون أرقام محددة. وسيجرى الكشف عن الميزانية الحقيقية للجيش خلال الفترة من 2014 إلى 2019 فى الربع الأخير من عام 2013.
ويقول الجيش وشركات دفاعية مثل نكستر التى يقع مقرها فى فرساى قرب باريس إن خفض الميزانية بنسبة كبيرة من الممكن أن يعيق قدرة فرنسا وهى قوة نووية ذات مقعد دائم فى مجلس الأمن الدولى على مواجهة المخاطر الدولية.
وتدخلت فرنسا فى صراعات فى دول مثل ليبيا وساحل العاج فى 2011 وانفردت بنشر قوات فى مالى فى يناير كانون الثانى لإخراج مقاتلين مرتبطين بتنظيم القاعدة سيطروا على مناطق كبيرة من البلاد.
وتقول الحكومة التى تسعى جاهدة لتوفير 60 مليار يورو على مدى خمس سنوات إنها ستجمد ميزانية الدفاع لعام 2014 و2015 مما يعنى خفضا محدودا بالقيمة الحقيقية لكن فيما بعد ذلك فإن الأمور ليست واضحة.
تبلغ ميزانية الجيش حاليا 1.5 فى المئة من الناتج المحلى الإجمالى أى أقل بالفعل من نسبة الاثنين فى المئة وهى الحد الأدنى الذى يوصى به حلف شمال الأطلسى ويساور البعض القلق من ان تقل النسبة أكثر لتصل إلى واحد فى المئة.
وقال الجنرال برتران رات مادو قائد القوات البرية الفرنسية فى ندوة عقدت مؤخرا حول مستقبل الجيش "لدى شعور بأنها أجواء ما قبل المعركة".
وفرنسا وهى الدولة ذات سادس أكبر ميزانية عسكرية فى العالم ليست وحدها فى مجال خفض نفقات الجيش. ومن الدول التى تواجه تحديات مماثلة بريطانيا والولايات المتحدة التى يبلغ حجم ميزانية دفاعها 17 مثلا لميزانية فرنسا مما يتيح لها وجود جيش حجمه أكبر من حجم جيش فرنسا خمس مرات.
لكن فى حين أن عدد سكان فرنسا يماثل تقريبا عدد سكان بريطانيا فإن ميزانيتها العسكرية تبلغ بالفعل ثلثى ميزانية بريطانيا.
وتثير اقتراحات مثل وجود قدرات دفاعية مشتركة فى أوروبا - وهى فكرة يروج لها حلف شمال الأطلسى كوسيلة للحد من الميزانيات الوطنية وفى الوقت ذاته توفير الأمن - السخرية فى كانجور.
وقال المسؤول ساخرا "الفرنسيون والألمان ليس لديهم حتى تعريف واحد لمصطلحات مثل المخاطر".
على سبيل المثال ففى الوقت الذى تطورت فيه حروب القرن الحادى والعشرين من وجود قوات على الأرض إلى نشر طائرات بلا طيار تعين على القوات البرية الفرنسية أن تقدم تضحيات أكبر من القوات الجوية التى استخدمت فى ليبيا.
ومدافع سيزر التى تصنعها شركة نكستر جزء من ترسانة كبيرة من المعدات الفرنسية الموجودة فى مالى والتى تشمل الطائرات رافال التى تصنعها شركة داسو والمقاتلات ميراج والطائرات الهليكوبتر جازال وطائرات الهليكوبتر تايجر الحربية من إنتاج مجموعة إى.إيه.دى.إس الأوروبية.
يمكن للمدافع سيزر أن يقصف أهدافا على بعد يصل إلى 40 كيلومترا. ويقول مسؤولون إن هذه المدافع أرخص عشر مرات فى المتوسط من أى طائرة.
وتتأهب أيضا الصناعات الحربية فى فرنسا التى يبلغ حجمها 15 مليار يورو لخطة الإنفاق العسكرية الجديدة فى فرنسا وهى ثانى أكبر صناعة فى أوروبا بعد بريطانيا. كتبت شركة نكستر وست شركات أخرى منها تاليس وسافران خطابا إلى أولوند فى مارس آذار للتحذير من أن العمال من الممكن أن يفقدوا وظائفهم إذا كان خفض الميزانية كبيرا.
وقال جيزلان باسبيك رئيس مبيعات صادرات المدرعة في.بى.سى.أى التى تنتجها نكستر "نعتقد أن من المهم الحفاظ على الاستثمار فى الدفاع فوق حد معين للسماح للصناعة بالأداء الجيد ليس فقط على المستوى التكنولوجى بل أيضا لصالح الاقتصاد".
وتقول الصناعات الحربية إنها تستوعب 165 ألف فرصة عمل إلى جانب آلاف آخرين من المتعاقدين من الباطن. ومع وجود 3.2 مليون شخص بلا عمل فإن مثل هذه الوظائف المتخصصة تلقى اقبالا شديدا.
وسعى برنار كازنوف مدير الميزانية إلى تهدئة المخاوف هذا الأسبوع وصرح لقناة بي.إف.أم قائلا "فى الأزمة لا نريد أن نضيف المزيد من الصعوبات على قطاع واعد".
فرانسو هولاند الرئيس الفرنسى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة