إذا كنت ممن يتحدثون عن المهنية والحياد فى ممارستك لمهنة الصحافة، فتأكد أن صاحبة الجلالة لن تتركك إلا إذا صفعتك بقوة حتى تتأكد من تشبثك بمبادئك، فالمهنية والحياد ليست مجرد كلمتان تتشدق بهما، إنما هما مواقف ستواجهك وعليك الاختيار.
أعمل مراسلة لـ"اليوم السابع"، بمحافظة الفيوم، بدأت القصة التى أود روايتها صباح الخميس قبل الماضى، عندما تلقيت اتصالا هاتفيا من خالى، الذى يعمل رئيسا لقسم التدريب بمركز التطوير التكنولوجى التابع لمديرية التربية والتعليم بالفيوم، يخبرنى فيه بإضرابه عن الطعام بمقر المركز احتجاجا على ممارسات مديرة المركز، وانهيار جهد سنوات للعاملين بالمركز بسبب هذه الممارسات، انفعلت للحظات بعد سماع الخبر مثرثرة بأننى "هقلب الدنيا"، وبعد لحظات تذكرت التغريدة التى كتبتها منذ أيام على موقع "تويتر"، عندما دعتنى صديقة صحفية للكتابة فى هاش تاج بعنوان "الصحافة علمتنى"، فكتبت "للصحافة تعريفان أحدهما عن عبيدها "مهنة التنازلات"، والآخر عند أمرائها "أنها المهنة التى تمنحك الفرصة ألف مرة لتعلن مبادئك"، هنا تذكرت أن صاحبة الجلالة أبت أن أنسب لها تعريفا لا ألتزم به فهذه فرصتى، إما أن أكون العبد أو أكون الأميرة على عرشها، أمسكت بقلمى وكتبت خبرا عاديا مجرد من أى رأى عن "إضراب رئيس قسم التدريب بمركز التطوير للمطالبة بالتحقيق فى أوضاع المركز".
وتحدثت إلى المستشار الإعلامى للمديرية، واستفسرت منه عن القصة، فأخبرنى أنه على حق وأن المديرة جاءت بحكم قضائى، وهذا ما يمنع التعرض لها خاصة أن وكيل الوزارة تلقى تهديدا بتعريضه للحبس إذا امتنع عن تنفيذ حكمها أو حاول نقلها، بما أننى كنت أسأله بشكل شخصى لأنه يعلم علاقتى بالمضرب، لم أكتب شيئا مما قاله، حتى اتصل بى بعدها وقال لى، إن وكيل الوزارة سيتوجه للمركز لمعرفة الوضع، خاصة أن العاملين بالمركز أعلنوا اعتصامهم، وهذا ما كتبته، واستمر إضراب خالى عن الطعام لليوم الثانى، وتلقيت اتصالا من أحد زملائه يقول لى، اكتبى لنا خبر لقد قام وكيل الوزارة بخطف خالك، ولكننا عدنا به للمستشفى، وبما أننى لا أعترف فى هذه المواقف بكلمات الخطف والاحتجاز والمصطلحات التى يستخدمها المضربون بانفعالهم لم أكتب شيئا، وجائتنى معلومة أن وكيل الوزارة طلب من خالى أن يصطحبه لمكتبه بالمديرية لأنه معه حق وأنه سيلبى له مطالبه ومطالب زملائه المعتصمين، وأن أحد القيادات بالمديرية توجه للأمن الوطنى وأبلغ عنه قبل هذا اللقاء، لعمل كمين له بحجة أنه يحاول اقتحام مكتبه، لولا أن الجهاز لم يتعامل مع هذا البلاغ وأخبر أحد العاملين بالمديرية خالى بالقصة فرفض البقاء وعاد للمستشفى لاستكمال إضرابه، وهنا تملكنى الغضب، وقلت، لو تأكدت من هذه المعلومة سأكتب عنها وسأشن هجوما عليهم، وبالفعل حاولت الوصول لأحد القيادات بالأمن الوطنى واتصلت به وسألته وقلت له نصا، "أريد أن أتأكد من معلومة بشكل شخصى ورويت له القصة وقلت له هل حدث؟، قال، "نعم"، ولكننا لم نهتم وكنا محايدين.
ألمنى كثيرا تحققى من هذه المكيدة وقبل أن أكتب تذكرت لقد قلت للمصدر بشكل شخصى وليس للنشر فهل أخون العهد هل أفضح هذا السلوك السئ "نعم أفضحه"، وتذكرت "اكتبى لا بأس وستكتبى عند الله من المنافقين لقد خلفتى الوعد" قررت هنا لن أكتب.
وجاء اليوم الثالث الذى علمت فيه أمى بأن شقيقها ونور عينها مضرب عن الطعام ليومه الثالث، دموعها ذبحتنى اعتذرت لها بكل الطرق وأننى لم أخبرها لأنه طلب منى واتصلت به وطمأنها أنه بخير وأنه على حق، وفوجئت بمنتصف اليوم ببيان إعلامى من مديرية التربية والتعليم، يؤكد أن المضرب عن الطعام ليس له حق وأن إضرابه جاء لاعتراضه على تدخل الجهات الرقابية والجهاز المركزى للمحاسبات لمراجعة أعمال المركز، وكثيرا من الاتهامات التى أعلم جيدا أنها افتراءات، "إنه خالى علمنى الخلق والمبادئ، اصطحبنى معه فى رحلة العمرة طوفنا سويا دعينا سويا وبكينا سويا، أعلم أنه يموت ولا يقبل على نفسه قرشا من الحرام، ولكن هذا بيان والعهدة على الراوى ولو أن المضرب شخص آخر كنت سأنشر البيان، ولكن "أمى" كيف أكتب عن شقيقها واتهمه بالباطل وقررت أننى لن أنشر"، فتذكرت حلم رأيته من شهور قليلة رأيت فيه الفاروق عمر بن الخطاب مبتسما لى وأنا أحمل على يدى طفلا"، وقال لى، جملة يبشرنى بها وبعض من فسروا الحلم قالوا لى أن رؤية الفاروق مبتسما تدل على أنه يشد على يدك للتمسك بالحق، وإن رأيته عابسا تكون لنهرك عن نفاق أو ظلم، وذلك لغيرته على الدين المعهودة عنه، "وهنا قررت، ونشرت البيان كما جاء"، ثم ورد فى اليوم الرابع بيان للرد من قبل زملاء خالى بالمركز ونشرت الرد كما جاء، واستمر خالى فى إضرابه حتى صدر قرار وحلت المشكلة وفض إضرابه عن الطعام، هنا انتهت القصة كما تنتهى كل القصص والمواقف الصعبة"، أشعر برضا تام عن نفسى، أحمد الله وأشكره أن أعاننى على الحق والعدل".
إليك أكتب وأعتذر يا خالى العزيز، يامن علمتنى الرقى والخلق، ربما ترانى لم أقدم لك ما تمنيت، ولم أقف بجانبك كما توقعت، ولكنها كانت فرصتى لأقول لكم أنكم أحسنتم تربيتى، وإننى سأربى أبنائى كما ربيتمونى، فسامحنى، أحبك عدد نسائم الربيع".
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
moh.rashad
رائع
برافوا عليكى مقال فوق الرائع بالتوفيق يا رباب
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد عبد الغنى المحامى
احسنت صنعا يا استاذه .
عدد الردود 0
بواسطة:
عبير زاهر
تحياتى اليك.. هذا عهدنا بكى يا رباب
عدد الردود 0
بواسطة:
أمل طه
انتى صاحبة مبدأ من اياام الكلية
ربنا يوفقك دايما
عدد الردود 0
بواسطة:
هدير الهنداوى
مقال مميز
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو ندى
محترمة
عدد الردود 0
بواسطة:
زينب عبداللاه
القابضون على الجمر
عدد الردود 0
بواسطة:
خالك سيد
لشفافيتها كانت أقل من كتبت عن أزمة خالها
عدد الردود 0
بواسطة:
rabab
انت حقااااااااا جوهره
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد كمال
كم انتى رائعة يا زمليتنا العزيزه
فوق