لم يتبق سوى عدة أيام ويتم الرئيس محمد مرسى عامه الأول فى رئاسة الجمهورية، من هنا يبدأ الحصاد، هل حقق الرئيس وجماعة الإخوان ما وعدا به وما هو منتظر منهما.
نبدأ بالأوضاع الاقتصادية باعتبارها الحلقة الرئيسة لتقييم أى فترة حكم، نظرًا لما يؤثر ويتأثر به المواطن من أمور ذات صلة بلقمه عيشه، وحياته اليومية، أكثر بكثير من تأثره وتأثيره بالأوضاع السياسية، التى تمس حياته اليومية بشكل غير مباشر.
مما لا شك فيه أن الغلاء هو السرطان الأكبر الذى ينهش جسد المواطن، وبطبيعة الحال، فإن هذا الأمر يعد تناسبيًا مع دخل الأسرة المصرية. بعبارة أخرى إذا ما كانت الدخول مرتفعة بشكل أكبر من ارتفاع الأجور والرواتب، كلما أدى ذلك لحالة من الرضاء، لما يتسبب فيه من تحقيق بعض الوفرة.
لكن يبدو أن العكس هو القائم لدى الأغلب الأعم من المواطنين فى الوقت الراهن، وأن هذا الأمر يزداد فجوة عام بعد عام بسبب انخفاض الإنتاج، وتدنى معدلات النمو العام. وهو ما ظهر بشكل جلى بعد عام من تولى الرئيس مرسى الحكم. ورغم أن هذا الأمر يرجع إلى تراكم الفقر إبان عهد مبارك، إلا أن حدوث حلحلة لهذا الملف الجوهرى غائبة حتى الآن، إن لم يكن الوضع قد تفاقم، صحيح أن هناك زيادة فى بعض الرواتب، لكن هذا الأمر ظل قاصرًا على بعض الفئات، وعلى بعض المحتجين.
فالسمة العامة هى زيادة الشعور بالغلاء، لا سيما مع انخفاض قيمة الجنيه لنحو 15-20% فى النصف الثانى من فترة الحكم المنقضية (سنة من حكم عمر مرسى فى السلطة).
وبطبيعة الحال، فإن الملف السابق المتصل بشكل مباشر بموضوع الفقر، هو على علاقة مباشرة بارتفاع معدلات البطالة، بشكل فاق ما كان قائمًا إبان عهد مبارك (نحو 9%) ليقفز الأمر لضعف هذا العدد تقريبًا الآن، وهو من مثالب هذا الحكم على أية حال، خاصة مع زيادة نسبة الإعالة، مع زيادة معدل المواليد وانخفاض معدل الوفيات، المترافقين مع قلة الانتاج.
ومع سعى الرئيس لمعالجة كل هذه الأوضاع، استسهل الإخوان الأمر بالحصول على القروض والمنح الخارجية وعلى رأسها قرض صندوق النقد الدولى 4.8 مليار دولار المتعثر حتى الآن، كما تم تلقى المنح والقروض من العربية السعودية وقطر وتركيا وليبيا، مع كل ذلك ستبدو الأوضاع الاقتصادية المستقبلية فى حالة مزرية، لاستسهال وسيلة الاقتراض، ومن ثم تحميل الأجيال القادمة أعباء تلك المشكلة، بدلا من البحث عن حلول بديلة، من خلال الضرائب التصاعدية، واستعادة الأموال المهربة، وتشجيع الاستثمار المحلى والأجنبى...إلخ.
ولعل أحد أهم الشروط التى بدأ نظام الرئيس مرسى فى القيام بها على الأرض هو الحد من دعم بعض السلع، وذلك ضمن شروط الحصول على قرض صندوق النقد الدولى، وقد كان من الممكن الحصول على التعاطف العام بشكل أو بآخر مع تلك الخطوة ضمن برنامج تقشف لا يضر بالفقراء، لكن إعمالها بشكل يمس حياة هؤلاء، وضمن شروط صندوق النقد، أى ضمن زيادة حجم الدين وأعباؤه، يجعل هناك مشكلة فى التعاطف معه.
كل ما سبق، خاصة مع غياب الأمن أثر بشكل سلبى على مناخ الاستثمار، فالاستثمار المحلى تعرض لضربة كبيرة بخفض قيمة الجنيه، أما الاستثمار الأجنبى فتعرض لعثرات بتدهور حالة الأمن واستمرار المعوقات البيروقراطية، ناهيك عن تصعيد نظام حكم الرئيس مرسى حدة الخلافات السياسية مع بعض بلدان الخليج العربى وهى أحد أهم موارد الاستثمار الأجنبى فى مصر، إضافة إلى جلب تلك البلدان للعمالة المصرية.
وقد كان من المنتظر أن يكون مشروع تنمية قناة السويس وسيلة لدعم الاستثمار، لكن الجدل الذى أثير حوله جعله فى حاجة إلى إعادة نظر واتفاق بين كل القوى السياسية. وبطبيعة الحال، يرتبط بمناخ الاستثمار أحد أهم القطاعات الحيوية وهو السياحة، والتى تعرض فيه حكم الرئيس مرسى لابتزاز سلفى، بغلق منافذ السياحة الإيرانية، خوفًا من مذهب هزيل اسمه المذهب الشيعى.
بعبارة أخرى، ضيع علينا الرئيس موردا مهما، خشية من وهم، لو فلح أصحابه (السياح الشيعة) لكانوا فلحوا فى إعماله فى السعودية عبر الحجاج والمعتمرين. وفى مجال الصناعة والزراعة ربما نذكر هنا واحدة من أهم الانجازات المتحققة، وهى اختراع أى باد جديد، وزيادة المنتج من القمح، وهما خطوتان تذكران لتلك الفترة بالإيجابية الحقيقية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة