الهيبة هى سيف وصولجان الحكم وفقدانها انهيار له. وفى مصر بدأ الانهيار لمؤسسة الرئاسة مع انهيار هيبة الحاكم. وهيبة الحاكم والحكم لا تستمد من البطش والتنكيل والجور والظلم والتكويش وتغذية كل مفاصل الدولة بعناصر تتبع تنظيم الحاكم، كما لو كانت مصر تكية أو عزبة آلت إليهم بالميراث، وكما يرى الإخوان المسلمين.
لكن الهيبة تتواجد من خلال تأكيد مبدأ العدل والإنصاف وتكافؤ الفرص، وباعتبار أن العدل أساس الملك. وليس السطو والاستباحة لكل المناصب والمواقع كما يحدث الآن، ومن خلال أنصاف العقول التى يسند إليها كل المهام فى دولة مثل مصر!. وإن كانت ثورة 25 يناير اشتعلت بعد مخاض استمر سنوات طويلة تجاوز العشر سنوات. حيث كان جدار الظلم الذى شيد ليس بلبنات صلبة كما كان يظن رجالات مبارك، بينما كانت آهات المظلومين ورغم ضعف ووهن المغلوبين على أمرهم إلا أن طرَقات أنين أصواتهم المتصلة كانت تعمل على تصدع جدار الظلم الذى ظن النظام أنه يشيده من فولاذ على أمل أن يمنحه القوة والعزة والهيبة.
فقد كان يُبنى ويرتفع طابقا فوق طابق لكنها من حقوق مهدرة فإذا بها تتحول إلى ألغام انهياره. ولم يكن سوى الظلم هو السبب الذى أدى إلى انهيار النظام كله فجأة ومن قبله هيبة الحاكم. ونظام الإخوان لم يبدأ مستوعبا دروس الماضى، لكنه ولد من سكرات موت نظام مبارك وجاء مستنسخا يحمل نفس الخصائص ونفس الجينات فنشأ فى عمر سلفه وشيخوخته.
والنظام فى مصر الآن لم يحترف أكثر من محاولة ترسيخ مفهوم أن الإخوان هم أصحاب الدم الأزرق، وهم من يملكون مفاتيح الجنة والنار، وهم الأكثر ذكاء وحكمة وقدرة على القيادة والإدارة، وهم الأفضل والأحق بأن يتبوءوا كل المناصب والمقاعد صغيرها وكبيرها. وعلى ضوء تلك الطنطنة بدءوا بالاستحواذ وإقصاء الآخر، والتنكيل بالخصوم بتشويههم ورميهم بأحط وأقذع الصفات لا لشىء إلا للتشويه.
ففلسفة الإخوان لبلوغ أقصى حدود التمكين ليس من خلال السعى فى إطار إبداع من أجل أن يكونوا هم الأفضل، وهذا هو الطبيعى لدى أى نظام سوى، لكن ليكون الإخوان وفقط هم اللاعبين، وهم الجماهير، هم النظام والمعارضة معا. إنهم لا يرون فى أنفسهم إلا ما ترى الصهيونية فى اليهود فهم شعب الله المختار. وعلينا أن ننظر إلى ما يحدث لكل من يعارض الإخوان لكل من ينتقدهم حتى ولو كانت المؤسسات التى دعمت وساندت وأنصفت الإخوان عندما كانوا مستضعفين، وكانوا هم الجماعة المحظورة مثل مؤسستى القضاء والصحافة ومن رجالهم ممن ساهموا فى وصول الإخوان للحكم، علينا أن نرى ما يتعرض له شخصيات مثل حمدين صباحى وعبد الحليم قنديل. وأحمد حرارة وغيرهم وغيرهم.
ومع كل يوم يمر يفقد حكم الإخوان جزءا من هيبته بجوره وظلمه وجشعه وأنانيته وحماقة من يديرون دفة الحكم فى مصر. وتحول حكم الإخوان لمصر إلى ما يشبه الاغتصاب وليس الزواج. وهنا يكون الانهيار هو النهاية الطبيعية له. وإن غدا لناظره قريب.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة