بعد مرور ستة وثلاثين عامًا لانتفاضة الخبز، بتسمية الفصائل اليسارية، "18- 19 يناير 1977"، وانتفاضة "الحرامية" كما أسماها الرئيس الراحل أنور السادات، يقدم المناضل كمال خليل "مؤسس حزب العمال والفلاحين"، شهادته فى كتاب "حكايات من زمن فات" عن العقد السابع من القرن العشرين فى تاريخ مصر، أو ما يعرف بمرحلة السادات.
فى الكتاب الذى صدر حديثًا عن دار "بيت الياسمين"، والتى يشرف عليها الروائى إبراهيم عبد المجيد، يكشف خليل ما يمكن تسميته بثالوث الخديعة فى انتفاضة الخبز، وأضلاعها: السادات، الإخوان المسلمين، والجيش المصرى، فبعدما وعد السادات المصريين بالرخاء نتيجة سياسات الانفتاح الاقتصادى، جاء إعلان المجموعة الاقتصادية برئاسة عبد المنعم القيسونى، بزيادات مباشرة فى أسعار البنزين والكيروسين والسجائر والفينو والسكر والأرز وكثير من السلع التموينية، وذلك ليلة 18 يناير.
ويحكى أبرز قيادات الاشتراكيين الثوريين، أن الناس حينها باتوا وعلى ألسنتهم مطلب واحد، وهو إلغاء زيادات الأسعار، وبدأت تتفجر بؤر الانتفاضة، وكانت أية شرارة للغضب كفيلة لتحريك قطاعات عريضة من الشعب فى اتجاه التظاهر، وتناولت المظاهرات كل رءوس النظام بدءًا من السادات وزوجته إلى ممدوح سالم "رئيس الوزراء" والقيسونى.
"الشعب المصرى قال بثبات.. يسقط حكمك يا سادات" فأصيب الرئيس المصرى حينها بالفزع، بعدما وصلت المظاهرات إلى استراحته بأسوان، والتى كان يقيم فيها وقت الأحداث، مما اضطره إلى الإقلاع بطائرته الهيلكوبتر والتوجه إلى قصر الرئاسة، ليعطى الأوامر للجيش بالنزول إلى الشوارع وقمع الانتفاضة، كما أعطيت الأوامر بشن أوسع حملة من الاعتقالات للمعارضين، خاصة الشيوعيين والناصريين، وأخذ الرئيس المصرى يطلق صيحته "انتفاضة الحرامية"، كما سمح للشيخ محمد متولى الشعراوى، وزير الأوقاف وقتها، بالهجوم على "الانتفاضة" وشدد الشعراوى على طاعة الحاكم "والفتنة النائمة ولُعن من أيقظها"، على حد رواية الكتاب.
بدأ السادات "ضلع الخديعة الأول" عبر أجهزة الأمن فى تلفيق الاتهامات، والقبض العشوائى على المواطنين، فعلى طريقة فيلم "إحنا بتوع الأتوبيس"، كان الأمن يجهز بعض الميكروباصات فى بعض الميادين منادين على الركاب "الشرابية، شبرا، السيدة، الزاوية الحمراء..إلخ"، يكتمل الميكروباص فيقوده السائق إلى السجن، أحدهم يحمل كيسًا من البرتقال وآخر من الخيار.
بجانب الأسماء اللامعة فى عالم السياسة المصرية، والتى تم القبض عليها أمثال زكى مراد، رفعت السعيد، عبده كراوية، أحمد فؤاد نجم، أحمد بهاء الدين شعبان، ومحمد سلماوى وغيرهم، نلتفت فى مذكرات "خليل" إلى شخصية مهمة فى مسار التحقيقات فى قضية يناير، ويدعى أحمد مصطفى إسماعيل، وهو شخصية غير معروفة، يعترف فى التحقيقات ضد كمال خليل، محمود الشاذلى، عزت عامر، فريد زهران، شهرت العالم، و25 آخرين، متهمهم بعضوية اللجنة المركزية لحزب العمال الشيوعى.
بعد الأحداث بأسابيع، وتحديدًا فى سجن الاستئناف، سيدخل شخص ويعرف نفسه "أنا أحمد مصطفى إسماعيل"، قطعًا سيعتدى عليه البعض بالضرب بصبيانية ثورية زائفة، وبعدها يكشف المؤامرة، حيث أنفق جهاز مباحث أمن الدولة أكثر من سبعة ملايين من الجنيهات فى العامين السابقين على الانتفاضة، مستهدفًا تحديد أعضاء اللجنة المركزية لحزب العمال وضبط منشوراتهم، ولما حدثت الانتفاضة، وقد أنفقت الملايين فى "بغددة" ضباط أمن الدولة فى صورة بدلات وامتيازات، كان لابد من تقديم تنظيمات شيوعية وراء الأحداث.
من هنا تم الضغط على أحمد إسماعيل وتهديده وإجباره على القيام بكتابة منشور بخط يده، ضد النظام الحاكم وموقع باسم حزب العمال، ليقوم بتوزيعه أمام مصنع المحلة الكبرى، وبعد ذلك بشهر أو أقل يتم القبض على مجموعة ثانية بتهمة الجهاز الفنى لحزب العمال، كمخطط ملفق من "تيران أمن الدولة"، ولم يكن أحمد إسماعيل عضوًا بالحزب، ولا من شهد عليهم جميعًا أعضاء باللجنة المركزية.
وبعدما اعترف أحمد إسماعيل أمام القاضى، قام رجال أمن الدولة بجلده بالكرابيج وأجلسوه على خازوق من خشب، لكنه ظل مصرًا على أقواله وفضحه لجهاز الأمن، وهو ما فعله أيضًا حاتم زهران "مخبر أمن الدولة" فى شهادته والتى عرت حجم التلفيات التى قام بها الجهاز فى قضية 18-19 يناير، لدرجة أنها وصلت للسينما المصرية فى رائعة الرحل عاطف الطيب "زوجة رجل مهم".
"لم يعتقل أى فرد من جماعة الإخوان المسلمين أو غيرها من الجماعة الإسلامية فى أحداث يناير 77"، بهذه الإشارة للضلع الثانى يكتفى خليل، والذى مكث فى الاعتقال ثمانية أشهر، ومكث البعض أمثال إيمان عطية وشهرت العالم وشوقية الكردى عامًا كاملا، فمنذ تولى السادات دخلت التيارات الإسلامية "شهرًا طويلا من العسل" مع النظام، وبالتالى تم الهجوم على الانتفاضة استنادًا إلى نصوص دينية، وبدأ مسلسل تشويه الاحتجاجات، ووصم المشاركين فيها باللصوص.
فيما "لا نعرف لماذا سقطت من مذكرات الاشتراكى سماح النظام لبعض قيادات التيار الدينى، بالظهور على شاشة التلفزيون المصرى، وترديد دعاية النظام والداخلية على منبر الأزهر ضد المتظاهرين؛ واتهامهم بالشيوعية، ومطالبتهم "إن كانوا مخلصين" على حد قول الشعراوى بالتزام القنوات الشرعية فى النقابات والبرلمان، والتوقف عن التظاهر والتخريب وتجنب الدعوات المغرضة لإسقاط النظام".
وخلاف موقف المستشار حكيم منير صليب ومساعديه عضوى المحكمة أحمد محمد بيكار وعلى عبد الحكيم عمارة، والذين حكموا ببراءة المتهمين فى الانتفاضة، متهمين النظام بالمتسبب فى اندلاعها، وقف الجيش كضلع ثالث فى قمع الاحتجاجات، فبعدما صدرت الأوامر بنزول قوات الجيش إلى الشوارع، تم فرض حظر تجوال، كما أطلق الجيش الرصاص على المتظاهرين مخلفًا ضحايا ومصابين، وهى حادثة، كما يرى المؤلف، تكررت بعد ذلك بسنوات فى أحداث ماسبيرو "أكتوبر 2011" وأحداث العباسية فى "مايو 2012".
يتناول خليل فى حكاياته كثيرًا من الحكايات والأحداث، انقلاب مايو 71، تلاميذ 72، الكعكة الحجرية، طرد الخبراء السوفيت، اعتصام يناير 73، أحداث 75، وصولاً إلى حادثة المنصة "أكتوبر 1981". وكاشتراكى ثورى سيرى عبد الناصر ديكتاتورًا بنكهة الزعيم، والسادات ديكتاتورًا بنكهة الممثل ومهرج السيرك، فيما يصف حسنى مبارك بديكتاتور بنكهة "الملل والجليطة".
فى "حكايات من زمن فات".. كمال خليل يكشف ثالوث الخديعة فى مظاهرات 77.. السادات والإخوان والعسكر سحقوا انتفاضة الخبز.. ويؤكد: لم يعتقل أى فرد من الإخوان فى أحداث يناير
السبت، 25 مايو 2013 03:31 ص
الرئيس الراحل السادات
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
هاني
الاشتراكية
عدد الردود 0
بواسطة:
جامعيه من السبعينات
حسبى الله ونعم الوكيل منكم لله
كفايه كذب وافتراء
عدد الردود 0
بواسطة:
هاني
الاشتراكية
عدد الردود 0
بواسطة:
mahmoudrashady
الجمسى
عدد الردود 0
بواسطة:
سامي
الإسلاميون اتغاظوا