الأولياء أشكال وألوان..

عم خلف.. ولى على فرشة "خضار"

السبت، 04 مايو 2013 04:28 م
عم خلف.. ولى على فرشة "خضار" عم خلف
كتب حسن مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جلباب أخضر وعصى مغطاة بنفس اللون يضفيان على جلسته الزاهدة وقار الأولياء، يجلس رافعاً لافتاته الكبيرة بخطوط بارزة يراها الجميع تكمل مشهد "مقامه الصغير" وترشد جميعها إلى طريق واحد تخبر عنه كلمات اللافتة "الله أكبر"، يكفى أن تسأل أى طفل صغير فى شارع "شمبليون"، حيث يستقر منذ سنوات ليقول لك إنه "عم خلف بركة المنطقة الذى لم يغيّر شكله أو جلسته منذ أن عرفوا هذه الدنيا"، وسط كل هذا تُربك المشهد لقمة عيشه هو وزوجته المتراصة فى فرشة صغيرة للخضراوات يجلس عليها الرجل فى شموخ، تقترب منه أكثر فتجد الكلمات القرآنية تغطى جسده المنحوت بعلامات الزمن تسأله عنه، فيقول لك إنها "حجابه" الذى يلتحف به من دوران الأيام وآلام السن التى تهاجم جسده.

الأولياء أشكال وألوان، ورغم انتهاء زمن الكثير من الأولياء ووجوده فوق فرشة خضراوات صغيرة بوسط المدينة إلا أن عم خلف "الولى الغلبان" له مريديه الذين يعشقونه عن ظهر قلب وإن كانوا قلائل من "صنايعية" الشارع العتيق الذين تربوا على يديه، يتعلقون بكلماته كتعلق الأبناء بوالدهم، ييأسون من صخب الحياة وضيق الرزق فيذهبون للجلوس معه فى ملكوته البعيد عن هموم دنياهم، ينصحهم صوته المبحوح بالتمسك بكلمات الله، وأن كل هذه الحياة لا تساوى جناح بعوضة فى رحاب المولى، ويأمرهم بالتجمع حول حبل الله، والابتعاد عن طرق الفرقة التى تجتذبهم من كل جانب، ونشر هذا التجمع بين أهل المحروسة الذين يعتصر قلبه على تشتتهم كل يوم.

عم خلف من مواليد عام 1948 أو كما يقول "مواليد حرب فلسطين".. قضى فى وسط المدينة سنوات عمرة كاملة، وفى منتصفها ذهب إلى التصوف على طريقته الخاصة، يقول "اشتغلت هنا كل حاجة، وأولادى دلوقتى بيشتغلوا هنا، لكن مفيش أجمل من أنك تعيش فى رحاب الله، وتحس أن ربنا جمبك فى كل حاجة، كنت بنفس شكلى وطريقتى فى الحياة قبل كده على فرشة فواكه، ودلوقتى على فرشة خضار، وبنا بيكرم والحياة ماشية".

أقدام عم خلف المتساندة فوق عكازه الأخضر قاطعت طريق الأطباء منذ زمن، استبدله بكلمات ذكر الله التى تغطى جسده بالكامل فى نقوش خضراء متقنة يشعر بأنها توضع فوق جسده لتمتص آلام هذه الدنيا التى تهاجمه يوم تلو الآخر، ويقول عنها "كل ما جزء من جسمى بيوجعنى بكتب عليه كلمة من ذكر الله فلاقيه بيخف من غير ما أحتاج لدكاترة أو غيره".

الرجل الستينى لا يشعر بالقلق على أحوال البلاد مثلما العديد من الشباب الذين يجالسهم، يمسك بكتاب عن الصوفية يحتل هو صورة غلافه، ويقول بفلسفته الخاصة "طول ما لسه بنقول الحمد لله، ولسه الناس عايشه مع ربها، وبيحكمنا مسلمين يبقى اللى جاى خير إن شاء الله"، يتجمع حول كلماته الشباب ليطالبوا بكشك للرجل العجوز بدلاً من وقفة الشارع، فينهرهم فى عزه وهو يقول إن "هذه الدنيا لا تساوى شيئاًً"، وأن أمله من الحياة أن يصبح موقعه مقاماً له بعد موته.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة