سلط معهد "ستراتفور" الأمريكى للدراسات الاستراتيجية والتحليلات الاستخباراتية الضوء على الخيارات العسكرية المتاحة أمام مصر فى التعامل مع سد النهضة الذى تعتزم إثيوبيا إنشائه على نهر النيل، وقال إن الخيارات المطروحة أمام مصر من الصعب جدا تطبيقها فى ضوء العقبات التى تقف فى طريقها، ناهيك عن العواقب الدولية الضارة التى ستنتج عنها.
وفى تقريره عن خيارات مصر العسكرية المحدودة فى التعامل مع إثيوبيا، قال المعهد: "بينما تسعى مصر جاهدة من أجل جذب التدخل الدبلوماسى بالنيابة عنها لإحباط بناء السدود فى إثيوبيا، فإن التوترات قد وصلت على النقطة التى أشارت فيها مصر إلى احتمال استخدام القوى لإبعاد السد عن التخفيض المحتمل فى مياه النيل فى المصب لمستويات غير مقبولة، وسوف يكون هناك ضغوط دولية جادة، من أجل إبقاء الجدل حول السد فى إطار الدبلوماسية، إلا أن هناك قيوداً كبيرة على إمكانية الحل العسكرى المصرى".
وتحدثت تقرير "ستراتفور" عن المشكلات التى أثارتها السدود من قبل، وقال إن الأمر اختلف بناء على أبعاد السد، إلا أن السدود يمكن وعادة ما تكون أهدافا صعبة للغاية لتدميرها.
ففى الحرب العالمية الثانية أثبتت بريطانيا إمكانية تنفيذ الأمر، على الرغم من الصعوبات الكبير، وكانت الأولى فى تطوير فن خرق السدود، واستخدم البريطانيون قنابل كاذبة، لكن لحسن الحظ، بالنسبة للمصريين، فإن التطور الذى حدث فى تكنولوجيا الأسلحة قد يمكنهم من استهداف السد الإثيوبى بطريقة أقل مخاطرة.
وأفضل طريقة أمام مصر لضرب سد قائم هو استخدام القنابل اليى يتأخر عملها ونشرها من ارتفاعات منخفضة تماماً، أو الأفضل من هذا استخدام ذخائر الهجوم المباشر المشتركة التى يتأخر تشغيلها أيضا من ارتفاع متوسط.
وتكمن الصعوبة، كما يوضح التقرير، فى أن هذه القنابل يجب أن يتم وضعها فى قاعدة السد تحديداً تحت المياه، حيث يكون التأثير الناتج ضخم وموجة الضغط كبيرة جداً، ويفضل نشر أكثر من قنبلة بنفس الطريقة، حتى تكون القوة كافية لخرق السد.
ويتابع التقرير: "ولتجنب الإزعاج من ضرب سد قائم وخلق حالة من الفيضان الهائل فى المصب فى السودان، وربما مصر، من المرجح أن تفضل القاهرة ضرب السد أثناء إنشائه"؛ لكن عليها أن تكون حذرة بألا يتم ضرب السد فى وقت مبكر جدا، لأنه ربما لا يمكن حينئذ ردع إثيوبيا تماما عن إعادة البدء فى المشروع.
ويشير التقرير إلى أن المسافة تمثل عقبة هائلة فى طريق أى خيار عسكرى مصرى، لأن إثيوبيا بعيدة جداً عن مصر، وبما أن مصر لم تستثمر فى أى نوع من القدرة على التزود بالوقود الجوى، فإن الأمر أكثر صعوبة، والعزاء الوحيد لمصر هو أن السد قريب جدا من الحدود السودانية، إلا أن انطلاق الطائرات المصرية من السودان سيكون أمر معقد من الناحية السياسية، وسيكون له عواقب دولية للسودان ومصر، كما أن قرب السودان من إثيوبيا سيجعلها معرضة لانتقام عسكرى مباشر.
ثمة خيار آخر تحدث عنه تقرير المعهد الاستراتيجى، وهو إدخال قوات من العمليات الخاصة المصرية إلى السودان.. ومن هناك يمكن أن تتحرك القوات عبر الحدود، وإما أن تعطل بناء السد أو تحاول تخريب البنية تحت ستار من المسلحين.
وهذا سيسمح للخرطوم بأن تقول بواقعية أنه لا فكرة لديها عن المسلحين هناك، ولكن العمليات العسكرية للقوات الخاصة سيؤدى فقط لتأجيل المشروع وليس إنهاءه، وتابع المعهد: "يمكن أن تواجه فرق قوات العمليات الخاصة عقبات فى محاولة تدمير السد، فالسدود تمثل بنية تحتية حيوية ويتم حمايتها بشكل جيد نسبيا عن طريق وحدات عسكرية متخصصة.. وربما لا تكون إثيوبيا استثناءً فى هذا، خصوصا مع كل الخلاف المحيط بالمشروع، ومن ثم، فإن قوات عمليات الخاصة المصرية ستحتاج إلى الحظ والمهارة للدخول إلى السد بنجاح".
وهناك مشكلة أخرى، تتعلق بأن فريقا صغيراً من القوات الأرضية، مهما كانت كفاءته، ربما لا يكون قادرا من الناحية البدنية على حمل ما يكفى من الذخائر للإضرار بالسد بشكل كبير أو تدميره.
وخلص "ستراتفور" قائلاً: "إن مصر ربما تكون أمامها خيارات عسكرية، إلا أن المسافة ستعوق بشدة قدرتها على استخدام القوة الكاملة لجيشها، وأى خيار تراه القاهرة سيكون محفوفا بالمخاطر فى أفضل الأحوال، وسيأتى أيضا بعواقب دولية ضارة.
معهد "ستراتفور" الأمريكى يرصد خيارات مصر العسكرية فى التعامل مع سد النهضة.. ويؤكد: المسافة ستعوق بشدة قدرة القاهرة على استخدام القوة الكاملة لجيشها.. والسودان سيدفع ثمن أى عمل عسكرى لمصر ضد إثيوبيا
الأربعاء، 12 يونيو 2013 11:35 ص
سد النهضة الإثيوبى- أرشيفية