بينما تقف مصر على أطراف أصابعها مترقبة يوم 30 يونيو، خوفا أو أملا أو قلقا أو كل هؤلاء معا، سوف يكون بوسعك أن تجد ما يستدعى الابتسام، لتكتشف أنه إلى جانب الكوميديا السوداء هناك أيضا كوميديا المسخرة.
والواقع أن المساخر فى بلادنا قد بلغت إحدى ذراها الكوميدية عندما أصبحت «الجماعة» حاكمة للبلاد بعد ثورة أذهلت العالم، وكأن المصريين الذين أبهروا العالم بثورتهم قد قرروا إعادة مشهد الإبهار، فانتخبوا محمد مرسى، فى كوميديا مسخرة، وكذلك بدأت تتوالى علينا المساخر من كل حدب وصوب.
وفى زمن المساخر، سوف تكتشف أن «جماعة الوسط» بزعامة المهندس أبو العلا ماضى لم تكن سوى «الذراع السرى» للإخوان فى أوساط المعارضة، أو لعلها كانت «الخلية النائمة» هناك، ثم تتوالى اكتشافاتك وأنت تسمع ماضى وهو يقترح مواجهة أزمة بناء سد النهضة الإثيوبى عن طريق «أحنا ننشر إشاعات أن مصر سوف تضرب السد».
وبعد أن شاهد العالم على الهواء مباشرة فضيحة الإشاعات كنت أظن أن الرجل سوف يتوارى قليلا، على الأقل من باب الخجل، إلى أن ينسى الناس الفضيحة، فى غمرة الهموم اليومية التى فاضت علينا بفضل حكمة الأخ محمد مرسى. لكن خاب ظنى وعاد أبو العلا ماضى للتألق من جديد.
والمفارقة أن يعود ماضى متمسكا بأسلوب «أحنا ننشر إشاعات»، ربما لأن الناس على دين ملوكهم، وأبو العلا ماضى ليس فقط على دين مرشده الأعلى، وإنما أيضا على خطى نائبه الأشهر والأقوى، فى نشر الإشاعات وشيطنة وتشويه الخصم السياسى، لكن للإنصاف عاد ماضى بعدما أدخل على أسلوبه بعض التعديل، ربما لأنه يعرف أنه على الهواء، على عكس ما كان فى «حضرة الرئيس» حيث فاجأت السيدة باكينام الجميع بأنهم على الهواء، لكن بعد أن «وقعت الفاس فى الراس».
وهكذا أطل علينا المهندس ماضى - على الهواء مباشرة - ليحدثنا عن تفاصيل ما جرى فى لقاء «الأخ» حمدين صباحى (حسب وصفه) مع سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسى العلنى للإخوان – الأخ الشقيق لحزب الوسط الذراع السرى للإخوان). وكذلك يقفز ماضى بمهارة الخبراء وخفة المتمرسين فوق خبر اجتماع الاثنين معا، ليقول لنا جرى بينهما من أحاديث، وكأن خبر اللقاء فى ذاته بات عند ماضى من البديهيات التى لا تحتاج حتى إلى مجرد إشارة، أو هكذا يريد إقناع مشاهديه.
لا أعرف من أين استقى أبو العلا ماضى هذه الجرأة فى نشر هذا الكلام، وكيف لم يدر بخلده لحظة واحدة أن حمدين صباحى والتيار الشعبى، وحزب الكرامة وجبهة الإنقاذ والناصريين عموما، سوف يتصدون لكلامه ويفندونه ويكذبونه، لكن يبدو أن كل ذلك ليس مهما، حيث أن نظرية الشائعة تقضى بنشرها على أوسع نطاق، وسوف يصدقها الكثيرون قبل أن ينفيها أصحابها، وهذا هو المهم عند كبار تجار الشائعات. وهؤلاء عموما لا يهتمون كثيرا بتفاصيل من نوع كيف ستواجه الناس بعدها ولا كيف ستبرر، كل هذه تفاصيل لا قيمة لها عندهم، حيث أن الأهم هو نشر الشائعة، فضلا عن أنهم يتميزون غالبا بقدرتهم على التبرير والتلون، بخفة ومهارة لا يحسدهم عليها أحد.
وعندما حدث ونفى أصحاب الشأن حدوث أى لقاء بين صباحى والكتاتنى، عاد أبو العلا ماضى ليؤكد أنه لم يقل إن حمدين اجتمع مع الكتاتنى، وهذا صحيح فهو بالفعل لم يقل ذلك بالحرف، وتكتشف عندها مهارة الرجل فى أن ينشر الشائعة دون أن يقولها، وإلا بالله عليك يا باشمهندس كيف تواصل الاثنان واستعرضا معا الأفكار وتبادلاها دون أن يكونا قد التقيا؟؟
الطريف أن ما جرى بين صباحى والكتاتنى من تبادل فى الأفكار والرؤى (دون أن يلتقيا) هو ما أوحى لمهندس جماعة الوسط بفكرة مبادرته التى أسماها «إنقاذ الوطن»، وأنت لا تعرف أى وطن وأى إنقاذ، وهو من قدم قانون السلطة القضائية لمجلس الشورى، بهدف ترويض القضاء لمصلحة الجماعة الأم وأصر على مناقشته، حتى وإن أدى ذلك إلى هدم الوطن؟ أى شمل ذلك وصاحب الوسط كان من بين مؤيدى إعلان العار الدستورى فى نوفمبر 2012، الذى قصم ظهر مصر؟ وبما يحق لنا أن نسأل الآن أين هو قانون السلطة القضائية؟ ولماذا تراجع الوسط عن مناقشته فى مجلس الشورى؟
لكن فى زمن المساخر يمكنك بهدوء وبساطة أن تعرف أن المهندس أبو العلا صاحب الذراع السرى للجماعة، يشعر بما تشعر به الجماعة الأم، من هلع وذعر ومصر تقف على أبوب 30 يونيو، وهو يحاول فقط إنقاذ الجماعة، ومن بين وسائل الإنقاذ سحب قانون السلطة القضائية، وكذلك «أحنا ننشر إشاعات».
لكن زمن المساخر لن يستمر طويلا، والجماعة لم تعد بحاجة لمن يسقطها ، فهى تنتحر بهدوء ودون ضجيج.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد ابراهيم !!.................مروّج حقائق !!
يوم 30 العصر !!؟؟......... هينتهى مفعول العصر !!؟؟................وهتكون بداية أجمل ؟؟!!