أحمد كمال هو أحد الشهداء المنسيين، مثله مثل عشرات الشهداء فى محافظات مصر الذين استشهدوا يوم 28 يناير2011 ورحلوا فى صمت بعيدا عن أضواء الإعلام وصخب القاهرة، قبل شهر ونصف زرت عائلته فى منزلهم بطنطا، وتعرفت على والده عم كمال، وهو نموذج لمواطن مصرى شريف بذل الجهد والوقت لتربية أبنائه، أطعمهم من حلال وعلمهم مكارم الأخلاق وعاش طيلة حياته زاهدا فى الدنيا وبشوشا مع الناس.
ملامحه مصرية بامتياز، ينبض قلبه بحب هذا الوطن والخوف عليه، لم يضعف المرض عزيمته ولم يكسره فقده لولده، ولم يفقد يوما الإيمان بالثورة قال لنا حين زرناه: إن الله سيحفظ هذا البلد، ومهما اشتد الظلام فله نهاية، لا تفقدوا الأمل، وأكملوا ما بدأتم فآمال الناس فيكم أنتم وليست فى العواجيز.
أنا لا أريد شيئا لابنى الشهيد سوى أن يتذكره الناس ويدعوا له، ساعدونى فى إزالة العقبات التى تقف أمامنا لتسمية أحد الشوارع أو المدارس باسم أحمد، لا أريد أكثر من ذلك، أما ابنى فإن الله سيعوضنى عنه، وأسأل الله أن يتقبله فى الشهداء والصالحين.
أما الشهيد أحمد فروت لنا شقيقته قائلة: فى يوم استشهاده ارتدى ملابسه وصفف شعره وودعنى بابتسامة، وقال لى: لا تخبرى أبى أين أنا ذاهب حتى لا يقلق وبعد ساعات قليلة كانت دماء أحمد تروى الأرض وهو يحاول حماية أصدقائه من القمع يوم جمعة الغضب، وحين نقلوه إلى المستشفى وذهبنا إليه كان ثابتا ومطمئنا وقبل والدى، وقال له «أوعى تزعل منى يا بابا أنا ما عملتش حاجة غلط أنا عملت الصح ومصر خلاص هتبقى كويسة ومش هيبقى فيها ظلم تانى ادعى لى يا بابا»، وفارقت أنفاسه الحياة وظل حلمه أمام عيوننا لا يموت.
خلال سنتين كاملتين حاولت أسرة الشهيد تسمية الشارع الذى يقيم فيه باسمه تخليدا لذكراه، ولكنها لم تنجح، وحين استطاعت الحصول على موافقة بتغيير اسم أقرب مدرسة إلى بيته باسمه وصدر القرار الإدارى بذلك لم يتم تنفيذ القرار حتى الآن، وعندما ذهبت أسرة الشهيد لمحافظة الغربية يطلبون تنفيذ القرار، قال لهم المسؤولون بالمحافظة إن وزير التنمية المحلية قد أصدر قرارا بعدم تسمية أى مدرسة بأسماء للشهداء، ولم تدر الأسرة هل هذا كلام صحيح أم أنه ادعاء من أجل صرفهم وقتل الأمل فى قلوبهم.
وعد الرئيس مرسى أسر الشهداء بالقصاص وقال كثيرا إن دم الشهداء فى رقبتى ولن يذهب هدرا، ولم يتحقق شىء فى قضية القصاص، بل استمر مسلسل البراءة للجميع، وكأن هؤلاء الشهداء قد قتلوا أنفسهم، كثير ممن أقابلهم من أسر الشهداء قد فقدوا الأمل تقريبا فى تحقق القصاص العادل وصار منتهى أحلامهم للأسف هو التكريم المعنوى لأبنائهم الشهداء الذين دفعوا أرواحهم من أجل هذا الوطن.
صباح الأربعاء الماضى رحل عم كمال إلى العالم الآخر بعد رحلة عناء طويلة مع مرض الكبد الذى مزق أجساد ملايين المصريين، مات عم كمال ولحق بابنه الشهيد دون أن تتحقق هذه الأمنية، مات عم كمال ولم ينصفه الرئيس ولا وعود الرئيس، مات الرجل وهو متمسك بالأمل والحلم فى وطن أفضل دفع ابنه دمه من أجله.
لا أستطيع أن أنظر فى عيون شقيقات الشهيد أحمد كمال وعائلته الآن من شدة الخجل، فماذا أقول لهم بعد أن رحل والد الشهيد ولم يجبر أحد بخاطره، خاطبنا المسؤولين ولم يجبنا أحد وكأن الكل يريد التبرؤ من هذه الثورة، ومن كل شىء يذكر بها حتى الشهداء.
من فقد القدرة على الوفاء بأبسط الواجبات والحقوق ماذا سيفعل فى بقية الأشياء، ندائى مستمر لوزيرى التعليم والتنمية المحلية ومحافظ الغربية بإطلاق اسم الشهيد أحمد كمال على أقرب مدرسة من بيته.
أما رئيس الجمهورية فإن عيون الشهيد محمد مصطفى «كاريكا» وسيف الله مصطفى وأحمد بسيونى وكثيرين غيرهم ما زالت تحدق فيه وتسأله: أين الوعد بالقصاص وأين الوفاء؟
لن ننسى مهما تناسى الآخرون، فالوفاء من شيم الكرام.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
wael
الاستاذ مصطفى المحترم
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن غلبان
أقسم بالله أنا مش إخوانى ولا سلفى ومواطن بسيط
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو احمد
لوم
عدد الردود 0
بواسطة:
!! المصرى الحر !! اسلام المهدى .
!! كيف ينام د مرسى !!
عدد الردود 0
بواسطة:
وصفي
ياريت ترد على