فى عدد اليوم من صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية قارنت الكاتبة "آن أبلبوم" بين المظاهرات الحاشدة التى خرجت فى مصر وبين نظيرتها فى البرازيل وفى تركيا.
وقالت "أبلبوم" إن هذه المظاهرات الحاشدة كانت ترفع شعارات مختلفة وتستخدم لغات مختلفة، ولكن المشترك بينها يكشف عن طبيعة الاحتجاجات الشعبية الحديثة.
ففى "ريودى جانيرو" و"القاهرة" و"إسطنبول" كان لهذه الحشود مطالب مشروعة؛ فكان المتظاهرون يحتجون على الفساد فى البرازيل، والفشل الاقتصادى فى مصر، والدكتاتورية فى تركيا، وكان التباطؤ الاقتصادى يقع فى خلفية الاحتجاجات التى خرجت فى البلدان الثلاث، ولكن المدهش فى هذه المظاهرات كان حجمها حيث كان عدد المشاركين أكبر وأكثر شبابا مما يتوقع أى أحد.
ويعتقد البعض أن تنظيم المظاهرات أصبح أسهل نظرا لوسائل الاتصال الحديثة مثل "تويتر" و"فيس بوك"، فضلا عن أن محاولات الأمن لقمع تلك الاحتجاجات كانت عادة ما تؤدى إلى نتائج عكسية فقنابل الغاز دفعت أعداد من المتظاهرين للخروج أكثر من الأعداد التى أثبطت عزمها.
وأشارت الكاتبة فى الوقت نفسه إلى أن سهولة خروج الناس إلى الشوارع تعنى صعوبة تنظيمهم؛ حيث إن الحشود الكبيرة التى تتكون على هذا النحو ربما لا تكون قادرة على إحداث تغيرات مؤسسية. لافتة إلى أن إحداث التغيير الحقيقى يتطلب تأسيس الأحزاب السياسية والمنظمات الجديدة والنوادى الاجتماعية التى تفحص مصالح البلاد وليس مصلحة فصيل أو جماعة بعينها.
ومن ثمن فإن نجاح المظاهرات فى الدول الديمقراطية يعتمد على الدرجة التى يستطيع إليها هؤلاء المتظاهرين تحويل مظاهراتهم إلى نشاط حقيقى والعمل من خلال القانون وتحويل الشغف والغضب إلى تغيير مؤسسى وبالتبعية تغيير سياسى.
وأشارت الكاتبة إلى أن مظاهرات مصر، التى كانت الديمقراطية الحديثة بها أكثر هشاشة من الدولتين الأخرتين، أخفقت بهذا المعنى؛ حيث ما زال المتظاهرون ضد مرسى لم ينظموا صفوفهم فى حزب سياسى متماسك، أو يطرحوا برنامج سياسى له جاذبية شعبية وليس لديهم نخبة جاهزة لتولى القيادة.
وبدون هذه الأشياء فإن تأثيرهم على مسار الأحداث كان محدودا ونظرا لإدراكهم أنهم سوف يخسرون المعركة الانتخابية القادمة فقد استدعوا الجيش ووضعوا المشروع الديمقراطى فى مصر برمته فى أزمة.
وفى البرازيل يبدو أن المظاهرات بهذا المعنى قد نجحت، فقد اضطرت الرئيسة البرازيلية، ديلما روسيف للظهور على شاشات التليفزيون للإعلان عن إجراء استفتاء على الإصلاحات الاقتصادية. ولكى يحدث تغيير أكثر دواما فى البرازيل، سيكون على الحشود أن تخلق حزبا سياسيا بديلا للحزب الذى تقوده روسيف.
ومن جهة أخرى، يواجه الشباب الأتراك فى إسطنبول تحديات أكثر صعوبة، كيف يمكن خلق رسالة سياسية تجذب ليس فقط النخب العلمانية المتعلمة، ولكن أيضا جماهير المصوتين الذى صوتوا لصالح رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزبه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة