تشغل رسالة السلطان العثمانى "سليمان القانونى"، التى أرسلها إلى ملك فرنسا "فرانسوا الأول"، مكانة اللؤلؤة التى ترصّع تاج المكتبة الوطنية الفرنسية، التى تحتفظ بتلك الرسالة وتحافظ عليها، وتعتبرها من أهم وأثمن مقتنياتها.
وتكمن أهمية الرسالة التى أرسلها "سليمان المعظّم" كما يسميه الفرنسيون، بأنها تسلط الضوء على المكانة العالمية التى شغلتها الدولة العثمانية فى ذلك العصر وتأثيرها السياسى، كما تدخل الرسالة ضمن إطار البوادر الأولى التى أسست عليها العلاقات الدبلوماسية التركية – الفرنسية، الأمر الذى يكسبها بعداً تاريخياً أكبر.
تحتفظ المكتبة الوطنية الفرنسية، برسالة "السلطان سليمان" فى قسم المخطوطات والوثائق عالية الأهمية، التى يتطلب زيارتها الحصول على إذن خاص من قبل السلطات الفرنسية، وتتكون الرسالة التى يبلغ طولها 167.5 سم وعرضها 35 سم من 15 سطراً، زيّنت بنقوش ذهبية، وختمت بالطغراء، فى لوحة تعبر عن حس فنى راقى وعريق.
وتشكل السطور الأولى من الرسالة التى جاءت رداً على رسالة طلب المساعدة التى وجهتها الدوقة "دانغولين" والدة ملك فرنسا "فرانسوا الأول" فى أعقاب خسارة ابنها لمعركة "بافيه" بتاريخ 24 شباط/ فبراير 1525 وأسره من قبل إمبراطور ألمانيا "شارلمان"، محط إعجاب الباحثين والمطلعين.
إذ يقول "السلطان الأعظم والخليفة الأفخم والخاقان المفخّم سليمان خان الأول الأشعرى القانونى ابن السلطان سليم خان الأول" فى مستهل رسالته، "بعناية حضرة عزة الله جلّت قدرته وعلت كلمته، وبمعجزات سيد زمرة الأنبياء، وقدوة فرقة الأصفياء محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم الكثيرة البركات، وبمؤازرة قدس أرواح حماية الأربعة، أبى بكر وعمر وعثمان وعلى، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وجميع أولياء الله. أنا سلطان السلاطين وبرهان الخواقين، أنا متوج الملوك، ظلّ الله فى الأرضين، أنا سلطان البحر الأبيض والبحر الأسود والبحر الأحمر والأناضول والروملّى وقرمان الروم، وولاية ذى القدرية، وديار بكر وكردستان وأذربيجان والعجم والشام ومصر ومكة والمدينة والقدس وجميع ديار العرب والعجم وبلاد المجر والقيصر وبلاد أخرى كثيرة افتتحتها يد جلالتى بسيف الظفر ولله الحمد والله أكبر.. أنا السلطان سليمان بن السلطان سليم بن السلطان بايزيد.. إلى فرانسيس ملك ولاية فرنسا".
كما تحتفظ المكتبة الوطنية الفرنسية، فى قسم المخطوطات التركية، بالعديد من الرسائل التى ترجع إلى عام 1533، والتى أرسلت من قبل السلطان سليمان القانونى إلى ملك فرنسا "فرنسوا الاول"، واحتوت على معلومات حول علاقات الإمبراطورية العثمانية بالدولة الصفوية، والحروب التى جرت بينهما، وخاصة فى عهد شاهها "طهماسب الأول بن إسماعيل الصفوى".
ويبلغ عدد المخطوطات الموجودة فى قسم المخطوطات التركية، التى تحتفظ بها المكتبة، ألفين و200 مخطوطة، وأكثر من 30 ألف كتاب مطبوع، ومئات المجلات والصور والخرائط، فضلاً عن مخطوطات لأسماء لمعت فى سماء الأدب والعلوم التركية والإسلامية، من أمثال "على شير نوائى" و"نسيمى" و"الرياضى" و"فريد الدين العطار" و"أحمد جلبى" و"باقى" و"سليمان جلبى" وكتاب "فتحية" لعالم الفلك والرياضيات "على قوشجى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة