لجأت أغلب الشركات العالمية فى مصر العاملة فى قطاع البترول إلى تعليق ضخ استثمارات جديدة، وإرجاء عمليات التنمية والاستكشاف، لحين قيام الحكومة بسداد مستحقاتها والتى تفاقمت إلى أن وصلت إلى 6 مليارات دولار، فى ظل عجز الحكومة عن الالتزام بسداد تلك المديونية فى ظل التوترات السياسية التى تشهدها البلاد منذ فترة.
وأرسلت بعض الشركات الأجنبية خطابات تهديدية إلى الحكومة، تطالبها فيها بسداد مستحقاتهم المالية، مع خروج بيانات صحفية وتصريحات المسئولين بالشركات الخاصة للمطالبة بمستحقاتها، وتأجيل أية استثمارات جديدة فى مصر، لحين الوقوف على حلول تضمن استثماراتها، مع إيقاف أية أعمال تنمية أو أى أنشطة للحفر جديدة فى مصر.
ويواجه حاليا وزير البترول المهندس شريف إسماعيل، عقبات من خلال التفاوض مع الشركات العالمية فى مصر، والتوصل إلى طرق لسداد مستحقاتها، خاصة أن تلك العقبات تراكمت خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلى حرصه على التوصل إلى حلول عاجلة وسريعة لتوفير الطاقة لمحطات الكهرباء والقطاع الصناعى، فى ظل حجم العجز الحالى فى الطاقة، وتلبية احتياجات السوق المحلى.
وكانت دول عربية، على رأسها الإمارات والسعودية والكويت وقطر، قد قدمت مساعدات لمصر فى قطاع الطاقة أسهمت فى توفير الوقود خلال الشهور الماضية لمحطات الكهرباء والسوق المحلى، وخفف من لجوء وزارة الكهرباء إلى تخفيف الأحمال الكهربائية على المواطنين، والتى كانت تثير استياء كثيرين، فى ظل ارتفاع درجات الحرارة، والتى كانت تلجأ إليها فى حالة نقص الوقود إليها.
من جانبه أكد المهندس يسرى حسان رئيس شركة فيجاس اليونانية للبترول، أن مصر مقبلة على كارثة حقيقية وتفاقم العجز الحالى فى الطاقة، إذا لم تقم على الفور بوضع خطط طويلة لأزمة الطاقة، لافتا إلى وجود تباطؤ فى ضخ استثمارات جديدة فى قطاع البترول منذ عام 2011 بسبب غموض الموقف السياسى، وهو ما دفع أغلب الشركات الأجنبية فى مصر إلى المحافظة على معدلاتها الحالية من الإنتاج، وعدم ضخ أية استثمارات جديدة.
وقال حسان، إن هناك نقصا فى حجم الطاقة، وإن باستمرار الوضع الحالى للطاقة سيدفع مصر إلى أن تلجأ إلى الاستيراد خلال الفترة القادمة لحل تلك الأزمة، لافتا إلى أن مصر تستورد حاليا من السولار 45%، والبنزين من 10 إلى 15%، وأن إنتاجنا من الغاز لا يكفى سوى 70%.
وأشار حسان إلى انخفاض استثمارات الشركة السنوية إلى 50%، حيث كان يتم ضخ نحو 60 مليون دولار سنويا لعمليات الصيانة انخفضت إلى 30 مليون دولار، مع تراجع الإنتاج بنسبة 10%.
وأكد حسان أن المشكلة الحالية مشكلة مركّبة، وهى أن إنتاجى من الخام والغاز لا يكفى، مع إهمال معامل التكرير، حيث بلغت طاقتها الإنتاجية حاليا 21 مليون طن سنويا، بينما تصل الطاقة الفعلية إلى 33 مليون طن سنويا، وهو ما يتطلب إجراء تحديث سريع لتلك المعامل، بما يمكن الحكومة من استغلال المعامل بأقصى طاقتها، بما يستهدف خفض فاتورة استيراد المنتجات البترولية، واستبداله باستيراد خام للإنتاج تلك المنتجات والاستفادة منها.
وأشار حسان إلى ضرورة الإسراع فى تطوير معمل تكرير أسيوط الذى ينتج النافتا بكميات كبيرة، ويتم توجيه جزء كبير منها للتصدير لإنتاج الفاقد فى كميات البنزين المستورد من النافتا.
وقال حسان، إذا كانت الحكومة جادة فلابد أن تبحث عن الزيت والغاز خارج مصر، من خلال الدخول فى استثمارات خارج مصر، تحديدا بالشرق الأوسط والشراكة مع شركات، مثل سوناطراك الجزائرية، وغيرها من الشركات الأخرى، والاستثمار فى العراق وليبيا، لافتا إلى أن إقليم مثل كردستان يمنح حقل للتنمية، وتحصل الحكومة فقط على 25% والباقى للشركة المستثمرة، كما أن العراق تمنح الحقول للشركات، مقابل منحها على كل برميل منتج دولارا ونصف ربحية، لتحقيق عائدات، وتوجيه استثماراتها فى مناطق جديدة.
وأكد رئيس شركة فيجاس ضرورة الإسراع فى الوصول إلى حالة من الاستقرار الأمنى والسياسى حتى لا تتفاقم الأزمة، والإسراع فى سداد مستحقات الشركات الأجنبية، وتطوير المعامل الحالية.
واقترح حسان ضرورة إدخال مستثمرين أجانب فى تطوير معامل التكرير، خاصة أن المعامل تعمل بـ60% من طاقتها، مما يمكنها من طرح 40% للاستثمار الأجنبى للعمل بطاقة 100%، والحصول على استثمارات تصل إلى 15 مليار دولار، تسدد مديونية الهيئة للشركات الأجنبية والتى تصل إلى 6 مليارات دولار، ويوجه 2 مليار دولار لتطوير المعامل، والفارق يتم به إنشاء معمل تكرير كبير بالعين السخنة بطاقة إنتاجية تصل إلى 200 ألف برميل، وأن يكون العائد على المستثمر شراء حصته بمعامل التكرير بالأسعار العالمية.
فيما أكد المهندس مدحت يوسف نائب رئيس الهيئة العامة للبترول سابقا، ضرورة قيام الحكومة ممثلة فى قطاع البترول بوضع نموذج جاذب جديد لتسعير الغاز للشركات الأجنبية، بما يضمن استمراريتها فى عمليات التنمية والإعلان عنه بشفافية.
وقال يوسف، إن المهندس سامح فهمى وزير البترول السابق، قام بتعديل اتفاقية تسعير الغاز فى الاتفاقيات البترولية بوضع سقف لسعر الغاز لا يتعدى الـ2 دولار و65 سنتا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وأدى إلى شعور الشركات الأجنبية بخسارة، بعد ارتفاع سعر برنت إلى 50 و60 دولارا للبرميل، نتيجة للأحداث والاضطرابات العالمية، بالإضافة إلى زيادة التكلفة الاستثمارية مع انخفاض فرص تحقيق اكتشافات فى الأراضى المنخفضة، وأصبح التركيز على المياه العميقة بتكلفة مرتفعة، مما دفع الشركات إلى الطلب من هيئة البترول تعديل أسعار الغاز الطبيعى، وكان أولها شركة "بى بى" بريتش بتروليوم.
وأكد يوسف أن مشكلة الشركات الأجنبية فى مصر ليست المديونية فقط، بل أيضا تعديل أسعار الغاز، لافتا إلى أن الغاز هو مستقبل مصر حاليا، خاصة أن مصر فقيرة فى إنتاج الزيت، خاصة أن أغلب اكتشافاتها منذ 10 سنوات ضئيلة جدا، وكلها آبار صغيرة لا يتعدى إنتاجها اليومى الـ120 برميلا، كما أن معدلات التنمية والزيادة فى إنتاج الزيت الخام ضعيفة جدا.
وقال يوسف، إن قطاع البترول يواجه حاليا حالة من نقص السيولة نتيجة لرهن غالبية إنتاج خام غارب لبنك "بى جى مورجان"، حيث يتم تصدير الخام بمعدل شحنتين شهريا بواقع 100 ألف برميل، بالإضافة إلى أن إنتاج النافتا مرهونة أيضا لنفس البنك للحصول على قرض كل ثلاث سنوات، بالإضافة إلى تأمين المخاطر والذى يحصل على 10% من قيمة القرض، بما يعد إهدارا للثروات.
وأكد يوسف ضرورة عدم اللجوء للاقتراض بالرهن، للابتعاد عن تأمين المخاطر ذات الأعباء المالية الكبيرة.
شركات البترول الأجنبية تهدد مصر بتعليق ضخ استثمارات جديدة لحين الحصول على مستحقاتها التى بلغت 6 مليارات دولار.. وخبراء: يجب تعديل أسعار الغاز فى الاتفاقيات الجديدة وعدم اللجوء لرهن الإنتاج للاقتراض
الأربعاء، 28 أغسطس 2013 02:17 م
وزير البترول المهندس شريف إسماعيل
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نحب مصر
وبدأت العراقيل والحرب علي مصر اقتصادية حسبنا الله ونعم الوكيل