هناك علاقة تشابه بين الحضارتين المصرية والسورية، فجوهر العلاقة هو البُعد الثقافى المُتمثل فى خصائص ثقافية كثيرة جمعتْ بين مصر وسوريا، وهو ما تأكد من التشابه الكبير فى مختلف النواحى الحضارية.
قال الدكتور رأفت النبراوى، لاشك أن التشابه واضح وكبير بين مصر وسوريا فى مختلف النواحى الحضارية والمعمارية والفنية، حيث إنهما خضعتا لحكم واحد فى معظم الفترات الإسلامية عندما كانت دمشق عاصمة الخلافة الأموية، وكذلك فإن الطولونيين ومن بعدهم الإخشيديين والفاطميين كانوا يحكمون مصر وسوريا معاً وكانت يطلق عليها بلاد الشام.
وأوضح النبراوى، أن مصر وسوريا خضعتا تحت حكم واحد خلال العصر الأيوبى وصلاح الدين الأيوبى بعد أن استقل بمصر توجه إلى الشام واستولى عليها جميعاً ووحد الجبهة الإسلامية ضد الخطر الصليبى، واستطاع أن يحقق نصراً تاريخياً على الصليب فى موقعة حطين فى 583 هــ الموافق 1187 م وبعدها انطلق واستولى على المدن الساحلية حتى استولى على بيت المقدس ولم يقتل مسيحياً صليبياً واحداً من أبناء بيت المقدس عكس ما فعله الصليبيون حينما استولوا على بيت المقدس فى 492 هــ فقتلوا من المسلمين أكثر من سبعين ألف لدرجة أن دماءهم سالت فى الشوارع كالمياه فى البحر هذا يدل على سماحة صلاح الدين الأيوبى والدين الإسلامى.
وأكد النبراوى، أن مصر وسوريا فى خندق واحد منذ بداية العصر الإسلامى وحتى نهاية العصر العثمانى، فالتشابه موجود فى العمارة الدينية كالمساجد والمدارس والعمارة العسكرية كالقلاع والحصون وكذلك العمارة المدنية كالمنازل والقصور والحمامات وأيضا اللغة واحدة والعادات والتقاليد لأن الحكم واحد.
ومن جانبه قال الدكتور مختار الكسبانى، العلاقة المصرية والسورية قديمة حيث كانت سوريا خاضعة للحكم المصرى منذ أيام رمسيس الثانى وامتداد الإمبراطورية المصرية لتشمل منطقة الشام رعايتها ونفس الشىء فى العصر الإسلامى فى منطقة الشام خضعت للحكم المصرى باعتبارها خط الدفاع الأول أو أمن قومى وامتدد إليها السلطة الأيوبية والمملوكية طوال العصر المملوكى تابعة لمصر ويعين حاكم يتبع السلطان فى مصر.
وأوضح الكسبانى، أن هناك العديد من الأمراء والسلاطين قاموا ببناء المدارس والمساجد والوكالات التجارية فى بلاد الشام كنوع من امتداد الحضارة المصرية لهذه المناطق والأزهر الذى يمثل قامة عالية فى مصر فهو فى سوريا كذلك وحتى الآن يتوافد عليه الطلاب من سوريا.
وأكد الكسبانى، أن العلاقات وطيدة وتاريخية بين الإقليمين وتوجد فى العصر الحديث بين مصر وسوريا فى عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وأيضاً "محمد كرد على " صاحب كتاب " خطط الشام " نلاحظ اهتمامه الكبير بالفترات التى خضعت فيها بلاد الشام لحكم مصر وأنه أزهى عصور بلاد الشام وأن امتداد الحكم المصرى لبلاد الشام لم يكن هدفا استعماريا ولكن كان يهدف إلى تواصل الإخوة بين الشعبين الشقيقين.
وقال الدكتور أحمد سعيد، الحضارة السورية والمصرية حضارتان غارقتان فى القدم ويرجع شواهد الإنسان فيها إلى أكثر من مليون سنة من الآن بما يسمى بالعصور الحجرية القديمة فيما قبل التاريخ.
وأوضح سعيد أن الشعب المصرى والسورى توصلا إلى أهم المعطيات الحضارية لنشأة الحضارات وهى معرفة الزراعة ثم الاستقرار ونشأة الصناعات المختلفة وتوج ذلك قبيل التاريخ بمعرفة الكتابة التى تميزت فى مصر وسوريا بشكل خاص عن بقية حضارات المنطقة طوال العصور التاريخية التى بدأت تقريباً فى البلدين من الألف الثالث قبل الميلاد وقد تميزت الحضارتين بالتقدم فى معظم المجالات.
وأكد سعيد أنه منذ الدولة الحديثة أى حوالى 1600 ق. م وبعد طرد الغزاة الهكسوس أصبحت الأراضى السورية هى العمق الإستراتيجى لحماية مصر فقد قامت هناك معركة قادش الشهيرة بين الجيش المصرى بقيادة رمسيس الثانى " خلال الأسرة 19 حوالى 1250 ق.م " وبين الحيثيين الذين كانوا فى الأناضول " تركيا الحالية" وكان الصراع على السيطرة على الممالك السورية.
وأضاف سعيد أن الحضارة الفينيقية السورية هى التى صدرت لغتها إلى العالم الغربى الذين يعتبره البعض أصلاً للغات الأجنبية ويرى بعض المفسرون والمؤرخون أن "إرمَ ذاتِ العماد " التى ذكرت فى القران تفسير إلى الأراضى السورية، والتشابه بين الحضارة المصرية والسورية يرجع إلى تفاعل الإنسان المصرى مع السورى القديم مع بيئته بما فيها من مواد طبيعية وإبداعية للمعطيات الحضارية المعمارية وغير المعمارية طبقاً للثقافة التى كانت متأثرة بلا شك بالمعتقدات الدينية لكل من السوريين القدماء والمصريين القدماء ولا سيما فى الفنون وإقامة المعابد والقصور.