بأياديهم يحركون خيوط الماضى الراكدة فى الذاكرة، وينبشون فيها عن أيام الزمن الجميل بعرائسهم الماريونيت التى تشبه الواقع بأدق تفاصيله، ولا تفشل فى انتزاع ابتسامة حنين من شفاة عجوز، وضحكة طفل، وانبهار شاب وفتاة ربما ستسجل تلك اللحظة تاريخ عشقهم الأبدى للتراث الفنى القديم الذى طالما سخروا منه، واستبدلوه بكل ما هو جديد وسريع.
البداية كانت ببث الروح من جديد لكوكب الشرق وكامل فرقتها عام 2007 لتعود لتطرب مستمعيها فى موعدها الثابت، الخميس الأول من كل شهر، ثم عاد خلفها العندليب الأسمر وفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب، وأبو ضحكة جنان باسكتشاته الغنائية المبهجة.
لم يوقظ محركو خيوط الماريونيت أهل الفن فقط من مرقدهم، وإنما اتسعت عروضهم لتعيد لنا أهل السياسة والدين، وسر نجاحهم فى إحياء الماضى يكشف عنه "محمد فوزى" مدير مسرح عرائس ساقية الصاوى، والشهير ببكار.
تحدث بكار قائلا أهم شرط فى مُحرك العرائس يقتنع أنه "عروسة" عشان يقدر يخلى كل طاقته تنعكس على أداء العروسة على المسرح ويبهر الناس من غير ما حد يشوفه".
واستكمل الحرفية والاهتمام بأدق التفاصيل سبب آخر للنجاح "بدأنا بحفلات أم كلثوم وتعرض فى نفس الميعاد الشهرى اللى كانت بتلتقى فيها جمهورها، ومع دقات الساعة بتفتح الستار وتظهر كوكب الشرق متوسطة فرقتها اللى صممنا بالعرائس أفرادها المعروفين بالكامل، وفى كل حفلة بتظهر بفستان جديد وإكسسوارت مسئول عنها مصممين وترزية متخصصين، وبالإضافة للمحركين اللى عددهم بيتراوح من 10 لـ15 محركا معنا مايسترو للمحركين "شذى الصاوى" بتخلينا نذاكر النوتة الموسيقية قبل كل عرض عشان ميكنش تحريك العازفين عشوائى" مبررا اهتمامهم بكل هذه التفاصيل" ده تراث سيدة الغناء العربى وإحنا عارفين مدى المسئولية اللى علينا".
وأشار إلى أن "الماريونيت" فن شامل مثلما يحب أن يسميه "بكار" ودليله على ذلك "إحنا بنصمم العرائس على الورق وبعدين نعمل استكتش تنفيذ بيترسم فيه كل عضلة بمقاساتها، بنختار الأزياء والإكسسوارات المناسبة بعد ما نقرأ النص، ونصنع جسم العروسة من الخشب وننحت وجهها، وبنتعلم ميكانيزم التحريك، ولازم نبقى فاهمين مونتاج وصوتيات".
كما أن فكرة إعادة أم كلثوم كانت لمحمد الصاوى وبعدها تعاون الفريق فى طرح الأفكار، ويعدد الفنان العشرينى عروضهم: "بعد نجاح عروض كوكب الشرق، فكرنا فى عمل حفلات مماثلة لحليم وفريد وعبد الوهاب وبعيدا عن الفن عملنا عروضا لابتهالات النقشنبدى ببتعرض فى رمضان والمناسبات الدينية، وخطب لعبد الناصر فى المناسبات الخاصة وفيه كمان عروض لفرق غنائية من التراث الغربى".
"شكرا أنك رجعتلنا أيام زمان" هى أكثر جملة تطرب "أحمد نعيم" مدير مسرح العرائس الذى بدأت قصة حبه للماريونيت عام 2007، وسافر بعدها إلى لندن لعمل دراسة متخصصة ولكنه يؤكد أن تعلم هذا الفن ليس صعبا" ممكن واحد يتعلم فى أسبوعين وواحد فى شهرين أو أكتر حسب حبك للعرائس وأنك تصدق أنها مهمة ومؤثرة فى الأطفال والكبار، ومشكلتنا فى مصر أن مفيش كتير بيكتبوا للأطفال وبنعتمد على "الصاوى" فى تأليف المسرحيات التربوية اللى بنقدمها للأطفال فى الساقية، وبنعمل ورش لكل اللى حابب يتعلم تحريك العرائس عشان الفن ده يرجع زى زمان وكلنا تربينا على "الليلة الكبيرة".
محمد إبراهيم شاب عشرينى إلا أن عمره فى تحريك العرائس "شهر واحد"،"بحب الماريونيت من وأنا فى المدرسة، لكن اتعلمتها بشكل احترافى من شهر والموضوع كان سهل جدا، وعن مشاركته فى حفلات أم كلثوم "بتخيل نفسى واحد من فرقتها وبعيش فى الدور خصوصا لما الجمهور يصفق ويهتف لها".
فنانو الماريونيت يكشفون أسرار عودة زمن الفن الجميل وعشقهم له
الأحد، 29 سبتمبر 2013 12:17 ص
فن الماريونيت
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة