المواطنة كلمة استحدثت للتعبير عن تحديد الوضع الحقوقى والسياسى للفرد فى المجتمع، والمواطن هو إنسان يستقر فى بقعة أرض معينة وينتسب إليها، أى مكان الإقامة، ويعود مفهوم المواطنة قديمًا إلى زمن الديمقراطية المباشرة الإغريقية التى تعتبر أساس ديمقراطية العالم اليوم.
وجوهر المواطنة يعتمد على انتماء الفرد وولائه لوطنه، وهذا يحتم أن تكون المواطنة قائمة على أساسيين جوهريين هما: المشاركة فى الحكم، والمساواة بين جميع المواطنين، أما المفهوم الاصطلاحى للمواطنة يشير إلى حق كل مواطن فى تقرير مصير وطنه، أيضًا يعنى المساواة بين المواطنين بصرف النظر عن الدين. من هنا نرى أن أبسط معانى المواطنة هو عدم التمييز بين أفراد الشعب على أساس العرق أو القبيلة أو المذهب والأهم الديانة، بحيث يمكن الانتماء للوطن والالتزام بقانون الدولة هو المعيار الأساسى للحصول على كافة الحقوق والواجبات.
أما علاقة الدين بالمواطنة فهى وثيقة ووطيدة، يمكن تصورها فى دوائر منها ما هو مرغوب طبعًا ومطلوب شرعًا، كحق الحياة والعدالة والمساواة وحق الضمان الاجتماعى فالدين بصفة عامة يحث على احترام الأفراد، ومراعاة الحقوق بصرف النظر عن لونهم وشكلهم، المهم هو مبدأ العيش بسلام وأمان، فالدين والمواطنة شيئان متلازمان وأساسيان لتقدم الوطن، بدون الدين لا أخلاق ولا مبادئ ولا قيم، وبدون المواطنة لا حرية ولا تقدم ولا استقرار.
أما مفهوم المواطنة فى الإسلام نجد أنها احتلت مكانة متميزة، فالمسلم المواطن فى بلاد الأكثرية والدولة غير مسلمة يجب عليه احترام قوانين هذا البلد الذى يحمل جنسيته، ولقد أراد الله سبحانه وتعالى بالتنوع والاختلاف فى اللون والقومية واللغة فى الخلق، (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) لحكمة اقتضاها، ولو شاء ما كان هناك اختلاف وتنوع بين البشر، ومع ذلك جعل الله حب الوطن غريزة، والدفاع عنه فريضة، ولقد جاء فى الحديث (حب الوطن من الإيمان) ولنا فى حب رسول الله للوطن أسوة حسنة وقدوة طيبة ومثالا يحتذى به، عندما خرج مهاجرا من مكة نظر إليها قائلا (والله إنك أحب البلاد إلى الله وأحب البلاد إلى قلبى ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت).
وقد يظن بعض الناس أن الدين ينافى الوطنية، ولكن الدين والوطنية توأمان متلازمان، وأن الرجل الذى يتمكن الدين من قلبه يحب وطنه حبا صادقا. والإسلام نظر إلى حب الوطن على أنه ميل فطرى راسخ فى النفس، فلم يقيده بمضامين أى نزعة من النزعات ذات المنحنى العنصرى، بل ربطه بالدين، وعمل على دمج البشرية بعضها ببعض دون تمييز على أساس الحدود الجغرافية، فمد بذلك مفهوم الوطن على امتداد العقيدة، ووسع مفهوم الوطنية لتكون انتماء فطريا إلى الأرض وموالاة دينية لعقيدة الإسلام ومبادئه، كما أن الإسلام جعل الوطنية حقا من حقوق الشعوب، والمحافظة عليه حياة لها بين الأمم، فلا معنى لحياة أمة وهى تفقد استقلالها فى أرضها، وتعيش تحت سيطرة عدوها، فالدين والمواطنة وجهان لعملة واحدة، وهو تقدم المجتمع. لذا يجب أن نحرص على تعليم النشء حب الوطن، ونغرز فيهم الدفاع عنه، وكذلك احترام قوانين الوطن.
د. عماد الدين إبراهيم عبد الرازق يكتب: الدين والمواطنة
الجمعة، 17 أكتوبر 2014 02:00 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الحاج / أحمد
من قتل دون أهله فهو شهيد