عندما تسمع عن "مدن الأشباح" يخيل لك أنها مدن خاوية على عروشها ولم يعد يقطنها أحد، ولكن هل تعلم أن هناك دولة يقطنها أشباح حقيقية جبنا إلى جنب مع سكانها، يجوبون أطرافها بحرية خاصة فى فصل الشتاء، بعضهم لطفاء، وآخرون سريعو الغضب، وبعضهم يحبون الغناء وآخرون لديهم مشكلة متعلقة بالماء، ولكن الغريب أنهم مرحب بهم ولا يخشاهم السكان، هذه الدولة هى أستونيا التى تقع فى أوروبا الشرقية ويبلغ تعداد سكانها 1.3 مليون نسمة.
ورغم أنى لم أول اهتمام لأصوات نقل الأثاث التى سمعتها من غرفة الفندق فى منتصف الليل والذى يقع قبالة "المدينة القديمة" بالعاصمة تالن، ويعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر وضمتها اليونسكو إلى قائمة التراث العالمى، إلا أننى اكتشفت لاحقا أن هذه المنطقة تعرف بأنها مسكونة بالأشباح، عندما التقيت مع وفد صحفيين مصريين دعته الخارجية الأستونية لحضور دورة تدريبية، بباربرا ليتنا، المرشدة السياحية فى مدينة بارنو، العاصمة الصيفية لأستونيا.
وتقول باربرا إن أستونيا تمكنت من الاحتفاظ بإرث العصور الوسطى بالمحافظة على الأبنية والشوارع التى شهدت تناوب الاستعماريين عليها وعانت من ظلم وقهر وقتل، فضلا عن أنها كانت من الدول التى أهلكها الطاعون، لذا ترى أنه من الطبيعى وجود أشباح.
الكاهن عازف الناى
1- كنيسة ساينت كاثرين ببارنو فى أستونيا
وبدأت باربرا جولتها من كنيسة سانت كاثرين، تلك الكنيسة التى بنيت فى 1764-1768 وسميت تيمنا بالإمبراطورة، كاثرين وبنيت على الطراز الروسى وكانت مصدر إلهام من ناحية التصميم المعمارى، وقالت إنه قبل عدة أعوام كان هناك فندق بالقرب من الكنيسة وكانت هناك امرأة شابة تأتى كل عام وتقضى بعض الوقت فى الصيف، وسمعت فى إحدى الليالى صوتا رائعا لكاهن يغنى ويعزف الناى، واعتقدت أن الصوت يأتى من الكنيسة ولكنها استغربت لأن الوقت حينها كان منتصف الليل، وفى الليلة الثانية سمعت نفس الصوت يغنى ويعزف، وشعر قلبها بالاطمئنان كأنها المرة الأولى التى تسمع فيها غناء ونامت نوما هانئا، وفى الليلة الثالثة سمعت نفس الصوت فى نفس الوقت، وعندما استدارت وجدت كاهنا ممسكا بالناى ويعزف بجانبها على السرير، ولكن الغريب أنها لم تشعر بالخوف وظلت تستمع إليه فى صمت وسكينة، وعندما ذهبت للكنسية اليوم التالى أدركت أنه لا يوجد أى كهنة يغنون، وعلمت أن هناك رسالة لها، وبعد ذلك بشهرين، اكتشفت أنها مصابة بسرطان الثدى ولكن فى مراحله الأولى وخضعت للعلاج وأصبحت بخير حال وهى الآن حية ترزق وبصحة جيدة، ولكنها تعهدت أن تتبرع كل عام للكنيسة.
شبح الماء
2 جانب من منازل بارنو القديمة التى يعتقد أن الأشباح تسكنها
ثم تحدثت باربرا عن منزل الأشباح الذى اضطرت هى وأصدقاؤها من الممثلين أن يستأجروه عندما اشتركوا فى عمل مسرحى كان بالقرب منه، واستأجروه من السلطة المحلية فى بارنو مقابل مبلغ زهيد، وسردت كيف كانت هى وزملاؤها عائدين بعد يوم عمل شاق إلى المنزل، وبمجرد أن فتحوا بابه، انهمرت المياه التى أغرقت الدور الأرضى من المنزل، وسارعوا إلى الصنابير الموجودة بالمنزل لإغلاقها، ولكن لدهشتهم، وجدوها جميعها مغلقة. وقال لهم السباك عندما استدعوه إن المياه لم تأت من صنابير المياه ولا يعلم مصدرها، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فباربرا نفسها كانت تسير فى الدول الثانى من المنزل وعند نزولها شعرت بضعف مفاجئ فى ركبتها فوقعت، ولم تكن الوحيدة فالكثير من زملائها وقعوا فى نفس المكان وكأنما هناك شىء يعيق طريقهم فى هذه البقعة.
فما كان منهم إلا استدعاء رجلا يعرف بقدرات روحية، وقال لهم إن هناك شبحا فى المنزل له علاقة بالماء ورغم أنه لطيف وغير مؤذى إلا أن صخب الشباب وتحركهم فى جميع أنحاء المنزل أثار غضبه، وعندما تحدث معه هذا الرجل، عاد كل شىء إلى طبيعته واستطاعوا أن يستمروا فى البقاء فى المنزل.
زفاف الشيطان
3 - غرفة زفاف الشيطان فى شارع راتاسكافو المبنى 16 غرفة رقم 6
وإن كانت قصص الأشباح منتشرة فى بارنو، فهى جزء من ثقافة سكان العاصمة تالن، بسبب وجود المدينة القديمة، التى شهدت هى الأخرى الكثير من الأحداث منذ القرن الثالث عشر، ويدرك السكان والمستأجرون أنهم يتشاركون حياتهم مع أشخاص من الماضى ولا يخشون ذلك، ومن بين هذه الأماكن شارع راتاسكافو وبالتحديد المبنى 16 غرفة رقم 6، ويقول موقع "إن يور بوكيت" لإرشادات السفر إنه إذا كنت تسير تحت المبنى الذى يعود للقرن الخامس عشر ونظرت لأعلاه ستجد أن إحدى النوافذ مكسورة من الدخل ومرسوم عليها ستائر، هذه الغرفة تسمى غرفة الشيطان وتعد مكان أشهر أساطير الأشباح فى أستونيا.
ويروى أن رجلا غامضا يرتدى معطفا طويلا عرض مبلغا كبيرا على صاحب هذا المنزل لاستئجار الدور العلوى لإقامة حفل بشرط الخصوصية التامة، وفى ليلة الحفل، كانت هناك ضوضاء وكأن هناك مائة شخص يتحركون فى المكان، وعند الساعة الواحدة صباحا، توقفت الضوضاء وكأن الحفلة اختفت، وفى اليوم التالى، شعر خادم صاحب المنزل، الذى كان يتجسس على الحفل من ثقب المفتاح، بمرض شديد، وقبل أن يموت، زعم أنه رأى الشيطان بنفسه يقيم حفل زفاف فى الطابق.
وعلى مدار قرون، سمع من يمر أمام المنزل فى وقت متأخر من الليل أصوات احتفالات لا يمكن تفسيرها، ولم تتوقف أصوات الضوضاء إلا عندما قام مالك جديد للمنزل بكسر النافذة نظرا للشكاوى المتعددة التى تلقاها.
وقال بول ريميت، أحد مالكى مطعم السوشى فى جزء من المبنى، لموقع "إن يور بوكيت" إنه عند تجديد المبنى وجد الكثير من التحف مخبأة فى الجدران من بينها العملات ومستندات وعظام بشرية.
برج البوابة وروح جلاد المدينة المعذبة
4 - برج البوابة الذى رأى البعض أشباحا تحوم حوله
ويعد برج البوابة الذى يقع أعلى شارع لوهايك جلاك، أكثر بقاع المدينة القديمة سكنا للأرواح، فالكثير من شهود العيان رأوا أشباحا لاثنين من الكهنة وسيدة ترتدى فستانا تصميمه قديم، وكلب نافخ للنيران، ويقول موقع "إن يور بوكيت" إن هناك مجموعة من علماء الأرواح تواصلوا عام 1930، مع روح معذبة لكاهن كان يعمل جلادا للمدينة فى مستهل حياته، ولم يكفر عن مهنته تلك.
برج تاليتورن.. سجن مسكون بالأشباح
5- أحد أبراج المدينة القديمة المسكونة
هذا البرج هو الثانى من ثلاثة أبراج كانوا يحمون المدينة منذ القرن الثالث عشر، ولم يخل هو الآخر من زوار الماضى، فهو كان سجنا للجرائم الصغيرة فى القرن السادس والسابع عشر ولطالما عرف بوجود الأشباح حتى قديما، ويحكى أن أحد المسئولين فى المدينة كان متشككا من وجود مثل هذه الكائنات وشعر بالضجر من كثرة الشكاوى المساجين بشأن وجود هيكل عظمى متوهج يعذبهم عند دخول السجن، وقرر أن ينقل جميع السجناء، وقضى الليلة هناك وحده، وللأسف لا يعرف أحد ماذا رأى لأنه أخرج من البرج الصباح التالى وهو فى حالة جمود وتوفى بعدها بعدة أيام.
برج العذراء نيتسيتورن.. الأشباح يستمتعون بجذب تنانير وأكمام النادلات
6- برج العذراء وجانب من المدينة القديمة
أما هذا البرج فكان سجنا للعاهرات، وأصبح الآن مقهى، ورغم مرور الوقت، وتزايد أعداد زائريه إلا أن قاطنيه من الأشباح لم يقتنعوا بتركه، بل يستمتعون بشد تنورات وأكمام النادلات، ويعرف هذا البرج بأنه مسكون ويقول العاملون بالمقهى إنهم استمعوا على مدار أعوام لضوضاء وأصوات خطوات وهمهمات فى المقهى ويرون أحيانا كاهنا يشرب الخمر.
سر وجود الأشباح فى أستونيا
تقول باربرا إن هناك الكثير والكثير من قصص الأشباح التى يرددها الأستونيون، ولكن هناك روايات تقول إن سر وجودها سببه رجل فقير كان من عائلة لديها جينات لا تصاب بمرض الطاعون الذى ضرب أوروبا بين عامى 1347 و1352 وتسبب فى موت ما لا يقل عن ثلث سكان القارة، فكان هو مسئولا عن دفن من مات جراء المرض، وبعد عدة أعوام، أصبح ثريا ذو نفوذ ويقال إنه كان يسرق من بيوت الموتى، لذا كل منزل سرق منه سكنته الأشباح.
كنيسة ساينت كاثرين ببارنو فى أستونيا
جانب من منازل بارنو القديمة التى يعتقد أن الأشباح تسكنها
غرفة زفاف الشيطان فى شارع راتاسكافو المبنى 16 غرفة رقم 6
برج البوابة الذى رأى البعض أشباحا تحوم حوله
أحد أبراج المدينة القديمة المسكونة
برج العذراء وجانب من المدينة القديمة
إحدى أكبر ساحات المدينة القديمة
المدينة من داخل أحد الأبراج
مدخل المدينة القديمة والذى تحرسه بوابة ببرجين
جانب من المدينة القديمة
منازل بارنو عاصمة أستونيا الصيفية
جانب من المدينة القديمة
أخبار متعلقة..
استونيا تسمح بتسجيل علاقات المثليين رسميا بدءا من عام 2016
روسيا الغائب الحاضر فى أستونيا بعد 24 عاما على الاستقلال.. الأزمة الأوكرانية تثير المخاوف من طموح موسكو باستعادة مجد الاتحاد السوفيتى.. مسئولون: عضويتنا فى الاتحاد الأوروبى والناتو توفر ضمانات أمنية
فقط فى أستونيا الأشباح تعيش بحرية بين الأحياء.. روح الكاهن عازف الناى تغنى لسيدة وتحذرها من السرطان.. وشبح الماء يعاقب مجموعة من الشباب لإزعاجه.. والأشباح تستمتع بجذب أكمام النادلات فى مقهى "العذراء"
الجمعة، 17 أكتوبر 2014 11:52 م
جانب من المدينة القديمة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة