«تزينت القاهرة لقدوم الملك المظفر قطز، والناس فى فرح مسرات بقتل التتار، فلما طلع النهار نادى المنادى فى الناس: «ترحموا على الملك المظفر، وادعوا لسلطانكم الملك القاهر ركن الدين بيبرس، فغم الناس ذلك»، هكذا لخص تقى الدين المقريزى طريقة إبلاغ الناس بمقتل «سيف الدين قطز» الذى ارتفع إلى المجد بانتصاره على التتار فى عين جالوت.
يذكر المؤرخ الدكتور قاسم عبده قاسم فى كتابه «عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسى والاجتماعى»، أن المشهد الذى ذكره «المقريزى» كان هو الأخير فى قصة بطل «عين جالوت»، ويضيف قاسم: «يبدو للناظر فى كتب التاريخ التى حفظت لنا هذه القصة أن سيف الدين قطز جاء لأداء مهمة تاريخية محددة، فما أن أنجزها توارى عن مسرح التاريخ بعد أن جذب الانتباه والإعجاب الذى جعل دوره التاريخى على الرغم من قصر فترته الزمنية كبيرًا وباقيًا».
قاد النصر على التتار فى «عين جالوت»، وبقى لفترة فى بلاد الشام لترتيب الأمور، ثم خرج من دمشق عائدًا إلى مصر، ولما وصل إلى بلد القصير وهى الآن «الجعافرة مركز فاقوس الشرقية»، بقى مع عدد من خواصه ورحل بقية الجيش إلى الصالحية، وفيها أقيم الدهليز السلطانى الخيمة السلطانية، وفى الوقت نفسه بلغت مسامع الأمير «ركن الدين بيبرس البندقدارى» أنباء عن أن قطز يضمر له السوء فبالغ فى الحرص والحذر، وبات الغريمان يتربص كل منهما بالآخر.
فى رواية «المقريزى» عن قصة مقتل «قطز» ويرجحها الدكتور قاسم أن قطز حين اقترب من الصالحية، انحرف فى مسيرة عن الدرب للصيد ومعه الأمراء، فلما فرغ من صيده وعاد طلب منه الأمير بيبرس امرأة من سبى التتار فأنعم بها عليه، فأخذ يد السلطان ليقبلها، وكانت إشارة بينه وبين الأمراء، فبدره الأمير «بدر الدين بكتوت» بالسيف، واختطفه الأمير «أنس» وألقاه عن فرسه، ورماه الأمير «بهادر المعزى» بسهم أتى على روحه، ودفن بالقصير «الجعافرة»، وفيما بعد تم حمله إلى القاهرة، فدفن بالقرب من زاوية الشيخ «تقى الدين»، ثم نقله الحاج قطز الظاهرى إلى القرافة، وتم دفنه بالقرب من زاوية «ابن عبود».
يظل قطز «المقتول»، و«بيبرس» بطلين فى تاريخنا، لكن هذه الدراما التاريخية والإنسانية بين البطلين تطرح السؤال: «كيف نضع هذه الجريمة فى ميزان التاريخ؟»، ويقدم قاسم عبده قاسم إجابة لافتة قائلاً: إن البناء السياسى لدولة سلاطين المماليك قام تطبيقا لمبدأ «الحكم لمن غلب»، وكان طبيعيا أن يفكر الأمير بيبرس فى إزاحة قطز من طريقه صوب العرش، ويرجح «قاسم» أن بيبرس ظن أنه الأحق بالعرش من قطز، لاسيما أنه صاحب دور كبير فى هزيمة الصليبيين بقيادة لويس التاسع فى المنصورة، ولعب دورًا كبيرًا فى هزيمة التتار فى عين جالوت، وكان بيبرس ابن عصره وتلك هى الأفكار التى كانت سائدة وقتئذ.
سعيد الشحات يكتب : ذات يوم 24 أكتوبر 1260.. بيبرس يقتل قطز فى «الجعافرة» بالشرقية.. والحزن يعم القاهرة بعد تزينها لاستقبال بطل «عين جالوت»
الجمعة، 24 أكتوبر 2014 08:53 ص
معركة عين جالوت
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة