شد الحزام على وسطك غيره مايفيدك
لابد عن يوم برضه ويعدلها سيدك
بديع خيرى المولود فى 1893 والمتوفى فى 1966، أول من كتب للسينما المصرية 1918، واحد من علامات الثقافة المصرية فى النصف الأول من القرن العشرين، تكمن ميزته فى إدراكه لقيمة التواصل مع الجمهور/ الشعبى، أكثر من مخاطبته للنخبة، يظهر ذلك فى أغنياته التى كتبها لفنان الشعب سيد درويش، وفى المسرحيات والأفلام التى كتبها لصديق عمره نجيب الريحانى.
إن كان شيل الحمول على ضهرك يكيدك
أهون عليك ياحر من مدت إيدك
أغنية "الشيالين" إحدى أغنيات رواية "قولوله" عام 1919 وقدمتها فرقة نجيب الريحانى، من ألحان وغناء فنان الشعب سيد درويش، وخاطبت الرواية العديد من الطوائف مثل المراكبية فى "البحر بيضحك" وكذلك أهل قنا فى "مليحة جاوى الجلل الجناوى" والبنت المصرية فى "ده بأف مين اللى يألس" وغيرها مثل "طلعت يا محلى نورها" و"يا ولد عمى" وغيرها.. وأغنية "الشيالين" تعنى لنا الآن فلسفة تعبر عن دور "الفن" فى تعبئة الشعب فى الظروف الطارئة، حيث كانت مصر تعيش ثورة شعبية عظيمة هى ثورة 19، والتى يراها كثير من المثقفين ومنهم نجيب محفوظ، أنها النموذج الحقيقى للثورة، نظرا لما أحدثته من تألق فى روح الشعب المكبوت منذ الخيانة التى تلقاها الزعيم أحمد عرابى على يد الحكومة الفاسدة والإنجليز قساة القلوب، وكأن المصريين كانوا ينتظرون هذه الظروف ليعبروا عن غضبهم.
قرب شيلنى شيل عمر الشدة ما تطول
لا تقولى كتير و قليل بكرا مش زى الأول
هيلا هيلا هيلا هيلا هيلا هيلا هيلا لسا
تتجاوز الأغنية الكثير من السهل والمباشر، وتتعدى كونها أغنية عن جماعة من "العمال المصريين" وتصبح "بلاغة شعبية" تتحول لقول مأثور، يرتبط بالهم الذى يلاقيه الإنسان المصرى، وما أكثره، وعن المعاناة المستمرة التى يدور فيها على طول تاريخه الذى هو تاريخ الوجود البشرى على هذه الأرض.
حقولك إيه وأعيد لك إيه كله له آخر
دى خبطة جامدة وجت على عينك ياتاجر
ياوحستك دلوقت لاوارد ولاصادر
يحلها ألفين حلال ربك قادر
ويحتمل بصورة كبيرة أن الأغنية وغيرها من أغنيات "المسرحية" قد حملت رسالة إلى الزعيم سعد زغلول ورفاقه المنفيين بأمر الإنجليز فى جزيرة "مالطة" فى تحد سافر للإرادة المصرية، وبالتالى قام الشعب بالمواجهة بكل الطرق المتاحة ومنها الفن.
بديع خيرى