المتنبى.. " أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم".. السقوط فى المظهرية

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014 04:03 م
المتنبى.. " أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم".. السقوط فى المظهرية المتنبى
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من أيّةِ الطُّرْقِ يأتى مثلَكَ الكَرَمُ
أينَ المَحاجِمُ يا كافُورُ وَالجَلَمُ

ليس هينا على أصحاب الأحلام الكبيرة أن ينتهوا مجرد مادحين فى ركاب من لا يرقى للغتهم ولا يفهم مقاصدهم ولا يدرك غايات أحلامهم، هكذا فعل المتنبى عندما وجد أن الحال انتهى به واحدا من أتباع "كافور الإخشيدى" والى مصر، بعد أن كان شريكا لسيف الدولة الحمدانى فى نصره هو بسيفه والمتنبى بكلماته التى تمجد ذلك السيف.

ساداتُ كلّ أُنَاسٍ مِنْ نُفُوسِهِمِ
وَسادَةُ المُسلِمينَ الأعْبُدُ القَزَمُ

عندما تتحطم الأحلام الكبيرة بسبب جهل الآخرين وانتهازيتهم، يعيد الإنسان ترتيب أفكاره، فما بالنا بشاعر كانت لديه أحلام سياسية يناطح بها السحاب، ثم وجد نفسه مجرد مغنى لـ"أراجوز" ليس له وزن، عندها يبدأ الشاعر يعيد حساباته الخاسرة من جديد.

من أيّةِ الطُّرْقِ يأتى مثلَكَ الكَرَمُ
أينَ المَحاجِمُ يا كافُورُ وَالجَلَمُ

المشهور عن هذه القصيدة أنها فى هجاء "كافور الإخشيدى" وأنها آخر ما قاله فيه، وبها هجوم على المصريين لأنهم رضوا بهذا العبد الأسود حاكما عليهم.. لكن الحقيقة هى أن المتنبى إنما يهجو نفسه لأنه فكر بهذه الطريقة وباع ما كان يملكه من مكانة فى "حلب" بالإقلال الذى لقيه فى " مصر" وهذا هو جوهر القصيدة.. لقد سقط هو فى فخ "الشكل".. وإن كانت كل شروح ديوان المتنبى أكدت أنه يهاجم "الشكل الذى يتبعه المصريون من الاهتمام بالدين من حيث المظاهر ثم يتركون باقى شعائره ومنها أن يحكمهم ذلك العبد).. والمعنى الأساسى الذى يقصده المتنبى إنما هو الانتصار لجوهر الأشياء.

ويعكس وجود "كافور" حاكما على مصر، ووجود المتنبى فى مصر فى هذه الظروف الخلل الذى أصاب المجتمع العربى والإسلامى فى تلك الفترة التاريخية الممتلئة بالتشرذم، بما يؤكد ضياع الأحلام ليس أحلام المتنبى فقط لكن الأحلام العامة لحضارة تملأ الدنيا.

القصيدة :

من أيّةِ الطُّرْقِ يأتى مثلَكَ الكَرَمُ أينَ المَحاجِمُ يا كافُورُ وَالجَلَمُ
جازَ الأُلى مَلكَتْ كَفّاكَ قَدْرَهُمُ فعُرّفُوا بكَ أنّ الكَلْبَ فوْقَهُمُ
ساداتُ كلّ أُنَاسٍ مِنْ نُفُوسِهِمِ وَسادَةُ المُسلِمينَ الأعْبُدُ القَزَمُ
أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم يا أُمّةً ضَحكَتْ مِن جَهلِها الأُمَمُ
ألا فَتًى يُورِدُ الهِنْدِى هَامَتَهُ كَيما تزولَ شكوكُ النّاسِ وَالتُّهمُ
فإنّهُ حُجّةٌ يُؤذى القُلُوبَ بهَا مَنْ دينُهُ الدّهرُ وَالتّعطيلُ وَالقِدمُ
ما أقدَرَ الله أنْ يُخْزِى خَليقَتَهُ وَلا يُصَدِّقَ قَوْماً فى الذى زَعَمُوا










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة