أبو الخير نجيب.. "سيدى.. أنا لا أقبل المساومة على حريتى" الصحافة الحق

الخميس، 13 نوفمبر 2014 04:00 م
أبو الخير نجيب..  "سيدى.. أنا لا أقبل المساومة على حريتى" الصحافة الحق أبو الخير نجيب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التاريخ المصرى القديم والحديث حافل بالنماذج التى كان لها دور كبير فى صناعة حاضر ومستقبل هذا البلد، هؤلاء حملوا على عاتقهم بناء وطن يكون قادرا على المواجهة، وفى سبيل ذلك تحملوا الكثير من العناء والألم والظلم والتجاهل، لا يحتمله إلا أصحاب الأفكار العظيمة والمؤمنين بدورهم وبمعنى وجودهم ومن هؤلاء "أبو الخير نجيب".

رحل، أمس، الفنان الكبير أحمد طوغان، لكنه ترك لنا شهادته حول عصر ممتلئ بالرجال الذين بنوا مصر، وفى هذه الشهادة التى حملت اسم "أحمد طوغان سيرة فنان صنعته الآلام" تكلم عن المناضل الشجاع أبو الخير نجيب، وقدمه كنموذج يجب أن يقتدى به فى الصحافة والحياة.

عندما كان "أبو الخير" محررا فى "الأهرام" ذهب لمقابلة رئيس الوزراء إسماعيل صدقى، ولما طال الانتظار وتجاوز ثلاثة أرباع الساعة، وكان ذلك فوق احتمال "أبو الخير" الذى ذهب إلى جريدة الأهرام ودخل مكتب رئيس التحرير أنطون الجميل باشا، وصمم على استقالته إذا لم يسمح له بالرد على إهانة "رئيس الوزراء"، وانعقد مجلس إدارة "الأهرام" وانتهى بعدم نشر أى شىء أو أى خبر أو أى صورة أو أى تعليق أو أى مقال عن إسماعيل صدقى، واستمر ذلك شهراً كاملاً، مما أفقد رئيس الوزراء الصبر واضطره للذهاب لـ"الأهرام" ليعتذر لـ"أبو الخير نجيب".

أما مقاله الشهير "التيجان الهاوية" والذى نشره 1948، والتى اعتبرته النيابة عيباً فى الذات الملكية، وبدأت الدولة البوليسية فى مطاردة المقال وجريدة "الجمهور المصرى" ومصادرة العدد ومحاكمة أبو الخير نجيب، لكن القضاء لم يوافق على هذه المصادرة، ولأن الملك فاروق اعتبرها مسألة شخصية فقد دفع النيابة لرفض الإفراج عن "أبو الخير" وأبقوه فى الحبس، فتدخل وزير العدل واتصل بالنائب العام الذى أخبره بأن هذه أوامر القصر، حينها قدم وزير العدل للنقراشى باشا رئيس الوزراء "استقالته" وبعدها هدد النقراشى القصر بأنه لو لم تحل مشكلة أبو الخير نجيب ويتم الإفراح عنه فسوف تقدم الحكومة استقالتها، ولما استدعى النائب العام "أبو الخير" من الحبس وقال له:

- مبروك لقد قررنا الإفراج عنك بلا ضمان، بشرط أن تعدنى وعد شرف بوقف نشر مقالات فيها هذه الحدة
فرد عليه "أبو الخير":
- سيدى.. أنا لا أقبل المساومة على حريتى.


واستمر أبو الخير نجيب فى مهاجمة أعداء الوطن من الفاسدين والاحتلال الأجنبى وكون "الغرفة 8" فى جريدة الجمهور المصرى، وكان دورها مساعدة الفدائيين الذين يحاربون الإنجليز فى مدن القناة، حيث كانت توجد المعسكرات الإنجليزية.. وظل أيقونة كبرى للنضال حتى جاءت ثورة 1952.

وبعد الثورة ظلت مقالاته النارية فى نقد السلبيات وطالب باحترام حرية الصحافة وسيادة القانون، ولما حدثت أزمة مارس بين محمد نجيب والضباط الأحرار طالب أبوالخير نجيب بـ"عودة الضباط لثكناتهم وترك الحكم للشعب".. بعدها تم تقديم أبو الخير للمحاكمة العسكرية التى اتهمته بـ"الخيانة" وكان نص الاتهام:

"فى غضون سنة 1953 اتصل بجهات أجنبية تعمل ضد النظام الاجتماعى والسياسى القائم فى البلاد بقصد معاونتها على تحقيق أهدافها.. وفى غضون سنة 1953-1954 عمد إلى الاتصال بطوائف العمال والطلبة وتحريضهم على التمر د والعصيان وامتهن الصحافة ولا يلتزم دستورها وأهدافها القومية.

حكم على أبو الخير نجيب بالإعدام لكنه خفف لأشغال شاقة مؤبدة وبالتجريد من شرف المواطن.. وقضى "أبو الخير 19 سنة فى السجن، خرج بعدها بإفراج صحى بأمر من السادات، ثم مات أبو الخير فى حادثة سيارة أمام نقابة الصحفيين ليظل دمه أمام بابها شاهدا على الدور الحق للصحفى.












مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة